في خطوة أثارت غضب حماة المال العام في المغرب، تعهَّد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بمجلس المستشارين الغرفة الثانية للبرلمان المغربي، بإدراج تعديل في قانون المسطرة الجنائية يمنع جمعيات حماية المال العام والمنظمات الحقوقية من تقديم شكايات إلى القضاء بخصوص افتراض وجود شُبهات فساد في بعض الإدارات العمومية والتي يتولى تدبيرها أشخاص أسندت لهم مهام التدبير العمومي.
وصف محمد الغلوسي، رئيس جمعية حماية المال العام، تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي بـ “الانتكاسة التي ستُفقد السلطة القضائية أحد مقومات وجودها وهو استقلاليتها عن باقي السُّلط، معتبراً أنها تصريحات تحتقر البرلمان وتجعل من المؤسسة التشريعية واجهة لتمرير قرارات السلطة التنفيذية”.
وعبرت الجمعية المغربية لحماية المال العام في تدوينة نشرها على صفحته على “فيسبوك”، عن استنكارها لتصريحات وهبي “الهادفة إلى تحصين المفسدين ولصوص المال العام من المحاسبة، وتحجيم الأدوار الدستورية والقانونية للمجتمع المدني في مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام”.
وأعلن محمد الغلوسي، رئيس جمعية حماية المال العام، في تدوينة نشرها على صفحته على “فيسبوك”، عن تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة العدل يوم السبت 7 ماي “لفضح هذا التوجه النكوصي المنتهك للدستور والمواثيق الدولية”، واحتجاجا على استمرار الفساد والرشوة ونهب المال العام، وللمطالبة بتخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، مؤكدين استعدادهم لاتخاذ مبادرات نضالية لفضح توجه الوزير الهادف إلى حماية المفسدين وناهبي المال العام وتحجيم أدوار المجتمع المدني في مكافحة الفساد.
واعتبرت الجمعية في بلاغ لها أن تصريحات وهبي مؤشر من المؤشرات التي تؤكد غياب إرادة سياسية حقيقية لدى الحكومة لمكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام وتخليق الحياة العامة، والذي ينضاف إلى التراجع عن تجريم الإثراء غير المشروع، وغيره من المؤشرات.
ونبهت الجمعية إلى خطورة مسعى وزير العدل الهادف إلى توريط وزارة الداخلية في الحسابات السياسية الضيقة من خلال دفعها لتولي مهمة تقديم شكايات الفساد ونهب المال العام إلى القضاء، وهو ما سيجر عليها اتهامات بخصوص حياديتها وموضوعيتها في تقديم تلك الشكايات، فضلا عن كون ذلك يشكل تحجيما وتدخلا سافرا في مهام وأدوار السلطة القضائية الدستورية والقانونية ومسا خطيرا باستقلاليها.
تصريحات وزير العدل وهبي بخصوص إدخال تعديلات على المسطرة الجنائية تمنع الجمعيات من وضع شكايات ضد المنتخبين المشتبه في تبديدهم أو اختلاسهم المال العام، ليست أول قرارات الحكومة المثيرة للتساؤلات علاقة بقضايا الفساد ونهب المال العام، فقد سبق لحكومة عزيز أخنوش سحب قانون الإثراء غير المشروع من البرلمان بدعوى تثمينه وإدخال تعديلات عليه، فضلاً عن سحب مشروع قانون “استغلال المعادن” يتعلق بتنظيم “الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة”، ويقصد به الأراضي المملوكة للدولة ضمن ما يسمى الملك البحري، أو الأملاك الأخرى، بالإضافة إلى سحب مشروع قانون “استغلال المعادن”.
تعامل الحكومة مع هذه الملفات والقوانين المؤطرة لها، جعلت محمد الغلوسي يقول إن الحكومة المغربية لا تتوقف عن بعث مؤشرات، تؤكد أن تخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة والفساد وتعزيز ربط المسؤولية بالمحاسبة ليست من صميم أولوياتها، وأن الإرادة السياسية غير متوفرة، على الرغم من الإقرار بأن للفساد والرشوة خطورة ضد البرامج الموجهة للتنمية، وأن الفساد يُكلِّف الدولة المغربية الكثير ويستنزف أزيد من 5 في المئة من ناتجها الداخلي الخام.