“حكومة المونديال” بين تحديات التنمية وطموحات التغيير

0
155

لأول مرة في التاريخ السياسي المغربي، نشهد حالة شبه استثنائية تتمثل في عدم الاختلاف الحاد بين الأغلبية والمعارضة حول تسمية الحكومة المقبلة، رغم أن هذه الحكومة لا تزال في طور التكوين. هذه الظاهرة، كما يلاحظ الكاتب حفيظ الزهري، تثير أكثر من سؤال حول طبيعة التوافق السياسي ومدى عمقه.

هل “حكومة المونديال” مجرد غلاف؟

لا يقتصر الحديث اليوم على حكومة جديدة فقط، بل على حكومة أُطلق عليها اسم “حكومة المونديال” في إشارة إلى استضافة المغرب لكأس العالم لكرة القدم. إلا أن هذا الحصر في البُعد الرياضي يغلف مشهداً أعمق، إذ يحاول البعض إبعاد الأنظار عن التحديات الحقيقية التي تواجه المغرب. هل يكفي أن تلبس الحكومة ثوب الرياضة لتُغطي على مطالب التنمية والعدالة الاجتماعية؟ وهل يمكن لحكومة أن تتعامل مع “مونديال التنمية” و”مونديال الجهوية المتقدمة” و”مونديال الحماية الاجتماعية” بجدية توازي هذا الاهتمام الإعلامي؟

مونديالات التنمية: الرهان الحقيقي

يركز الزهري على ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة قادرة على:

  • محو الفوارق المجالية بين القرى والمدن.

  • تنفيذ الجهوية المتقدمة عبر تمكين الجهات التنموية.

  • توفير الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية لكل المواطنين.

  • خفض البطالة وخلق فرص شغل تحفظ كرامة المواطن.

هذه الملفات ليست رفاهية بل ضرورات لم تقدر عليها الحكومات السابقة، وهي التي تحدد مصير المغرب في العقد القادم.

برامج حزبية أم مشاريع وطنية؟

يُثير الكاتب نقطة مهمة حول اعتماد بعض الأحزاب على برامج مكاتب دراسات أجنبية قد لا تعبر عن واقع المغرب أو قدراته. هل نحن أمام مسرحيات سياسية تنافس على من يملك أفضل الخطط المستوردة، أم تنافس حقيقي مبني على فهم عميق لواقع البلاد واحتياجاتها؟ من يتحمل مسؤولية بناء برامج وطنية قابلة للتطبيق وواقعية؟

انتخابات 2026: هل تكون محطة تحول؟

يبدو أن هناك إرادة سياسية عليا لإنجاح انتخابات نزيهة وشفافة، بعيدة عن تدخل المال والإدارة. إذا تحققت هذه الرؤية، فستكون الانتخابات محطة تحوّل حقيقية قد تحمل مفاجآت بظهور قيادات وكفاءات جديدة. لكن، هل ستنجح هذه الإرادة في مواجهة التحديات الراسخة؟ هل سيشارك المواطنون بوعي كامل في هذا الاستحقاق؟

الخلاصة

مقال حفيظ الزهري يتجاوز مجرد نقل الخبر أو تقديم رأي؛ إنه دعوة صريحة للتأمل والتفكير العميق في مستقبل المغرب السياسي والاجتماعي. “حكومة المونديال” ليست فقط عن كرة القدم، بل هي اختبار حقيقي لقدرة المغرب على تحقيق تنمية شاملة، عدالة اجتماعية، ودمقرطة حقيقية.

على الفاعلين السياسيين أن يفكروا جدياً في هذه الرهانات، وأن يتركوا وراءهم المظاهر والخطابات الجوفاء، لأن الشعب المغربي يستحق حكومة تترجم آماله على أرض الواقع.