حكومة أخنوش تطلب قرضاً جديداً بـ 180 مليون دولار من البنك الدولي لصمود واستدامة مياه الري..سدود وعطش؟!

0
184

يرتقب أن يوافق البنك الدولي على منح المغرب قرضا جديدا قيمته 180 مليون دولار.

وحسب يومية “لوماتان”، يتعلق الأمر بغلاف مالي لتمويل برنامج القدرة على الصمود والاستدامة لمياه الري التي تشرف عليها وزارة الفلاحة.

ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز حكامة المياه في الزراعة في سياق ندرة متزايدة لهذا المورد ، وتحسين جودة خدمات الري والاستشارات الفلاحية، وكذلك الولوج إلى التقنيات الحديثة في الري.

وحسب مصدر رسمي، من المنتظر أن يوافق مجلس إدارة البنك الدولي على هذا القرض الجديد قبل نهاية مارس 2022. 

ويعاني المغرب الذي تمثل الزراعة القطاع الأساسي في اقتصاده، من توالي مواسم الجفاف في السنوات الأخيرة. ويتوقع أن يستفحل الأمر في أفق العام 2050 بسبب تراجع الأمطار (-11 بالمئة) وارتفاع درجات الحرارة (+1,3 درجات)، بحسب تقرير لوزارة الزراعة.

 ـ حصة الفرد المغربي من الماء تراجعت إلى أقل من 650 مترا مكعبا سنويا، مقابل 2500 عام 1960

ـ الحكومة أقرت سابقا برنامجا وطنيا للتزود بالمياه لأغراض الشرب والري للفترة 2020 ـ 2027، باستثمارات تبلغ نحو 12 مليار دولار

ـ السلطات تقول إن نسبة الأسر التي تملك ربطا بالشبكة المائية لا تتعدى 65 في المئة

وتشير توقعات وزارة الزراعة إلى أن الجفاف سيؤدي إلى تراجع مخزون مياه الري في أفق العام 2050، “إلى مستوى قد يصل حتى 25 بالمئة” على الصعيد الوطني.

في ظل معطيات رسمية تشير إلى تراجع مقلق في حصة الفرد السنوية من المياه في المغرب، تسعى المملكة إلى تحقيق “الأمن المائي”.

ويحظى ملف تدبير الموارد المائية باهتمام خاص من جلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله، الذي اجتمع أكثر من مرة خلال السنوات الأربع الماضية بمسؤولين كبار لبحث الأمر، كان آخرها في 7 يناير/ كانون الثاني 2020، بالقصر الملكي في مراكش (جنوب).

وأقرت الحكومة في وقت سابق برنامجا وطنيا للتزود بالمياه لأغراض الشرب والري للفترة 2020 ـ 2027، باستثمارات تبلغ 115 مليار درهم (حوالي 12 مليار دولار).

وفي 1 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قال وزير التجهيز والماء نزار بركة، إن المغرب من الدول التي تتسم بمحدودية الموارد المائية وهشاشتها، بسبب مناخه الجاف، وشبه الجاف، مع تباين كبير في التساقطات المائية في المكان والزمان.

ويصل تزويد السكان بالماء الصالح للشرب إلى 100 في المئة داخل المدن، و94 بالمئة في الأرياف.

والتوجه الذي سارت عليه السلطات في إطار “مخطط المغرب الأخضر” (برنامج لتطوير القطاع الزراعي أطلقته وزارة الفلاحة في أبريل/ نيسان 2008)، استنزف الموارد المائية.

وما عقد مشكلة ندرة المياه في البلد، تشجيع الزراعات التي تستهلك الماء بشكل كبير، خصوصا البطيخ الأحمر، إذ انتقلت المساحة المزروعة من 2000 هكتار عام 2008 إلى 10 آلاف هكتار حاليا.

سدود وعطش

منذ سبعينيات القرن الماضي، اعتمد المغرب في سياسته المائية على إنشاء السدود، لضمان تزويد السكان وتلبية الحاجات الفلاحية.

ويوجد في المملكة 149 سدا كبيرا يمكنها الوصول إلى 19 مليون متر مكعب من الماء.

وبحسب تقرير موازنة وزارة التجهيز والماء لعام 2022، بلغ حجم المياه المخزنة في السدود حتى 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي 5.8 مليارات متر مكعب، أي ما يعادل 36.1 بالمئة كنسبة ملء إجمالي صافي، مقابل 36.5 بالمئة في اليوم ذاته من العام الماضي.

وخلال 2021، أنهى المغرب أشغال بناء 4 سدود كبرى، بكلفة إجمالية بلغت 3 مليارات و580 مليون درهم (344 مليون دولار).

وسيواصل تشييد 15 سدا كبيرا في 2022، بكلفة تصل إلى 21 مليارا و460 مليون درهم (2.07 مليار دولار)، بسعة تخزين تبلغ نحو 5 مليارات متر مكعب.

وبموازاة سياسة السدود، توجه المغرب في السنوات الأخيرة بقوة إلى البحر لتعزيز إمداداته المائية، خصوصا بعد اندلاع احتجاجات في مناطق تشهد نقصا حادا في المياه.

