حكومة أخنوش قوية ومتماسكة بشكل مدهش مقابل معارضة مشتتة ضعيفة في برلمان المغرب

0
302

الرباط (المغرب الآن) – مع الإعلان عن تشكيل حكومة تتكون من أحزاب التحالف الثلاثي الجديد، حكم على المعارضة المغربية بالفشل على اختلاف مكوّناتها في توحيد صفوفها وتقديم بديل سياسي فاعل، بعد إعلان الأحزاب الثلاثة الأولى التي تصدرت نتائج الانتخابات الدخول في ائتلاف حكومي، بقي للأحزاب الأخرى (124 مقعدا) في المعارضة.

وكنا نتوقع في صحيفة “المغرب الآن”، أنه إذا نجح سيناريو تشكيل الحكومة الأحزاب الثلاثة الأولى التي تصدرت نتائج الانتخابات، فسيكون البرلمان وخصوصا مجلس النواب بدون معارضة قوية كما نص على ذلك الدستور، لأن أهمية المعارضة في خلق توازن بين المؤسسات السياسية خصوصا بين الحكومة والبرلمان  أساسي في ميدان التشريع ومراقبة الأداء الحكومي.

بالنظر الى دستور 2011 نجده قد منح المعارضة البرلمانية  مكانة دستورية جد متقدمة مقارنة بالدساتير السابقة، واختار منحها مكانة بارزة في الهيكل المؤسسي وتكريسها على اعتبارها ضرورة دستورية وديمقراطية وعلى أنها “معارضة مضادة” في حالة تغول الأغلبية عبر تمتيعها بمجموعة من الحقوق، وذلك من خلال تمكينها بمجموعة من الحقوق تشمل مجالات مختلفة وذلك وفق ماهو منصوص عليه في الفصل 10.

لأول مرة “دستور 2011 نص على مصطلح المعارضة، وخولها مجموعة من الحقوق منها ما هو مرتبط بالمعارضة فقط ومنها ما هو مشترك بينها وبين أحزاب الأغلبية”.

واعتبرها المشرع في ” الفصل 60 بأنها مكون أساسي في مجلسي البرلمان وتشارك في وظيفة التشريع والمراقبة، ومن أجل ذلك منحها المشرع الحق في رئاسة اللجنة الدائمة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب ولا يحق للأغلبية أن تترأس هذه اللجنة، كما منحها المشرع الدستوري الحق في رئاسة اللجان المؤقتة من بينها لجان تقصي الحقائق ولجان الاستطلاعية إضافة إلى رئاسة لجنة مراقبة صرف الميزانية”.

لكن “هذه الحقوق التي بيد المعارضة البرلمانية ليست من الآليات التي تثير المسؤولية السياسية للحكومة، حتى أن البرنامج الحكومي وملتمس الرقابة اللذان لهم دور كبير في إسقاط الحكومة يبقى أمرهم ليس بيد المعارضة وإنما بيد الأغلبية البرلمانية، لأنه لا يمكن تصور أغلبية تساند المعارضة من أجل اسقاط الحكومة”. لذلك “فالنهوض بمكانة المعارضة يجب أن يعرف بعض التخفيف من حيث النصاب المطلوبة في بعض الآليات التي ترتب المسؤولية السياسية للحكومة”.

ونظن أن الرهان على تفعيل دور البرلمان يمر عبر تقوية دور المعارضة وإحداث نوع من التوازن المطلوب بين المؤسسات السياسية خصوصا بين الحكومة والبرلمان، وبالمقابل فإن أي عملية تفريغ للمؤسسة البرلمانية من معارضة حقيقية وفعالة لن يزيد إلا من متاعب البرلمان ويقزم دوره أكثر فأكثر في ظل هيمنة الحكومة وأغلبيتها، وعليه في تشكيل التحالفات الحكومية يجب إعارة الاهتمام الكافي لهذه المسألة والحرص الكبير على تمكين البرلمان من معارضة حقيقية وفعلية، طبعا من خلال مراعاة الجانب الكمي والنوعي في تشكيلها  والاستثمار في اتجاه مأسستها وهيكلتها بالشكل الذي يمكن أن تصبح  فيه شريكا فعليا للأغلبية في وظائف الرقابة والتشريع ولا تقتصر فقط  على دور هامشي.

ويرى مراقبون أن المعارضة لم تفرز قيادة بديلة تشكل محاورا يتمتع بالمصداقية للمجتمع المغربي، وبقيت رهينة أجندات “الأحزاب الإدارية” تدعمها أو تحرّكها، ما شكّل خيبة أمل حقيقية للناشطين و”المثقفين” ونقطة قوة للحكومة المقبلة.

و في هذا الصدد، يرى محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، أن “المعارضة البرلمانية المقبلة ستكون ضعيفة ومشتتة، لأنها ستتكون من خليط غير منسجم”.

