حيكر يضع أصبعه على الجرح: هل تستعيد السياسة ثقة المغاربة قبل 2026؟

0
191

في لقاء حزبي مع أعضاء حزبه، أطلق النائب البرلماني عبد الله حيكر سلسلة من التصريحات القوية، مهاجماً أداء حكومة عزيز أخنوش. حيكر اعتبر أن الحكومة لم تفشل فقط في تنفيذ برنامجها، بل ساهمت أيضاً في تفاقم الأزمات على مستويات الاقتصاد، المالية العمومية، والتغطية الاجتماعية، مؤكدًا أن التحديات التي تواجه المغرب تتطلب قراءة جادة وعمل إصلاحي عاجل.




حيكر رسم صورة قاتمة: مديونية خانقة، ورش اجتماعي متعثر، واحتقان اجتماعي متنامٍ في الشارع. لكن ما يجعل تدخله مختلفاً هو الربط الذي أقامه بين هذه الأوضاع وبين رهان انتخابات 2026، باعتبارها لحظة مفصلية إما أن تعيد الثقة للمغاربة في السياسة، أو تكرّس مزيداً من العزوف واللامبالاة.




الحكومة… سلطة غائبة؟

في تحليله، ذكّر حيكر بأن دستور 2011 لم يمنح منصب رئيس الحكومة اسماً جديداً فقط، بل صلاحيات أوسع وأدواراً أكبر. ومع ذلك، فإن تخلي رئيس الحكومة عن الإشراف السياسي على الانتخابات وتركه لوزارة الداخلية وحدها، يُعتبر ـ في نظره ـ تراجعاً ديمقراطياً خطيراً.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تحوّل رئيس الحكومة فعلاً إلى مجرد “منسق” بلا سلطة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكن الحديث عن فصل سلطات أو تعزيز للمسار الديمقراطي؟

انتخابات 2021… “انتكاسة” يجب القطع معها

لم يتوقف حيكر عن العودة إلى محطة 2021، واصفاً إياها بأكبر انتكاسة ديمقراطية في تاريخ المغرب الحديث. فقد تحولت ـ حسب تعبيره ـ إلى أضحوكة، بعد أن أفرزت خريطة سياسية مشوهة بفعل المال الانتخابي ولوائح معيوبة.

وهنا يبرز التحدي الأكبر: هل تتوفر اليوم إرادة سياسية لإصلاح اللوائح وتطهير العملية الانتخابية؟ أم أن سيناريو 2021 قابل للتكرار في 2026، بما يحمله من مخاطر على مصداقية المؤسسات؟

أزمة الثقة… والحرية كمقدمة للمشاركة

حيكر ربط بوضوح بين ضعف المشاركة السياسية وبين مناخ الحريات. فكيف يمكن إقناع المواطن بالتصويت إذا كان الصحافي ما يزال ملاحقاً بالقوانين الجنائية، وإذا كانت القوانين تفصل على المقاس لتقييد حرية الرأي والإعلام؟

إنها معادلة صعبة: فبدون انفراج حقوقي وسياسي حقيقي، لن يكون ممكناً تحفيز مشاركة واسعة أو إعادة الاعتبار للعملية الانتخابية.

الشباب والأحزاب… غائبون عن الموعد

مرافعة حيكر كشفت أيضاً عن أزمة عميقة داخل الأحزاب نفسها. فالشباب لا يزالون ـ في نظره ـ يُستعملون كأدوات انتخابية لتغطية المكاتب يوم الاقتراع، بدل أن يكونوا جزءاً من الأجهزة القيادية وصناعة القرار.

فهل تمتلك الأحزاب الشجاعة لتجديد نخبها وفتح المجال أمام الطاقات الشابة؟ أم أن البنية التقليدية ستبقى مهيمنة، تاركة المجال للشارع أو للفراغ السياسي كي يملأ المشهد؟

الكائنات الانتخابية… سرطان السياسة

أكثر ما شدّد عليه حيكر هو ضرورة استبعاد الكائنات الانتخابية الفاسدة التي تباع وتشترى في السوق السياسية، وتجريم شراء الذمم. فالمغاربة ـ كما قال ـ لا يمكن أن يستعيدوا ثقتهم في السياسة إذا ظلت نفس الوجوه ونفس الممارسات تتحكم في الانتخابات.
والسؤال هنا ليس فقط حول قدرة الدولة على ضبط العملية، بل أيضاً حول مسؤولية الناخب نفسه: أليس من يبيع صوته شريكاً في تكريس الفساد؟

بين صوت المعارضة ورهانات الدولة

تصريحات حيكر تكشف عن مفترق طرق حقيقي: إما أن تكون انتخابات 2026 محطة لطي صفحة العبث الانتخابي واستعادة ثقة المواطنين، أو تكون مجرد تكرار لسيناريوهات الماضي بما يحمله من تهديد للاستقرار الاجتماعي والسياسي.

ويبقى السؤال مفتوحاً: هل تتعظ الدولة والأحزاب من درس 2021 وتبني إصلاحاً سياسياً حقيقياً؟ أم أن كل ما نسمعه اليوم سيظل مجرد خطابات في قبة البرلمان، سرعان ما تذوب أمام إكراهات الواقع وموازين القوى؟