وفي أكتوبر 2017، شهدت مدينة زاكورة (جنوب شرق) احتجاجات للمطالبة بتزويد السكان بماء الشرب، عرفت إعلاميا بـ “احتجاجات العطش”.

وتدخلت السلطات الأمنية حينها لفض الاحتجاجات السلمية، واعتقلت 21 شخصا معظمهم من الشباب.

وإثر ذلك، أمر صاحب الجلالة الملك المفدى بتشكيل لجنة يترأسها رئيس الحكومة، آنذاك، سعد الدين العثماني، لإيجاد حل لمشكلة ندرة الماء في عدد من مناطق البلد، وخصوصا في إقليم زاكورة.

تضم المملكة تسع محطات تحلية لمياه البحر تنتج 147 مليون متر مكعب في السنة، وآلاف الآبار الجوفية، ما يضمن توفير مياه الشرب للمواطنين، وتلبية حاجات الفلاحة، والسقي، والصناعة، والطاقة.

وفي 8 نوفمبر الماضي، أعلنت الرباط الشروع مطلع 2022، في استغلال محطة لتحلية المياه بمحافظة اشتوكة آيت بها” (وسط غرب)، وهي إحدى أكبر محطات تحلية مياه البحر في منطقة المتوسط وإفريقيا.

وقال وزير الفلاحة محمد الصديقي أمام لجنة برلمانية: “محطة تحلية مياه البحر التي انطلق تشييدها قبل نحو 4 سنوات، في محافظة اشتوكة آيت باها، سنشرع في استغلالها مطلع عام 2022”.

وتبلغ سعة محطة التحلية في المحافظة، في مرحلة أولى 275 ألف متر مكعب في اليوم، منها 150 ألفا موجهة للمياه الصالحة للشرب، ويمكن لمليون و600 ألف نسمة الحصول عليها في جهة أكادير.

وأضاف الوزير: “نتوقع زراعة 15 ألف هكتار بداية عام 2022، بمنطقة اشتوكة آيت بها، كما ستُستعمل مياه المحطة في تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب”.

وأنشأ المغرب أول محطة لتحلية مياه البحر عام 1976 بطرفاية (جنوب) بطاقة إنتاجية 70 مترا مكعبا في اليوم، أتبعها بمحطات في مدن أخرى بينها بوجدور وأغادير.

وشرع البلد في تشييد أكبر محطة لتحلية مياه البحر في القارة الإفريقية بمدينة الدار البيضاء، وتشير معطيات رسمية إلى أن سعتها ستبلغ 300 مليون متر مكعب، بكلفة إجمالية قدرها 10 مليارات درهم (1.1 مليار دولار).

ويبلغ معدل المياه الجوفية سنويا 4 مليارات متر مكعب، ولكن يتم استهلاك نحو 5 مليارات متر مكعب، وهو ما يهدد بمشكلة مستقبلا إذا بقي الأمر على هذه الحال، بفعل استنزاف الآبار.

ولفت تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 2014، إلى المخاطر التي تهدد جودة واستمرارية الموارد المائية بسبب النشاطات البشرية، إذ بلغت مستويات “مقلقة”، مثل الاستخراج المفرط والتلوث.

وقال التقرير إنه يتم استخراج أكثر من 900 مليون متر مكعب سنويا من المخزونات غير القابلة للتجدد في الفرش المائية بالبلاد.

والفرش المائية (مياه جوفية) مياه توجد في خزانات تحت الأرض تتكون من التساقطات المطرية، ويتم استعمالها انطلاقا من الآبار في الري والزراعة.

ويعزو المغرب ندرة المياه إلى تراجع الأمطار خلال السنوات الماضية، إذ بلغ العجز السنوي مليار متر مكعب.

ودقت بعض المؤشرات ناقوس الخطر، مثل نهر ملوية، أحد أكبر أنهار البلاد، والذي بات عاجزا عن الوصول إلى مصبه للمرة الأولى في تاريخه بسبب الجفاف الشديد وكثرة الاستهلاك.

ويتخوف المزارعون في منطقة ملوية من تأثير هذه التغيرات البيئية على أوضاعهم المعيشية. ويشعر زخنيني بفقدان الأمل في المستقبل قائلا “ما يحزنني أكثر هو أن أبنائي سيضطرون للعمل بعيدا في مزارع أخرى، رغم أننا نملك أرضنا”.

وليس الوضع أفضل حالا في الضفة اليمنى لنهر ملوية الممتد على نحو 500 كيلومتر انطلاقا من جبال الأطلس المتوسط. ويقول المزارع سمير شودنا “نحرث هذه الأرض أبا عن جد، لكن الوضع اليوم يتحول من سيء إلى أسوأ”.

ويضيف المزارع الشاب “لا يفكر شباب المنطقة حاليا إلا في الهجرة”.

على صعيد آخر، ينبّه الناشط في مجال الدفاع عن البيئة محمد بنعطا إلى كارثة بيئية تتهدّد المحمية الطبيعية التي يحتضنها مصب النهر وهي الأهم في المنطقة الشرقية، محذرا من أن “الحيوانات البرية والنباتات لن تخرج منها سالمة”.