وأضاف، أن “الأحزاب المزمع أن تكون في المعارضة البرلمانية لا تجمع بينها أي وحدة، وسمتها غياب أي انسجام بينها”، مضيفا أن “وجود حكومة قوية ومتضامنة ومتماسكة رهين بوجود معارضة بناءة ونقدية”.

و تابع  إن “الأدوار التي أسندها الدستور المغربي للمعارضة البرلمانية كبيرة للغاية”، مشيرا إلى أنه “كلما كانت هناك معارضة قوية كلما انعكس ذلك إيجابا على العمل الحكومي والعكس صحيح”.

وأردف زين الدين أن “من بين المشاكل التي كانت تعاني منها الحكومات السابقة تتجلى في وجود معارضة ضعيفة جدا، رغم أن المُشرع مكّنها من كافة الوسائل المؤسساتية حتى تقوم بدورها على أحسن وجه والنهوض بمهامها”.

حالة من “الجمود” تعيشها الأحزاب اليسارية المغربية منذ سنوات جعلت مستقبلها على المحك، وذلك في ضوء تمثيليتها في البرلمان والحكومة.

ومنذ ستينيات القرن الماضي، شكل اليسار قوة سياسية وازنة في البلاد، قادت المعارضة لعقود ثم حكومة التناوب سنة 1998.

وقاد عبد الرحمن اليوسفي حزب “الاتحاد الاشتراكي”، وشارك في انتخابات عام 1997 حيث تصدر الحزب الانتخابات.

وقاد اليوسفي الحكومة التي سميت بـ”حكومة التناوب” (أحزاب المعارضة تقود الحكومة في إطار التناوب الديمقارطي) في مارس/آذار 1998.

غير أن العقد الأخير، عرف أفول نجم الأحزاب اليسارية كرسه تجرعها هزائم تلو الأخرى في الانتخابات.

و يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس إسماعيل حمودي -في حديث للجزيرة نت- أن الأغلبية الحكومية المكونة من 3 أحزاب ستؤسس لحكومة مستقرة ومريحة للقصر، وأيضا قوية من الناحية العددية.

لكنه قال إنها “من جانب آخر، ستظل ملاحقة بالفساد الانتخابي الكبير الذي عرفته انتخابات الثامن من سبتمبر/أيلول وبهيمنة المال والأعيان”.

أما أستاذ القانون بجامعة الدار البيضاء عمر الشرقاوي، فاعتبر تشكيل الحكومة من 3 أحزاب “مؤشرا إيجابيا”، لافتا -في حديثه للجزيرة نت- إلى أنه “منذ حكومة التناوب التي قادها الراحل عبد الرحمن اليوسفي لم يشهد المغرب ائتلافا حكوميا مصغرا. معتبرا أن هذا التحالف سينعكس على الفعالية والنجاعة في الأداء”.

وأوضح الشرقاوي أن تحالف الأحزاب الثلاثة في الحكومة وفي المجالس المنتخبة بالمدن والأقاليم والجهات “خاصية لم تحدث في تاريخ المغرب، ومن شأنها تحقيق تجانس بين المركز والمجالس المنتخبة”، مبينا أن هذا التجانس “سيحول دون اختباء الأغلبية الحكومية خلف أي مبررات لتبرير عدم النجاح”.

وبينما أعلنت الأحزاب الثلاثة الأولى التي تصدرت نتائج الانتخابات الدخول في ائتلاف حكومي، بقي للأحزاب الأخرى (124 مقعدا) في المعارضة. 

ووجدت ما يطلق عليها اسم “الأحزاب الإدارية” -التي اعتادت المشاركة في الحكومات- نفسها في موقع المعارضة، بعد عدم تلقيها أي عرض للدخول في التحالف الحكومي. 

ويرى أستاذ القانون، الشرقاوي، أن المعارضة في السنوات المقبلة ستكون مشتتة كونها تضم أحزابا من اليمين واليسار؛ إسلامية وعلمانية، وطنية وإدارية.

وبنظره، سيصعّب هذا الخليط من تجانس المعارضة، لكنه يرجح أن تتأسس على 3 قوى سياسية، هي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والعدالة والتنمية، لافتا إلى أن هذه الأحزاب ستجري قريبا مؤتمراتها وستغير قياداتها، مما قد ينعكس على أدائها السياسي.

لكن إسماعيل حمودي، يعتقد أن المعارضة “المشتتة” سيصعب عليها القيام بأدوارها، لأن مرشحي معظم الأحزاب الذين وصلوا للبرلمان ينتمون لفئة الأعيان، وليسوا سياسيين متمرسين.

وخلص إلى أن الشارع ووسائل التواصل الاجتماعي سيقومان بدور المعارضة في السنوات الخمس المقبلة، وليس الأحزاب الموجودة في البرلمان.

 

 

 

أخنوش:”مكونات الأغلبية الحكومية تراعي الكفاءة والمصداقية والأمانة”.. حكومة وجوه جديدة أم تكرار لنفس الوجوه القديمة؟