خطاب الملك: لحظة اختبار للمصداقية والهيبة والعالم يترقب مستقبل المغرب بين الأمل والتحديات

0
122

المغرب يحبس أنفاسه: خطاب الملك في لحظة حاسمة

يستعد المغرب، مساء اليوم، لسماع خطاب الملك محمد السادس أمام البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة للولاية التشريعية الحادية عشرة. ورغم الطابع المؤسسي الروتيني لهذه المناسبة، فإن خطاب هذا العام يحمل خصوصية استثنائية في ظل احتجاجات حركة “جيل زد 212” التي انطلقت منذ 27 سبتمبر، وطالبت بإقالة الحكومة، حل البرلمان، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد والإخفاقات في الخدمات العمومية.

“المؤسسة الملكية هي الملاذ الأخير، ونحن ننتظر كلمة واضحة تعيد الثقة للبلاد”، جاء في رسالة رسمية للشباب، التي نشرت على المنصات الرقمية.

جيل زد: صوت رقمي جريء بلا وساطة

ما يميز احتجاجات “جيل زد 212” هو غياب الوسطاء التقليديين، حيث ينظم الشباب أنفسهم رقميًا عبر منصات مثل تيك توك وديسكورد، دون أحزاب أو نقابات. مطالبهم واضحة وجذرية:

  • إقالة الحكومة برئاسة عزيز أخنوش.

  • حل البرلمان الحالي.

  • محاسبة المسؤولين عن الفساد والإخفاقات في قطاعات التعليم والصحة.

هذه المطالب تجعل خطاب الملك لحظة فارقة، إذ لن يُنظر إليه كإجراء روتيني، بل كمؤشر على قدرة الدولة على التعامل مع أزمة الثقة غير المسبوقة.

خطاب الملك: أداة التوجيه والمساءلة

تحليل 55 خطابًا ملكيًا بعد دستور 2011 أظهر أن حوالي 70٪ من الخطابات كانت موجهة للفاعلين السياسيين: الحكومة، الأحزاب، الأغلبية والمعارضة.

  • الخطابات الملكية تجمع بين التقييم والنقد والتوجيه، وقد تضمنت تحذيرات صارمة من “الركوب على الوطن لتصفية حسابات حزبية ضيقة” (خطاب العرش 2016)، أو التساؤل عن “جدوى المؤسسات إذا كان الشعب وهمومه في واد والمسؤولون في واد آخر” (خطاب العرش 2017).

  • الرسائل الملكية تتوزع على مناسبات وطنية رئيسية: افتتاح البرلمان وخطاب عيد العرش (34٪ لكل منهما)، ثورة الملك والشعب (18٪)، المسيرة الخضراء (13٪).

حفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية: “الخطب الملكية ملزمة لكل المؤسسات، وتضمن استمرار الدولة وحماية الحقوق والحريات، كما أن النقد جزء من استراتيجية التوجيه”.

التحليل التاريخي: النقد والتوجيه

  • الرسائل الملكية تتصدرها التوجيهات العملية بنسبة 52٪، تليها النقد الضمني (18٪) والنقد المباشر (17٪).

  • العمل السياسي العام كان المستهدف الأكبر للنقد (38٪)، يليه العمل الحزبي (31٪) ومسؤولية السياسيين (22٪).

  • هذا يوضح أن الخطاب الملكي لا يكتفي بالتوجيه الإيجابي، بل يتبنى استراتيجية صارمة للمحاسبة والتصويب.

عبد الرحيم العلام، باحث في العلوم السياسية: “خطاب افتتاح البرلمان يشمل توجيهات واضحة للحكومة، رغم استقلالية المؤسسة التشريعية، ويغطي قطاعات مهمة مثل الماء والحكامة والاستثمار”.

المخاطر والسيناريوهات المستقبلية

  • تصعيد الشارع: أي خطاب غامض أو رمزي فقط قد يؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات وانتشارها في المدن الكبرى.

  • تحديات الحكومة: تجاهل المطالب الجذرية سيزيد من فقدان الثقة بالطبقة السياسية ويضعها في مواجهة مباشرة مع الشباب.

  • فرصة الإصلاح: أي إشارة واضحة من الملك نحو محاسبة المسؤولين أو الالتزام بإصلاحات سياسية حاسمة قد تهدئ التوتر وتعيد التوازن بين الدولة والشارع.

عبد الرحيم العلام: “خطاب افتتاح البرلمان لا يخلو من توجيهات واضحة، وهو وسيلة لضمان أن تعمل المؤسسات الحكومية في مسار يخدم المصلحة العامة”.

خطاب الملك في سياق احتجاجات جيل زد

الاحتجاجات الحالية، رغم الطابع الاجتماعي، تعكس فقدان الثقة في المؤسسات التقليدية، وتضع الملك أمام اختبار مزدوج:

  1. للشباب المحتجين: هل سيجدون صدى لمطالبهم الجذرية؟

  2. للمؤسسة الملكية: هل يمكن الحفاظ على الهيبة مع التفاعل مع مطالب سياسية حاسمة؟

من المتوقع أن يحمل الخطاب إشارات رمزية نحو إصلاح المؤسسات أو المجلس الاستشاري للشباب والمجتمع المدني، ما يعكس توازن الملك بين الإصغاء للشارع والحفاظ على استقرار الدولة.

المغرب على مفترق طرق

المغرب يقف اليوم عند لحظة فاصلة:

  • خطاب الملك قد يكون فرصة لإعادة التوازن بين الدولة والشباب، أو

  • قد ينذر بتصاعد الغضب الشعبي وتغير المشهد السياسي والاجتماعي.

العالم يترقب كيف ستتعامل المملكة مع هذا التحدي، في وقت تحاول فيه الحكومة استيعاب حجم المطالب الشعبية، بينما يصر جيل زد على إصلاحات عميقة وجذرية.

اليونسي: “الجدية تعني أن النخب مؤتمنة على البلد، ويجب تقديم المصلحة العامة على المصالح الفردية أو الحزبية، لتعزيز الاجتماع السياسي وتقوية الجبهة الداخلية”.