حين يصمت الحزب الحاكم وتغلق الحكومة أبوابها… جيل Z يقرع الجدار

0
106

في المغرب اليوم، يبدو أن حق الوصول إلى المعلومة صار امتيازًا في عهد حكومة عزيز أخنوش، حيث تُغلق الهواتف، وتُنتقَى الأسئلة، وتُفضّل بعض المنابر على أخرى. الإعلامية سناء الرحيمي وضعت الإصبع على الجرح حين أكدت في القناة الثانية أن الوزراء “لا يجيبون”، وأن الهياكل المكلفة بالتواصل تقدّم المراوغة الإدارية بدل الوضوح السياسي الضروري، خاصة في لحظات التوتر.

هذا النهج ليس حالة عابرة، بل نهج مستمر منذ أربع سنوات، أفرغ المؤسسات من معنى الاستجابة السريعة، وحوّل واجب التواصل إلى “طقوس بروتوكولية” تفتقر إلى صمّام أمان ديمقراطي. وهنا تتجلى أزمة فلسفة المخاطبة، حيث الحكومة تتحدث حين تشاء ومع من تشاء، وليس حين يجب، وبمنطق إلزامي لاحترام السلطة الرابعة.

الاختيار الانتقائي والولوج المحكوم للمعلومة

يظهر هذا جليًا في طريقة إدارة الأسئلة خلال الندوة الأسبوعية للناطق الرسمي باسم الحكومة، التي تحوّلت من فضاء للشفافية والمساءلة إلى منصة لإدارة الصورة. الأسئلة المكرّرة، والوجوه المختارة، وتجاهل المنابر النقدية، كلها عناصر تعكس فلسفة المركزية في القرار الاتصالي، حيث يصبح الحق في السؤال امتيازًا قابلًا للسحب.

وتعاين المغرب الآن، مثلها مثل باقي المنابر الجادة، هذا الخلل يوميًا، في شكل تأخرٍ مزمنٍ في الردود أو غيابٍ كاملٍ للتفاعل. وليس الخلل في الوسائل، بل في تقدير الوظيفة العمومية للاتصال كأداة للتواصل الفعّال، لا كحاجز بروتوكولي.

الحراك الشبابي على أبواب الانفجار

في برنامج “صدى الحدث” على ميدي1، أظهر الناطق الرسمي مصطفى بايتاس ضعف هذا الجهاز الاتصالي حين فشل في التعاطي مع دفتر المطالب الذي رفعه جيل Z للملك، متصدرًا العناوين على المنصات الرقمية قبل أكثر من 24 ساعة. فقد اختار الهجوم الرمزي على الصحافي بدل معالجة المطلب بجدية، وهو مؤشر على غياب بنية استباقية للاستجابة للمطالب المشروعة.

جيل Z، كما يظهر جليًا من تصريحات البودكاستر حمزة الفاضلي، لا ينتظر مجاملات لغوية أو شعارات “رومانسية”، بل مؤشرات قابلة للقياس وخطابًا عمليًا وشفافًا. تجاهلهم لا يخلق هدنة، بل يوسع الهوة بين الحكومة والمجتمع.

الصمت ليس استقرارًا

النهج الحكومي القائم على “القائمة البيضاء” و”القائمة الرمادية” في الإعلام أفقد الحكومة تدريجيًا أهم رصيد: الثقة في أوقات الأزمات. الاستقرار لا يُصنع بالصمت، والمهنية لا تُقاس بمرونة البلاغ، بل بعدالة المنبر وكرامة السؤال.

اليوم، الكرة في ملعب الحكومة: إما أن تعيد بناء جسر الثقة من خلال شفافية حقيقية، آليات قياس واضحة، واستجابة سريعة للمطالب، أو أن يترك الحراك الشبابي يكتب روايته وحده. وفي غياب الاستجابة، فإن الساحة العامة ستكون شاهدة على انفجار محتمل يفرض على السلطة قراءة واقعها من جديد.