دفع الوضع الاجتماعي المتردي بالمملكة في ظل استمرار الزيادات في اسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات الى اعلان عدة نقابات بمجالات مختلفة، خوض احتجاجات شعبية عارمة في 28 مدينة مغربية مساء السبت تلبية لدعوة الجبهة الاجتماعية المغربية، للتنديد بارتفاع تكاليف المعيشة و بالقمع المنهجي لمختلف الفئات الاجتماعية والأصوات الحرة بالمملكة، وسط مؤشرات تنبئ “بانفجار اجتماعي غير مسبوق”.
من جهتها ، قالت فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن “فدرالية اليسار الديمقراطي” (معارضة) إن المغاربة يعيشون أوضاعا متردية أمام تغول الرأس المال وعجز الحكومة.
وأشارت التامني خلال مشاركتها في الاحتجاجات التي دعت لها الجبهة الاجتماعية للتنديد بغلاء الأسعار نهاية الأسبوع، أن الحكومة لا تمتلك الإرادة وليس له تصور من شأنه أن يقدم أجوبة حقيقية على انتظارات المواطنين.
وأوضحت أن الوعود الانتخابية الكثيرة التي قدمتها الحكومة لم تكن نابعة من استيعاب تصور حقيقي للواقع، بقدر ما كانت مجرد ممارسة للتضليل في إطار حملة انتخابية همها الوحيد جلب أصوات الناخبين.
وأكدت التامني أن الحكومة عاجزة عن الوفاء بوعودها، ويظهر اليوم أنها تلجأ إلى سياسية إغناء الغني وإفقار الفقير، بعيدا عن ما ينتظره الشعب المغربي.
ولفتت إلى أن أوضاع المغاربة تفاقمت بسبب الارتفاع غير المسبوق للأسعار سواء فيما يخص المحروقات أو المواد الأساسية، مشددة على أن الحكومة تتجاهل هذا الوضع ولا تستطيع تقديم أجوبة حقيقية ترفع الظلم والحيف والحكرة الممارسة على مختلف شرائح المجتمع المغربي.
ويتعالى الغضب في الشارع المغربي بعد ان “طفح الكيل” كما يعبر عن ذلك المواطنون، جراء الغلاء الفاحش الذي ألهب جيوبهم وأثر بشكل كبير على مقدراتهم الشرائية.
وفي ظل الوضع الذي يزداد قتامة جراء سياسة الآذان الصماء التي تنهجها الجهات المسؤولة، أكد الطيب مضماض، منسق الجبهة الاجتماعية المغربية بسلا أن الاحتجاج سيتواصل حتى اسقاط الفساد والاستبداد والغلاء، ان هذه الأشكال الاحتجاجية ستتواصل حتى إسقاط الغلاء الذي “يعد نتيجة طبيعية لسياسات الدولة المغربية وحكومة الباترونا”، منبها الى ان الزيادة في الاسعار التي فرضت على الشعب المغربي، تخدم مصالح المسؤولين في الحكومة خاصة فيما تعلق ببيع المحروقات والزيوت والاسماك.
وقديماً كان رجال الأعمال يخسرون المنافسة في مواجهة الشخصيات القومية المعروفة بحسها وولائها وانتمائها للشعب والوطن، وقديماً أيضاً كان رجال الأعمال يهتمون بأعمالهم وتجارتهم فقط، وكانت السياسة من نصيب أهلها، لكن الصورة تغيرت، وأصبحت السلطة هدفاً وأمنية، وحلماً لرجال الأعمال، ففي غياب الضمير، يسلك رجال الأعمال مسالك عدة للسيطرة على السلطة، منها البقاء خارج دائرة السلطة، والعمل على اختطاف رجال السياسة، بهدف تحويل مؤسسات الدولة إلى مناطق نفوذ، وبالتالي إحكام القبضة على السياسيين، وتحويلهم إلى أدوات لتحقيق مصالحهم التي غالباً ما تكون مصالح فاسدة، ولو لم تكن كذلك، ما كان شيء يضطرهم إلى التحايل، واستمالة السياسيين مقابل مبالغ أو نسب محدودة .
ومن هذه المسالك أيضاً مزاحمة رموز الحكم على مقاعدهم، ومن ثم التحول إلى وزراء أو مسؤولين كبار، وهذه الطريقة يراها البعض أقل كلفة من الوجود خارج دائرة السلطة، حيث يصبح الراشي والمرتشي شخصاً واحداً، والقاعدة أن رجال الأعمال لا يعطون شيئاً من دون مقابل، فالمال يشتري النفوذ والفعل، والمحصلة هي المردود المالي الكبير من الصفقات الأكثر ربحاً، والتي يكون وراءها رجال السياسة بشكل مباشر أو غير مباشر .
يطبق رجال الأعمال شعار اخدمني أخدمك بمهارة وفن وحرفية، وأحياناً بوقاحة نادرة يحسدون عليها، وحتى لا نعمم، فهناك الفضلاء من رجال الأعمال الذين جمعوا بين السياسة والتجارة، ومنهم رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان الذي كان تاجراً، لذا فإن رجل الأعمال المحترم الشريف هو الذي يصل إلى المنصب السياسي من دون النظر بعين الاعتبار للمال، بخلاف آخرين يحلمون بالغنائم، وخصوصاً الكبيرة منها، وينظرون إلى المنصب السياسي باعتباره حلماً كبيراً يتقاتلون من أجله كوسيلة لزيادة ثرواتهم، والتحول إلى إمبراطوريات .
احتجاجات على غلاء الأسعار في 28 مدينة مغربية ومؤشرات تنبئ “بانفجار اجتماعي غير مسبوق”