لم يسبق لحزب “العدالة والتنمية ” في العصر الراهن؛ أن مرَّ عليه متغيرات فاعلة وفاصلة كالتي يمرُّ بها اليوم، فهو اليوم في مرحلة تبرز فيها ظواهر محيرة، حيث يبدو الأمر الواحد مزدوج الوجه: شق مشرق مضيء، والآخر مظلم معتم.
بوزنيقة (شمال الرباط) – جرى صباح الأحد بمقر المجلس الوطني لحزب “العدالة والتنمية” حفل تسليم السلط بين الأمين العام الجديد،عبد الإله ابن كيران، والأمين العام ورئيس الحكومة السابق ، تحت عنوان”{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} ..
وعبر عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، خلال هذا الحفل الذي حضره أعضاء الحزب، أن “انتصار الحزب في تنظيم مؤتمره أكبر من الانتصار في الانتخابات، لأن التعرض لهزائم انتخابية هو أصل الديمقراطية”، مضيفا أنه “ليس هناك حزب يحقق الانتصارات دائما، وإلا سيرتكب مصيبة مثل هتلر”.
وانتخب حزب العدالة والتنمية أمس السبت زعيمه السابق، عبد الإله بنكيران، أمينا عاما في مؤتمر استثنائي السبت، بمنصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ، بنسبة تصويت قاربت 90%، بعد الهزيمة المدوية للحزب الذي ترأس الحكومة لعقد في الانتخابات العامة مطلع سبتمبر.
وبدا بنكيران مدركا لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه وصعوبة الوضع الذي سيواجهه، إذ قال “أعلم أن بعض الأشخاص يتخيلون أننا سنعيد الماضي بسهولة، وأننا سننطلق من جديد. اسمعوا جيدا، أنا واحد منكم، أنا أخوكم عبد الإله بنكيران، لست بطلا من أبطال كرة القدم، ولست ميسي، ولكن سأبذل جهدي”.
ويرى البعض أن الزعيم الجديد والسبق للعدالة والتنمية ، حاول التقليل من الهزيمة المدوية التي مني بها الحزب في الانتخابات الثلاثية الأخيرة، معتبرا أن “الحزب السياسي الديمقراطي يسيره الناس، والناس حينما يسيرون يطبع عملهم بطبيعة العمل البشري، يصيبون ويخطئون، وفي الأخير لا بد من النزول”، وتابع: “وهذا فيه نوع من تجديد الدماء والتطهر الجديد، لأنه لا يوجد حزب سياسي يمارس المسؤولية في مناصب فيها امتيازات ولا يتسخ”.
وقال بنكيران “اسمحوا لي، نحن لسنا ملائكة، ولكننا لسنا شياطين، أو على الأقل والحمد لله لم نصبح شياطين بعد”، مبرزا أن حزب العدالة والتنمية حزب سياسي عادي؛ وأضاف: “هذه المسيرة التي قمنا بها كانت محترمة بغض النظر عن إيجابياتها وأخطائها. نحن لسنا حزبا سياسيا وجد من أجل الانتخابات والبرلمانات والحكومات، ولا حتى حزبا سياسيا للتنظيم..نحن حزب سياسي ‘ديال المبادئ’”.
من جهة أخرى، دعا بنكيران أعضاء حزبه إلى مصالحة جماعية، والعمل من جديد كي يظلوا مساهمين في خدمة الدولة والمجتمع، مشددا على أن مواقف الحزب بخصوص الدين الإسلامي والوحدة الترابية والملكية والخيار الديمقراطي مواقف إستراتيجية وليست تكتيكية.
وأظهرت النتائج النهائية للمؤتمر الاستثنائي الذي عقده حزب العدالة والتنمية المغربي، اكتساح عبد الإله بنكيران عملية التصويت، ليعود أميناً عاماً مرة أخرى للحزب الإسلامي.
وحصل بنكيران على 1112 صوتاً من أصل 1252 صوتاً لأعضاء المجلس الوطني (برلمان الحزب)، الذين اختاروا إعادة بنكيران إلى قيادة الحزب، وهو الذي كان قد مُني بهزيمة كبيرة في الانتخابات البرلمانية الماضية.
وحصل عبد العزيز العماري، عضو الأمانة العامة للحزب، على 221 صوتاً، مقابل 15 صوتاً لعبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية في البرلمان.
وتأتي عودة عبد الإله بنكيران (67 عاماً)، رئيس الحكومة المغربية الأسبق (2011-2017)، لقيادة “العدالة والتنمية” مُجدداً، وفق مراقبين، لكون الحزب تصدَّر الانتخابات عامي 2011 و2016، حين كان بنكيران يترأسه. وبعدما مُني الحزب بهزيمة قاسية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وخسارته قيادة الحكومة.
يشتهر عبد الإله بنكيران، الذي ترأس الحكومة المغربية في الفترة بين عامي 2011 و 2017 بحضور إعلامي بارز أكسبه شعبية واسعة. ساهم في ذلك انتقاده المتواصل لمظاهر الفساد، وما يصفه بـ”التحكم”، في إشارة إلى تدخل ما يعرف بـ”الدولة العميقة” في الحقل السياسي.
وفي 8 سبتمبر الماضي، أُجريت انتخابات برلمانية، تصدر نتائجها حزب “التجمع الوطني للأحرار”، بحصده 102 مقعد من أصل 395 بمجلس النواب (غرفة البرلمان الأولى)، وشكل ائتلافا حكوميا.
بينما حصل “العدالة والتنمية” على 13 مقعدا فقط، مقارنة بـ125 مقعدا في انتخابات 2016، بعد أن قاد الحكومة منذ 2011 للمرة الأولى في تاريخ المملكة.