أثار صرف 23 مليون درهم للمواكبة والترويج لبرنامج “فرصة” والجدل حول استخدام “المؤثرين” كمبادرة لتشجيع العمل المقاولاتي، انتقاداً واسعاً في البرلمان المغربي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجا على اعتمادها في التسويق على عدد من “المؤثرين” المعروفين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد وصل الجدل إلى قبة البرلمان، حيث وجه رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب (معارض)، انتقادات لاذعة للحكومة بسبب لجوئها إلى الاستعانة بـ”المؤثرين” على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل الترويج للبرنامج الحكومي “فرصة”.
واعتبر حموني أن الحكومة أقدمت في خطوةٍ غريبة، على الترويج لِـ”برنامج فرصة” عبر اللجوء إلى من يُوصفون بـ”المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي”، مضيفا أنها “أنفقت في ذلك، بغير وجه حق، ملايين الدراهم من المال العام الذي يؤديه دافعو الضرائب”.
وانتقد النائب البرلماني هشام المهاجري عن حزب الأصالة والمعاصرة المشارك في حكومة الملياردير عزيز أخنوش، المبالغ الضخمة التي خصصت لصرفها على عدد من “المؤثرين” المعروفين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتسويق لبرنامج “فرصة” والترويج له.
وقال المهاجري، في تدوينة على حسابه على موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك، إن الحكومة حتى لو كانت تبحث عن ثلاثة “صبارة” من كل جماعة، للمساهمة معها بـ10 ملايين سنتيم للواحد في هذه الأزمة، فإنها لن تحتاج لـ23 مليون درهم للترويح للفكرة، و250 مليون درهم لمواكبتها.
وقالت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني والاجتماعي، فاطمة الزهراء عمور، في كلمة وجهتها لعدد من صانعي المحتوى على المواقع الاجتماعية، “نريدكم أن توصلوا كلمتنا لجميع الشباب في جميع المناطق”، مضيفة “نريدكم أن تكونوا سفراء لهذا البرنامج من أجل إنجاحه”.
الصحفية حنان رحاب اعتبرت في معرض حديثها عن البرنامج ، “الغريب أن هذا البرنامج هو شبيه ببرنامج “مقاولتي”، الذي تم إطلاقه منذ سنوات، وكانت نتيجته دخول شباب للسجن بسبب تعثر برامجهم، وعدم قدرتهم على تسديد ديون الأبناك”.
النائبة البرلمانية حنان رحاب، في تدوينة عبر حسابها على الفيسبوك، أن “المضحك المبكي أن الحكومة تفتتح البرنامج بدعوة لما يسمى المؤثرين لافتتاحه”، مضيفة “ستمنح جزء من ميزانية التواصل البالغة 23 مليار لهؤلاء “المؤثرين” أي نموذج تريد تسويقه؟
وأضافت ، هما العاملان المرجح استمرارهما، فقد تم تكليف الشركة المغربية للهندسة السياحية التابعة لوزارة السياحة بمواكبة المشاريع المنتقاة، رغم وجود وزارة للتشغيل والإدماج الاجتماعي والمقاولات الصغرى.
ولفتت حنان إلى أن الشركة التي تم إنشاؤها في عهد وزير السياحة السابق، التجمعي محمد بوسعيد، (أقاله الملك محمد السادس بسبب تداعيات مشروع الحسيمة منارة المتوسط)، كانت محط انتقادات لاذعة من طرف المجلس الأعلى للحسابات، بسبب سوء تدبيرها، وبسبب عدم قدرتها على جلب مشاريع استثمارية في قطاع السياحة ذات قيمة مضافة.
وتأسفت رحاب ، على منحها الإشراف على برنامج فرصة الذي تصل ميزانيته إلى 120 مليار سنتيم، وهي التي تجر وراءها تاريخا من الفشل وسوء التدبير، ولعل أصدق تعبير عن تكليفها بمواكبة مشاريع الشباب الطامح لإنشاء مقاولة، هو: لو كان الخوخ يداوي كلن يداوي غير راسو.
الغريب أن الملك محمد السادس كان قد أعطى تعليماته، خلال الحكومة السابقة، لدعم الشباب الراغب في تأسيس مقاولته الخاصة، وتجاوز اختلالات برنامج “مقاولتي”، وذلك بتمويل يصل لـ800 مليار سنتيم، وهو المشروع المعروف بـ”انطلاقة”، غير أنه تعثر تنزيله بسبب جائحة كورونا.
