“مشروع قانون النقابات الجديد: خطوة نحو تحديث التنظيم أم قيود إضافية؟”
الرباط – عاد الجدل حول مشروع قانون الإضراب إلى الواجهة في المغرب، بعد أن طلب حزب العدالة والتنمية، أحد الأحزاب المعارضة البارزة، من رئيس مجلس النواب إحالة المشروع إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للحصول على رأي استشاري. هذا الطلب يأتي وسط موجة من النقاشات الساخنة التي أثارها القانون الجديد منذ طرحه لأول مرة.
مشروع القانون: تنظيم أم قيود جديدة؟
منذ أن قدمت الحكومة مشروع قانون الإضراب إلى البرلمان في أكتوبر 2016، ظل المشروع عالقاً في أروقة البرلمان بسبب الخلافات حول تفاصيله بين الحكومة والنقابات والأحزاب السياسية. وبعد سنوات من الجمود، عاد المشروع إلى دائرة الضوء مع بدء مناقشته في لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب في يوليو الجاري.
النقابات تعبر عن رفضها الشديد لمشروع القانون، معتبرةً أنه يمثل تقييداً غير مبرر للحق في الإضراب. بنود القانون، وفقًا لانتقادات النقابات، تتعارض مع الحقوق الدستورية المنصوص عليها في الفصل 29 من الدستور المغربي، والذي يضمن حق الإضراب كوسيلة للتعبير عن المطالب والاحتجاج.
تحليل مشروع القانون: تباين في التوجهات
المشروع الجديد يركز بشكل ملحوظ على القطاع الخاص، حيث تم تخصيص 22 مادة من أصل 49 لتنظيم شروط ممارسة الإضراب في هذا القطاع. وفي المقابل، فإن القوانين المتعلقة بالقطاع العام تمثل فقط أربعة مواد، مما يثير تساؤلات حول مدى شمولية المشروع وقدرته على معالجة القضايا المتعلقة بالحق في الإضراب في القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة.
إدريس عدة، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، يرى أن “قانون الإضراب هو قانون تكبيلي للحق في الإضراب المضمون منذ سنة 1962”. ويضيف: “هناك قوانين أخرى كفيلة بتدبير هذا الحق، مثل القانون الجنائي والقانون المدني وقانون الحريات العامة”. ويعتقد أن فرض قيود إضافية على هذا الحق قد يكون له آثار سلبية على حقوق العمال، حيث سيشجع المقاولات على عدم الالتزام بقانون الشغل.
آراء النقابات: بين التأييد والرفض
تتباين آراء النقابات حول مشروع القانون. مصطفى جعى، رئيس نقابة الممرضين المستقلين، يعبر عن قلقه من أن المشروع يقيّد الحقوق العمالية ويعاقب النقابات. يقول جعى: “مشروع قانون الإضراب يفرض غرامات مالية على المشغلين والنقابات، ويحد من القدرة على ممارسة هذا الحق بشكل فعال”. كما يشير إلى أن القانون يتضمن بنوداً زجرية قد تؤدي إلى تقييد شديد للحق في الإضراب، وتمنع النقابات من الدفاع عن حقوق العمال بشكل فعّال.
عبد الله فناتسة، نقابي في الاتحاد المغربي للشغل، يعتبر أن “مشروع قانون الإضراب هو هجوم على حقوق الشغيلة وعلى مدونة الشغل”. ويضيف أن القانون المطروح يهدف إلى تقييد حقوق العمال وإضعاف قدرتهم على ممارسة هذا الحق. ويتهم الحكومة الحالية والسابقة بأنها مجرد أدوات لتنفيذ سياسات اقتصادية تمليها المؤسسات المالية الدولية.
التوازن بين الحقوق والمصالح: التحديات المقبلة
النقاش حول مشروع قانون الإضراب يسلط الضوء على الحاجة إلى تحقيق توازن بين حماية حق الإضراب وضمان استمرارية العمل والإنتاج. المتتبعون يرون أن التوجه الحكومي نحو تقنين هذا الحق يتطلب مراعاة المعايير الدولية والمواثيق الخاصة بحقوق العمال، لضمان عدم المساس بمبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الشغيلة.
الخطوات القادمة: ماذا ينتظر؟
المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير مشروع قانون الإضراب. سيتعين على الحكومة التوصل إلى توافق مع النقابات والأحزاب السياسية لضمان تحقيق توازن بين مصالح جميع الأطراف. كما سيكون من الضروري النظر في كيفية تأثير هذا القانون على السلم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية في المغرب.