بالتزامن مع الاحتفالات برأس السنة الامازيغية بالمغرب، وافقت الحكومة على مناقشة مقترح قانون تقدم به حزب الاستقلال، يشترط اتقان اللغة الأمازيغية للحصول على الجنسية المغربية، وفقما صرح به وزير العدل عبد اللطيف وهبي.
وأشار الوزير وهبي في كلمة له على هامش حفل الإطلاق الرسمي للمشاريع المتعلقة بتعزيز استعمال الأمازيغية في الإدارات العمومية، الى أن :”من يتقدم لطلب الحصول على الجنسية المغربية يُشترط فيه أن يتكلم اللغة العربية، ولم ينص على اللغة الأمازيغية”.
وأوضح الوزير أن رئيس الحكومة وافق ادراج المشروع في المناقشة بعد تعديل صيغة باللغة العربية أو اللغة الأمازيعية، مضيفا “سنناقشه في البرلمان الأسبوع المقبل، وستصبح اللغة الأمازيغية أحد الشروط التي يمكن الاستعانة بها لولوج الجنسية”.
وكان حزب الاستقلال قد تقدم بمقترح قانون يتمم قانون الجنسية المغربية، يوم الخميس 14 يوليوز 2022، يدعو إلى التنصيص في شروط التجنيس بالجنسية المغربية، معرفة كافية باللغة العربية أو الأمازيغية أو إحداهما.
ويهدف مقترح القانون الذي ينتظر أن تحسم لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مناقشته، خلال الدورة التشريعية الخريفية القادمة، ملاءمة قانون الجنسية المغربي مع دستور المملكة، الذي أقر عام 2011 بأن الأمازيغية لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية، مُقترحاً تعديل الفصل 11 من قانون الجنسية المغربية الذي ينص على أن من شروط اكتساب الجنسية عن طريق التجنيس “معرفة كافية باللغة العربية”.
واعتبر الفريق النيابي (الكتلة النيابية) لحزب الاستقلال المشارك في الحكومة الحالية أنه “إذا كان الدستور في فصله الخامس ينصّ على أن تظل العربية اللغة الرسمية للبلاد، فإنه ينص أيضاً على أن الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة”، ما يتطلب إعادة النظر في هذه المادة حتى تستجيب لأحكام الدستور”.
وقال منسق العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان بوبكر أونغير،في تصريح صحفي، إن المقترح الذي تقدم به الفريق الاستقلالي بخصوص اشتراط الأمازيغية أو العربية للحصول على الجنسية المغربية،” مقترح إيجابي وينسجم مع روح الدستور ولو أن الأفيد هو أن يتقن طالب الجنسية المغربية اللغتين الرسميتين للبلاد، لأن من شأن ذلك إعادة الاعتبار للغات البلاد وهويتها”.
وأوضح أن من شأن المقترح في حال تبنيه من قبل الحكومة والبرلمان أن يعزز من اللحمة الوطنية لجميع المواطنين المغاربة، مضيفا: “نتمنى أن يتم إقرار هذا المقترح، وأن ينال ثقة نواب المجلس التشريعي رغم أن الأمر ليس بالهين لأن ثمة الكثير من جيوب مقاومة للأمازيغية”.
وتضمّن دستور 2011 تصوراً للهوية المغربية، ففي ديباجته نصّ على أن “المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوّع مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية -الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الأفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”.
وعلى الرغم من اعتراف هذا الدستور بكل مكونات الهوية المغربية، خصوصاً المكونين العربي والأمازيغي، إلا أن الأحداث التي سجلت في السنوات التالية لاعتماد الدستور أظهرت أن قضايا الهوية لا تزال موضوعاً أساسيا للصراع السياسي، إذ عرف مسار إدماج اللغة الأمازيغية في مختلف مجالات الحياة العامة تعثرات كبرى نتيجة مسبّبات سياسية.
رسالة تَمْغْرَبِيتْ لأخنوش رئيس الحكومة لاعتماد رأس السنة الأمازيغية عيدًا وطنيًا رسميًا
وبالمغرب، يحيي الأمازيغ رأس السنة الأمازيغية في 13 يناير بمظاهر وأشكال احتفالية بارزة، رغم أن مطالبهم المتكررة بإقرار هذا اليوم عطلة رسمي، لا تلقى الصدى المأمول من طرف السلطات المعنية.
ومع اقتراب يوم 13 يناير، جددت مجموعة من المنظمات والهيئات الناشطة في مجال الدفاع عن الثقافة الأمازيغية بالمغرب، مطالبتها البلاد بترسيم هذا اليوم عيدا وطنيا.
في هذا السياق، راسلت 45 منظمة حقوقية، الأسبوع الماضي، صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله ورعاه، للمطالبة بإقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا رسميا وعطلة مؤدى عنها.
الباحث في الثقافة الأمازيغية، عبد الله بوشطارت، يؤكد أن غياب الاعتراف الرسمي، لا يلغي زخم الطقوس والاحتفالات الكثيرة والمتنوعة، مشيرا إلى أن “الأمازيغ دأبوا على الاحتفال بها وتنظيمها منذ قرون، حتى تجدرت في ثقافاتهم”.
وتختلف صيغ وطرق الاحتفال بـ”إيض إيناير” (ليلة يناير)، غير أن أبرزها، يتمثل في إعداد وجبات وأطباق يتم تحضيرها خصيصا لهذه الليلة.
وتبقى أشهر الأكلات، بحسب بوشطارت، طبق “تاكگلا” أو العصيدة، والكسكس بسبع خضار ثم الحگوزة والبسيس، وكلها وجبات يتم تحضيرها من الزرع والحبوب والخضر التي يزرعها ويحرثها الأمازيغ في مناطق تواجدهم.
ويوضح الباحث المغربي، أنه في المناطق الجنوبية للمغرب، التي تمتاز بالمناخ الجاف والشبه الصحراوي، تشتهر وجبة تاگلا، لأن سكان المنطقة كانوا يزرعون الشعير فقط، وفي بعض مناطق الواحات يتم إعداد هذا الطبق بالاعتماد على الذرة التي تنتشر، أما في المناطق السهلية وسط البلاد، يتم تحضير وجبة الكسكس بسبع خضر لأن المنطقة زاخرة بالخضراوات.
ويعتبر بوشطارت، أن كل هذه الوجبات والطقوس، “ترتبط بالأرض وتجسد العلاقة الوطيدة بين الأمازيغ وأرضهم التي تمنح لهم الحياة والخصوبة، لذلك نرى الشعوب الأمازيغية، تقدس الأرض والماء منذ القدم”.
ويبرز الباحث في التاريخ، الأمازيغي، أن طقوس إيض يناير، تبقى في حقيقتها، احتفال بـ”أمود” أي الزرع الذي يزرعه الأمازيغ كل سنة، وانطلاق أمود يعني انطلاق الموسم الفلاحي، مشيرا إلى أن كلمة أمود تشبه إلى حد كبير كلمة “أمون” أي إله الشمس والخصوبة”.
ويختم المتحدث تصريحه بالتأكيد على أن احتفالات الأمازيغ برأس السنة الجديدة، طقوس قديمة تعبر عن الفرح والسعادة والابتهاج الذي يغمر الامازيغ باعتبارهم شعوبا زراعية قديمة بقدوم موسم زراعي جديدة، وهي طقوس يتقاسمها الأمازيغ مع كل الشعوب القديمة الأخرى في العالم”.