المضحك المبكي أن الحكومة تفتتح البرنامج بدعوة لما يسمى المؤثرين لافتتاحه. وستمنح جزء من ميزانية التواصل البالغة 23 مليار لهؤلاء “المؤثرين”!!!!!!! أي نموذج تريد تسويقه؟ إنه نموذج “صناعة محتوى”: اجيو تشوفو فين تغدينا اليوم!!! عرفتو شكون جا عندي اليوم !!!
في هذا السياق، أشار الصحافي ياسر المختوم إلى أن “المشكل ليس في استعانة الوزيرة بالمؤثرين لكن في لجوء الحكومة لشراء خدمة معينة بالمال العام لتحسين صورتها لدى الرأي العام بحثا عن الثقة المفقودة”، معتبرا أن “الوزيرة فشلت من جديد في امتحان التواصل مع الرأي العام”.
وأوضح الفاعل المدني عثمان مودن، بأنه مع الحكومة الجديدة أصبح للمؤثرين موطئ قدم في مؤسسات الدولة الرسمية وأصبح الوزراء يعتمدون عليهم في تسويق خطابهم الرسمي والبرامج الكبرى للدولة”، وهو ما وصفه بـ”العبث بتاريخ الدولة المغربية ومؤسساتها”.
ويستهدف البرنامج 10 آلاف من حاملي المشاريع في جميع قطاعات الاقتصاد، مع ضمان مبادئ المساواة بين مناطق المملكة والمساواة بين الجنسين، وسيتم تخصيص 1.25 مليار درهم 126 مليون دولار في عام 2022 لتفعيل البرنامج.
وبادرت الحكومة إلى إطلاق هذا البرنامج، أخذا بعين الاعتبار للصعوبات التي يواجهها الشباب في الوصول إلى مصادر التمويل، والعراقيل التي تواجهها المقاولات الصغيرة جدا.
في الوقت الذي رحب فيه مراقبون ببرنامج “فرصة” الذي أطلقته الحكومة المغربية، أبدى آخرون تحفظهم على بعض النقاط في البرنامج، مبرزين مكامن خلل وجب تصحيحها على حد قولهم.
من جهته ،اعتبر النائب البرلماني عن حزب “الأصالة والمعاصرة” (إئتلاف)، أن “برنامج “فرصة” خلق جدلا كبيرا، في ضوء تخصيص حفل بفندق راقي بالرباط للإعلان عنه، وكذلك مبلغ 23 مليون درهم للترويج الإعلامي، وما يقارب 250 مليون درهم للشركة الوطنية للهندسة السياحية للمواكبة والتتبع”.
وأضاف النائب المهاجري، أنه إذا كان الهدف من حملة الترويج “المكلفة”، هو أن تصل المعلومة للشباب المستفيد من البرنامج، فالمسألة على أرض الواقع تقول إن جهة مراكش أسفي خصص لها 1200 مستفيد، بما يناهز استفادة 400 جماعة حضرية وقروية، بمعدل 3 مستفيدين لكل جماعة، متسائلا هل اختيار ثلاثة ملفات من كل جماعة يحتاج كل هذا المجهود، وهذه الأموال، قائلا “شي حاجة مراكباش”.
واستدرك المهاجري، حديثه مؤكدا أن ” ما يهمه هو نجاح البرنامج، والمال العام،وأنه بتحليل بسيط سيوضح مشكل المقاولة والاقتصاد بصفة عامة، حيث 100 مليار سنتيم تخصص لعشرة آلاف شاب وشابة، منها 90 مليار سلف، و25 مليار سنتيم تخصص لـ6 شركات، و23 مليون درهم موجهة للإعلام والترويج”.
وأطلقت الحكومة، برنامج “فرصة” لتشجيع العمل المقاولاتي، الذي من المقرر أن يستهدف 10 آلاف من حاملي المشاريع في جميع قطاعات الاقتصاد، مع ضمان مبادئ المساواة الجهوية والمساواة بين الجنسين, أخذا بعين الاعتبار الصعوبات التي يواجهها الشباب في الوصول إلى مصادر التمويل، والعراقيل التي تواجهها المقاولات الصغيرة جدا، وبالنظر إلى آثار أزمة “كوفيد 19” على الاقتصاد الوطني.