“خوصصة الصحة في المغرب: نجاح أم استغلال؟ قصة صعود أكديطال وأرباح المليارديرات في القطاع الصحي”

0
115

في تحول لافت في القطاع الصحي المغربي، أصبح اسم “أكديطال” يرتبط بشكل متزايد بفكرة الخوصصة، في وقت يواجه فيه القطاع تحديات كبيرة في توفير خدمات صحية ملائمة للمواطنين. منذ دخولها بورصة الدار البيضاء في ديسمبر 2022، حققت مجموعة “أكديطال” ارتفاعاً كبيراً في قيمة أسهمها، ليتضاعف سعر السهم ثلاث مرات تقريباً، مما جعلها واحدة من أنجح الشركات المدرجة في البورصة المغربية.

لكن هذا الارتفاع في الأرباح يثير تساؤلات حول مستقبل القطاع الصحي في المغرب في ظل تزايد خوصصته، وتحديات وصول المواطنين إلى خدمات صحية مناسبة.

كيف استفادت أكديطال من الخوصصة؟

أكديطال، التي أسسها رشدي طالب، الطبيب المتخصص في التخدير وزوجته فاطمة أقديم، أطلقت أسهمها في البورصة المغربية في ديسمبر 2022. ومنذ ذلك الحين، شهدت قيمة أسهمها نمواً هائلًا بلغ 297%، مما جعلها واحدة من أكثر الشركات ربحية في القطاع الخاص بالمغرب.

هل كان هذا النمو نتيجة لسياسات مالية ناجحة فقط، أم أنه يرتبط بشكل وثيق بالخوصصة المتزايدة للقطاع الصحي في المغرب؟

هذا النمو السريع يعكس بشكل جزئي نجاح أكديطال في توسيع شبكة مستشفياتها عبر العديد من المدن المغربية، مستفيدة من تزايد إقبال المواطنين على الخدمات الصحية الخاصة في ظل تراجع جودة الخدمات العامة. كما أن الدعم الحكومي المتمثل في تعميم الحماية الاجتماعية كان له دور في تعزيز موقع أكديطال في السوق، مما يثير السؤال: هل كانت هذه السياسات الحكومية تهدف إلى تحسين الرعاية الصحية للمواطنين أم كانت في صالح الشركات الخاصة فقط؟

ثروة رشدي طالب: من طبيب إلى ملياردير

مع زيادة قيمة أسهم أكديطال، ارتفعت ثروة رشدي طالب، الرئيس المدير العام للمجموعة، لتصل إلى 200 مليون دولار، بينما يملك هو شخصياً 11.3% من أسهم الشركة، ما يعكس مكاسب مالية ضخمة. لكن هذا النجاح لا يأتي دون تساؤلات حول تبعاته على المدى الطويل.

هل يساهم هذا النوع من النجاحات في تعميق الفجوة الطبقية بين الفئات الاجتماعية في المغرب؟

رشدي طالب، الذي كان في البداية طبيبًا متخصّصًا في التخدير، أصبح أحد أبرز الشخصيات المليارديرية في البلاد بفضل نجاح أكديطال. ومع توسيع المجموعة لعدد مستشفياتها إلى 33 منشأة صحية مع خطط لزيادة عدد الأسرة في المستقبل، تتسائل العديد من الأصوات النقدية: هل حققت أكديطال هذا النجاح على حساب الطبقات الشعبية التي لا تستطيع تحمل تكاليف الخدمات الصحية الخاصة؟

خوصصة القطاع الصحي: هل هي الحل أم المشكلة؟

تُعتبر أكديطال اليوم رمزاً من رموز خوصصة القطاع الصحي في المغرب، وهي عملية مستمرة في السنوات الأخيرة، حيث شهدت العديد من المستشفيات الخاصة توسعاً ملحوظاً.

هل أصبحت خوصصة القطاع الصحي خيارًا لا مفر منه، أم أن هناك طرقًا أخرى لتحسين النظام الصحي دون المساس بالحقوق الأساسية للمواطنين؟

في ظل الظروف الحالية، حيث تشهد البلاد تحديات كبيرة في توفير الرعاية الصحية للمواطنين، تزداد التساؤلات حول الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذه الخوصصة. هل فعلاً تسهم أكديطال في تحسين مستوى الخدمات الصحية للمواطنين، أم أن الهدف الأساسي هو تحقيق أرباح ضخمة على حساب الفقراء؟

السياسات الحكومية: دعم القطاع الخاص أم تحسين الرعاية الصحية؟

رغم أن الحكومة المغربية تصف هذه السياسة بأنها جزء من تطبيق مقومات “الدولة الاجتماعية”، فإن العديد من المنتقدين يعتبرون أن هذه السياسات تمهد الطريق لصالح الشركات الخاصة على حساب الحق في الصحة. هل تسهم هذه السياسات في تحسين الصحة العامة في المغرب أم أن هناك تهميشاً متزايداً للقطاع العام؟

في الواقع، مع تزايد عدد المستشفيات الخاصة، لا يزال العديد من المغاربة يواجهون صعوبة في الوصول إلى خدمات صحية فعالة وميسورة التكلفة.

هل سيكون لمثل هذه السياسات تأثير إيجابي على تحسين جودة الحياة في المغرب أم أن تأثيرها سيكون محدودًا ضمن الفئات القادرة على تحمل التكاليف العالية؟

مستقبل الخوصصة في المغرب: هل هناك أفق آخر؟

قد تكون أكديطال قد حققت نجاحًا واضحًا في جذب الاستثمارات وتحقيق أرباح ضخمة، ولكن في النهاية يظل السؤال مطروحًا: هل من الممكن أن تكون خوصصة القطاع الصحي في المغرب مجرد بداية لمزيد من التوسع في هذا الاتجاه، أم أن هناك حلولًا أخرى يمكن أن تساهم في تحسين الرعاية الصحية العامة دون الإضرار بحقوق المواطنين؟

ختامًا، فإن صعود أكديطال وسرعة نمو قيمتها في البورصة يلقي الضوء على تحول جذري في القطاع الصحي في المغرب، لكن هذا النجاح لا يخلو من تعقيدات وتحديات كبيرة قد تؤثر في مستقبل النظام الصحي في البلاد.