حكومة أخنوش تضبط خطة لـ”رفع الدعم عن الغاز والسكر والدقيق”.. شبح يهدد أكثر من 20 مليون شخص!؟

0
234

“ثروات البلاد لكل المغاربة، وليست لفئة معينة، ولا بد من توزيع عادل لها، وتوجيه صحيح للدعم الاجتماعي”، بلغ عدد المغاربة اللذين يعانون الهشاشة ربما يتجاوز أكثر من 20 مليون شخص.

الرباط – كشف مشروع قانون المالية 2022  سعي الحكومة الجديد برذاسة الملياردير ، عزيز أخنوش، منذ شهرها الأول لتنفيذ ما تبقى من السلع المدعومة عبر صندوق المقاصة، في رفع الدعم عن السكر والدقيق وغاز الطهو اعتبارا من العام المقبل.

وكشف قانون المالية الجديد أن حكومة اخنوش بصدد استكمال إصلاح “صندوق المقاصة” لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية، من خلال رفع الدعم عن باقي المواد الاستهلاكية، ويتعلق الأمر بالسكر والغاز والدقيق، وذلك وفق ما أعلنت عن ذلك ضمن التقرير الاقتصادي المرفق لمشروع قانون المالية برسم 2022، المحال على البرلمان.




وقالت الحكومة، إنه “من الضروري مواصلة إصلاح نظام المقاصة، من خلال إلغاء دعم غاز البوتان وكذلك المنتجات الغذائية بما في ذلك السكر ودقيق القمح الطري”، إلا أن هذا الإصلاح مرتبط بتفعيل السجل الاجتماعي الموحد الذي سيمكن من استهداف المستفيدين من البرامج الاجتماعية”، مشيرة إلى أن إعادة توجيه نفقات المقاصة لتمويل إصلاج منظومة الحماية الاجتماعية، يعد من بين حلول التمويل التي نص عليها النموذج التنموي الجديد.

وتبلغ الكلفة المتوقعة لتحملات نفقات المقاصة برسم مشروع مالية 2022 إلى 17 ألفا و183 مليون درهم، منها 11 ألفا و909 ملايين درهم لغاز البوتان، و3 ألاف و380 مليون درهم للسكر المكرر، وألف و380 مليون درهم بالنسبة إلى الدقيق الوطني للقمح اللين، و480 مليون درهم بالنسية إلى دعم القمح اللين المستورد. وينتظر في إطار الإصلاح التدريجي للصندوق، أن يتم رفع هذا الدعم وتحرير الأسعار وتعويض ذلك بدعم مباشر للأسر المستحقة.

وفي هذا الصدد، لفت التقرير الاقتصادي المرفق بمشروع مالية 2022، إلى شروع المغرب في عملية إصلاح تدريجي لنظام الدعم والذي كان يهدف في مرحلة أول إلى تقليص كلفة المقاصة وتخفيف أثرها على ميزانية الدولة، مع توفير موارد مالية يمكن إعادة توجيهها لتنفيذ إصلاحات جديدة، أما في المرحلة الثانية فتهدف التحرير الكامل للقطاعات المدعمة وتشجيع المنافسة الحرة في أسواقها.

وسجل التقرير، أن تفعيل نظام مقايسة أسعار المنتجات البترولية، شكل المكون الأول لهذا الإصلاح وتم إجراءه على مرحلتين رئيسيتين، حيث تم خلال المرحلة الأولى، تطبيق المقايسة الجزئية على الغاازوال والبنزين والفيول رقم 2، فيما عرفت المرحلة الثانية اعتماد مقايسة كاملة للبنزين وزيت الوقود وإلغاء الدعم الممنوح لهذه المنتجات، مبرزا أن هذه التدابير مكمنت منذ سنة 2013 من تقليص نفقات المقاصة التي انتقلت من 6,5 من الناتج الداخلي الخام سنة 2012 إلى 1,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة   2020

وكانت الحكومة السابقة، كشفت عن سيناريوهات رفع الدعم عن الغاز والسكر والدقيق، موضحة أنه سيتم كمرحة أولى تحرير تدريجي للسكر والتقليص من الحصيص المحدد من الدقيق الوطني للقمح اللين سنة 2022. وكمرحلة ثانية سيتم سنة 2023 تنفيذ التحرير الكلي للحصيص المحدد من الدقيق الوطني للقمح اللين والسكر القالب والسكر المجزئ، و50 في المائة من غاز البوتان. فيما سيتم التحرير الكلي لغاز البوتان سنة 2024.

ويستهلك دعم السكر أزيد من 200 مليار سنتيم سنويا (2 مليار درهم)، ودعم الدقيق أزيد من 400 مليار سنتيم (4 ملايين درهم سنويا) وغاز البوتان حوالي 11 مليار درهم (1100 مليار سنتيم سنويا)، فيما يرتقب  أن ترتفع نفقات المقاصة برسم نهاية 2021 بـ3.5 مليار درهم، نتيجة ارتفاع الأسعار برسم السنة الجارية

وتوقع مشروع قانون المالية الأول لحكومة عزيز أخنوش أن تعرف نفقات المقاصة ارتفاعا في السنة المقبلة، لتتجاوز نسبة الارتفاع 39 في المائة.

وبناء على ذلك، تتوقع حكومة أخنوش، في مشروع ميزانية 2022، أن تبلغ مخصصات صندوق المقاصة 16.02 مليار درهم، وهو الدعم المخصص للدقيق والسكو وغاز البوتان، هذا الأخير يستهلك غالبية مخصصات هذا الصندوق.

