اتهمت صحف إسبانية، رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، إياه باتخاذ قرارات أدت إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في البلاد، معتبرة أن تفضيله واردات الغاز القادمة من أميركا الشمالية على الجزائر القريبة من مدريد، أدى إلى تراجع المخزون الاحتياطي للبلاد، ورفع فاتورة الغاز للمواطنين بنحو 55 دولار.
وفقا ما نقلته الصحيفة الإسبانية “لا إنفورماثيون”، فإن سانشيز اختار بين 2018 و2020 أن يحد من واردات بلاده من الغاز الجزائري، والتي تراجعت إلى النصف، معتبرة أن بيدرو سانشيز، علل وقتها خياره، بالمرسوم الملكي الذي يعود لعام 2004 والذي يحض على تنويع مصادر واردات البلاد من الغاز.
وتزود الجزائر إسبانيا بأكثر من 12 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، بينها 8 مليارات تسلم لمجمع “ناتورجي” في إطار عقود مع “سوناطراك ”وتمثل الجزائر منذ أعوام طويلة أكبر مزود لإسبانيا بالغاز، خاصة عبر شركة “ميدغاز” التي تسير خط الأنابيب الرابط بين البلدين (تملك سوناطراك 51 بالمئة منها وناتورجي 49 بالمئة).
ومن المنتظر أن ينتهي الاتفاق الثلاثي بين الجزائر والرباط ومدريد في 31 أكتوبر/تشرين الأول الوشيك، الذي يضمن وصول الغاز من الجزائر إلى إسبانيا والبرتغال عبر المغرب، والمسمى بأنبوب “غاز المغرب العربي”. يصل بين حقل حاسي الرمل في أقصى جنوب الجزائر عبر المغرب إلى قرطبة في إسبانيا، حيث يتصل مع شبكة الغاز إلى البرتغال وإسبانيا. ويُنقل أكثر من 30 في المئة من الغاز الطبيعي المستهلك في إسبانيا عبر المغرب، وفقاً لموقع خط أنابيب أوروبا المغاربي المحدود.
على مدار الأشهر الماضية، لوحت المغرب، بحسب وسائل إعلام إسبانية، بعدم تجديد عقد أنبوب الغاز الذي يقطع أراضيها ويصل إسبانيا، على خلفية أزمة دبلوماسية مع مدريد بسبب المهاجرين غير النظاميين، وخلافات بشأن قضية الصحراء المغربية.
وتسبب استقبال إسبانيا لما يسمى زعيم كيان البوليساريو، إبراهيم غالي، في أحد مستشفياتها للعلاج من كورونا في أزمة بين الرباط ومدريد، تصاعدت بعد تدفق آلاف المهاجرين غير النظاميين أغلبهم من المغاربية نحو جيب سبتة.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، ذكر موقع الحرة الأمريكي (حكومي) أن المغرب يستخدم أوراق ضغط للرد على التطورات الأخيرة وموقف مدريد منها.
ونقل الموقع عن صحيفة “إل موندو” الإسبانية، بأن الرباط أوقفت مفاوضاتها لتجديد امتياز خط أنابيب الغاز بين المغرب الكبير وأوروبا.
لكن المغرب نفى ما تداولته وسائل الإعلام الإسبانية، حيث أوضحت المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن المغربي، أمينة بنخضرا أن “إرادة المغرب في الحفاظ على طريق التصدير هذا، تم تأكيدها بوضوح وثبات على جميع المستويات لأكثر من ثلاث سنوات”.
واعتبرت المسؤولة المغربية، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية الرسمية، في أغسطس/آب المنصرم، أن أنبوب الغاز “أداة تعاون هائلة مربحة للجانبين، ومثال على مشروع إقليمي مربح”.
غير أن وكالة الأنباء الجزائرية (رسمية) دخلت على الخط، وردّت على تصريحات بنخضرا، على لسان خبراء لم تسمهم، بأن دعم السلطات المغربية للإبقاء على أنبوب الغاز الجزائري الرابط بين المغرب العربي وأوروبا “مجرد أكاذيب”.
وقبل تفجر الأزمة الأخيرة بين الجزائر والرباط، صرح الرئيس التنفيذي لسوناطراك توفيق حكار، نهاية يونيو الماضي، أنه “إذا كان (هناك) طلب جديد (من الرباط) للإمداد من خلال الأنبوب المار عبر المغرب.. ستكون محادثات بشأنه”.
في هذا السياق، يرى الخبير والمحلل في قطاع الطاقة بوزيان مهماه، أن ما وجب إدراكه هو أن الجزائر تتعامل مع المسألة ضمن نطاق تجاري بحت، لأن الشركاء الإسبان هم المعنيون، لأنهم سيخرجون من الشراكة في الأنبوب بعد انقضاء آجاله التعاقدية (نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل).
وأوضح مهماه في حديث للأناضول، أن الجزائر ملتزمة بأن توفر الإمدادات المطلوبة من الغاز إلى إسبانيا عن طريق الأنبوب الجاهز “ميدغاز”.
وعلى هذا الأساس، يقول مهماه “فالمشكلة ليست الجزائر”.
“الجزائر ضمنت إمداد السوق الإسبانية من الغاز بنسبة 45.73 بالمئة من إجمالي الاحتياج الكلي للبلد الأوروبي في النصف الأول من العام الجاري، ولذلك فلا يمكن للجزائر أن تجازف بمكانتها كأول مورد للغاز إلى إسبانيا”.
وحسب مهماه فإن خط أنبوب الغاز “ميدغاز” الذي يربط الجزائر مباشرة بإسبانيا “سيجعل مجمع ناتورجي (Naturgy) الإسباني، المساهم الرئيسي بما يزيد عن ثلاثة أرباع في الشركة المسيرة لخط أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي (EMPL)، في غنى عن دفع الإتاوات كحق عبور لاستغلال أنبوب الغاز العابر للأراضي المغربية”.