من اليوسفي إلى أخنوش: كيف تغيرت نظرة المغاربة لرؤساء الحكومات على مدار 25 عامًا؟
في استطلاع للرأي أجراه موقع “الصحيفة”، أشار 75% من المشاركين إلى أن عزيز أخنوش يعتبر أسوأ رئيس حكومة خلال 25 عامًا من حكم الملك محمد السادس. هذا الاستنتاج يثير العديد من التساؤلات حول الأسباب والدوافع التي دفعت هذا العدد الكبير من المشاركين للتصويت ضد رئيس الحكومة الحالي.
السخط على أداء حكومة أخنوش: جذور وأسباب
من الواضح أن هناك حالة من الاستياء الكبير تجاه حكومة 8 شتنبر، التي يقودها عزيز أخنوش. يبدو أن الملفات الاجتماعية والاقتصادية التي كان من المتوقع أن تحظى بالأولوية في حكومته لم تُدار بالشكل الذي يُرضي المواطنين. فهل يعود ذلك إلى عدم الكفاءة في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، أم أن هناك تحديات أكبر خارج سيطرة الحكومة؟
أخنوش، الذي وصف نفسه برئيس حكومة “الكفاءات”، وجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه عندما أظهر الاستطلاع أنه الأقل شعبية بين رؤساء الحكومة الذين تعاقبوا على المنصب خلال ربع قرن من حكم الملك محمد السادس. وهنا يطرح السؤال: هل يكمن السبب في طريقة تدبيره للملفات الاقتصادية والاجتماعية، أم أن التوقعات المفرطة من حكومته ساهمت في تضخيم خيبة الأمل؟
مقارنة بين رؤساء الحكومة: بن كيران والعثماني في مواجهة أخنوش
الاستطلاع وضع عبد الإله بنكيران في المرتبة الثانية كأسوأ رئيس حكومة بنسبة 16% من المشاركين. بنكيران، الذي عُيّن رئيسًا للحكومة بعد موجة “الربيع العربي”، واجه تحديات كبرى في تنفيذ إصلاحات كانت منتظرة. إلا أن انتقادات عديدة طالت أداءه، خاصة في الشق المتعلق بالتخلي عن صلاحياته الدستورية. فهل كان بنكيران بالفعل عاجزًا عن تحقيق الإصلاحات المطلوبة، أم أن الظروف السياسية آنذاك حالت دون نجاحه؟
ومن المفارقات، أن سعد الدين العثماني، الذي خلف بنكيران في منصب رئاسة الحكومة والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، حلّ ثالثًا بنسبة 4% من الأصوات. العثماني قاد الحكومة خلال فترة تميزت بتحديات كبيرة، أبرزها جائحة “كوفيد-19”. فهل كان العثماني قادرًا على تجاوز تلك التحديات بشكل أفضل، أم أن الظروف التي عاشتها البلاد كانت أكبر من قدراته؟
العودة إلى الحكومات السابقة: عباس الفاسي واليوسفي وجطو في الميزان
في المرتبة الرابعة جاء الاستقلالي عباس الفاسي، تلاه الاتحادي عبد الرحمن اليوسفي في المرتبة الخامسة. واللافت أن تجربة اليوسفي كانت مرتبطة بفترة انتقالية هامة في المغرب، حيث قاد حكومة التناوب التوافقي. فهل كانت تقييمات المشاركين تعكس فقط الأداء الحكومي، أم أنها تأثرت بالسياق التاريخي والسياسي لتلك الفترة؟
أما إدريس جطو، الذي عُيّن وزيرًا أول في 2002 من خارج الأحزاب السياسية، فحلّ في المرتبة الأخيرة كأقل رئيس حكومة سلبية بحسب المشاركين. ورغم أن فترة جطو تميزت بتحديات سياسية، إلا أن استحقاقه لهذا التصنيف يفتح الباب أمام تساؤلات حول كيفية تقييم المشاركين للأداء الحكومي في سياق تعقيدات المرحلة.
استنتاجات وتساؤلات مفتوحة
نتائج هذا الاستطلاع تعكس بشكل كبير استياءً شعبيًا من أداء بعض رؤساء الحكومة، وعلى رأسهم عزيز أخنوش. ومع ذلك، تظل التساؤلات قائمة: هل يعكس هذا الاستياء الواقع الفعلي لأداء الحكومات أم أنه ناتج عن توقعات غير واقعية من المواطنين؟ وكيف يمكن للحكومة الحالية أن تستفيد من هذه النتائج لتحسين أدائها واستعادة الثقة الشعبية؟
من الضروري أن نطرح هذه التساؤلات ونسعى للحصول على إجابات تُسهم في فهم أعمق لديناميكيات الحكم في المغرب، وكيفية تحسين الأداء الحكومي لتحقيق تطلعات المواطنين.