وأوضحت مذكرة تقديم مشروع قانون المالية الجديد أن الرفع من مخصصات المقاصة راجع تقلبات أسعار المواد البترولية والغذائية بسبب أزمة كوفيد19، وتبعا لذلك ارتفعت أسعار غاز البوتان، بـ61 في في المائة، من فاتح يناير إلى 15 شتنبر 2021، مقارنة مع 2020، مما يهدد بالمزيد من الارتفاع في العام المقبل.

وكان قد ارتفع دعم قنينة الغاز بنسبة 46 في المائة. والشيء نفسه بالنسبة لأسعار السكر التي ارتفعت بـ39 في المائة، والقمح اللين بـ28 في المائة خلال الفترة نفسها.

ويسعى المغرب إلى إصلاح نظام الدعم، حيث يراد توفير سجل اجتماعي موحد، يتيح حصر الأسر التي تستحق الدعم في ظل ما يجرى التأكيد عليه من استفادة فئات غير مستحقة للدعم من النظام المعمول به منذ عقود في البلاد.

تشير التقديرات، وفق خبراء، إلى أن رفع الدعم عن غاز الطهو، من شأنه أن يرفع سعر الصفيحة من فئة 12 كيلوغراماً من 4 دولارات إلى ما بين 11 و12 دولاراً، ما من شأنه الإضرار بالقدرة الشرائية للأسر التي لن تستفيد من مساعدات الدولة. وعبرت الحكومة في مشروع إصلاح نظام الحماية الاجتماعية الذي أعلن عنه أخيرا، عن التوجه نحو تحويل مخصصات الدعم بهدف تمويل مشروع التغطية الصحية الذي يستهدف 22 مليون مواطن.

وتتجه الحكومة نحو تبني سياسة استهداف الفقراء بالدعم. غير أن الخبير الاقتصادي رضوان الطويل، اعتبر في حديث شهر يولوز الماضي، أن سياسة الاستهداف هذه قد لا تؤدي إلى محاصرة الفقر وخلق أسس الإنصاف بين الفئات الاجتماعية في المغرب.

وأكد الطويل على أن سياسة الاستهداف التي تقوم على توفير دعم مباشر للأسر الفقيرة، تنطوي على مخاطر تتمثل في احتمال انزلاق بعض الفئات نحو الفقر، حتى لو كانت تواجه صعوبات معيشية، بسبب عدم استفادتها من الدعم المباشر بالنظر إلى عدم تصنيفها ضمن الفئة الفقيرة.

وجاء في الوثيقة أن الخطة ستنفذ على ثلاث مراحل، الأولى في عام 2022 وتشمل تقليص دعم الدقيق. أما المرحلة الثانية فستكون في عام 2023 وتشمل إلغاء كليا لدعم الدقيق والسكر، وخفض دعم الغاز المنزلي بنسبة 50 في المئة. وتشمل المرحلة الثالثة والأخيرة تحريرا كاملا للغاز، وستنفذ في 2024.

ويرى خبراء أن “المغرب أمام معضلة حقيقية، وأن مجهودات الدولة في بلورة تصور جديد للتنمية تصطدم حتما وبالمطلق مع مثبطات بنيوية داخل المعادلة السياسية والسوسيواقتصادية المغربية، إذ أن العدالة الاقتصادية والاجتماعية لم تتحقق على نحو يمكن من تقليص الفقر، وبالتالي المغرب في أمس الحاجة إلى وقفة صريحة وعميقة مع الذات، قبل الحديث عن أية مبادرة”، حسب نص قوله. 

وفي حديث سابق ، قال رشيد ساري الخبير الاقتصادي إن “محاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية في المغرب ربم تستغرق أكثر من 20 سنة”.

ويوضح رشيد أن “جائحة كورونا عرّت الواقع المغربي الهش خصوصا لـ10 مليون من المغاربة الذين يستفيدون من “نظام راميد” في مجال التغطية الصحية”.

وتابع أنه “خلال جائحة كورونا زادت حدة الفوارق الاجتماعية وتضاعفت الهوة بين الطبقات الفقيرة والأغنياء بشكل كبير، خاصة في العالم القروي الذي كان في مواجهة حقيقية لآثار الجفاف، الذي ضرب المغرب لسنتين متتاليتين، وجائحة كورونا من جهة أخرى”.

وبحسب الخبير، فإنه “يصعب الاستدلال بالأرقام في الوقت الراهن، إلا أن عدد المغاربة اللذين يعانون الهشاشة ربما يتجاوز أكثر من 20 مليون شخص، في حين أن التغطية الصحية المجانية تشمل 22 مليون شخص”.

وقالت ورقة بحثية أصدرتها الوكالة الفرنسية للتنمية، الأسبوع الجاري، إنه رغم الجهود الاقتصادية التي يبذلها المغرب من أجل محاربة الفقر وخفض التفاوت الاجتماعي، إلا أن الآثار على أرض الواقع تبقى دون المستوى المطلوب.

وحسب الورقة البحثية فقد تم وضع القطاعات الاجتماعية في قلب عمل السلطات العمومية، إذ بلغ نصيبها في الميزانية العامة للدولة 52.8% في المتوسط خلال الفترة 2007 -2017.

ويجمع محللون على أن الاستقرار السياسي والاجتماعي في المغرب شكل حجر الزاوية في القفزات المتتالية التي حققها النمو في السنوات الأخيرة رغم التحديات التي تواجه برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وسحب المغرب خلال العام الماضي نحو 3 مليارات دولار من خط سيولة لصندوق النقد الدولي لتلبية النفقات المتصاعدة، وذلك بسبب تراجع المداخيل النقدية الناجم عن القيود المحلية والدولية لمواجهة الفايروس.

كما جمع من أسواق السندات حوالي 1.2 مليار دولار في سبتمبر الماضي وقرابة الملياري دولار في ديسمبر 2020.