أثار موضوع عرض المنزل الذي كان يقطنه العلامة ابن خلدون (1332 /1406م) بمدينة فاس، للبيع، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي ين مؤيد ومعارض ومحتج، وتكتفي تشكيل وزارة الثقافة بتشكيل لجنة للتفاوض مع الأسرة المالكة للمنزل حاليا التي تستغل المنزل لمن يدفع أكثر”.
ويعتبر المنزل الكائن بحي الطالعة الكبرى بفاس المدينة، الذي سكنه مؤلف “كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”، وتناول الشأن الاجتماعي والإنساني وقوانينه، واحدة من المعالم الأثرية والحضارية الكثيرة التي تزخر بها مدينة فاس التي تأسست عام 808 ميلادية، التي يمتلكها الخواص ولم تعتن بها السلطات المغربية المختصة من أجل احتضانها والعمل على احيائها من خلاله تحويلها لمزارات سياحية أو مراكز ثقافية.
بدوره أكد، سعيد العفاس، الباحث في تاريخ مدينة فاس العلمي (وسط البلاد) أن “مدينة فاس تعتبر حالة نادرة في تاريخ المدن العالمية على اعتبارها متحفا كبيرا مفتوحا يحوي كنوزا تاريخية على امتداد أكثر من 1200 عاما” مشيرا إلى أنه “هذه المرة الـ 11 التي أعلنت فيه الاسرة المالكة للمنزل منذ 1969 للبيع، وفي كل مرة يتم إلغاء العملية لأن الأسرة تعتقد بأنه مغبونة في البيع، وحاولت الاتصال بالسفارة التونسية لدى الرباط من أجل شراء المنزل غير ما مرة”
ويضيف العفاسي: أن” مروان مهياوي يحاول أن يستغل اسم ابن خلدون للبحث عن مشتر يدفع أكثر، وعلى السلطات المغربية أن تسن قانونا ينزع ملكة مثل هذه المنازل مقابل ثمن مناسب حتى يتسنى لها التصرف فيها وتصبح لكل المغاربة وليست ملكية خاصة”
ويؤكط العفاسي بأن العلامة ابن خلدون عاش فترة من الزمن في مدينة فاس،وتم “تعيينه من قبل السلطان أبو عنان ملك المغرب الأقصى في منصب عضو بمجلسه العلمي وبأن يتولى التدريس في جامعة القرويين، وهناك علامة داخل الجامع حيث كان يوضع كرسي ابن خلدون إلى يومنا هذا”حتى يومنا هذا.
وفي تعذر الاتصال بوزير الثقافة والشباب والتواصل محمد مهدي بنسعيد،أفادت مصادر متطابقة بأن الوزارة شكلت لجنة للتفاوض مع أسرة مهياوة المالكة للمنزل، و في انتظار تقرير اللجنة.
وأضافت المصادر بأن الوزارة المعنية ستقوم بإصدار بيان حول الموضوع بمجرد التوصل بتقرير اللجنة العلمية، وفي حالة تبين أن المنزل أو الرياض يعود إلى العلامة ابن خلدون، سأكون أول المدافعين عن صيانته وإشعاعه وطنيا ودوليا.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن العلامة ابن خلدون قدم إلى المغرب بدعوة من السلطان المريني أبو عنان. وفي فاس، تلقى العلامة التونسي تعليمه على يد ثلة من علماء جامعة القرويين، كما عاش في البلاط السلطاني حيث شغل أسمى المناصب قبل الانتقال إلى الأندلس وإلى مصر حيث أمضى بقيته حياته.
“ولد العلامة عبد الرحمن بن خلدون غرة رمضان سنة 732 للهجرة الموافق 27 مايو/أيار 1332 ميلادي بدار حسبما يبدو بنهج تربة الباي القريب من جامع الزيتونة المعمور ونهج الأندلس التي استقرت به جالية أندلسية هامة، وتتكون هذه الدار من طابق أرضي وآخر علوي يحومان حول فناء مكشوف. وقد تم كساء أغلب جدران البيوت والصحن بمربعات الخزف، وقد وقع توظيف هذه الدار من قبل المعهد الوطني للتراث”.
هذه العبارات المدونة على لوحة خشبية صفراء اللون، تتصدر الجدار الخارجي لمنزل أبوابه خضراء، وتتضمن وصفا لدار لا تزال تروي تاريخ مولد أحد أكبر المؤرخين في التاريخ العربي، هو البيت الذي رأى فيه العلامة عبد الرحمن بن خلدون صاحب كتاب “المقدمة” الشهير النور ونشأ فيه في أسرة عربية انتقلت من تونس إلى إشبيلية عندما بدأ الإسلام بالدخول إليها وعندما شارفت على السقوط.
في ذلك المنزل بمنطقة باب الجديد، أحد أبواب مدينة تونس العتيقة، وفي أول أيام شهر رمضان للعام 732 للهجرة، ولد ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن جابر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن خلدون، المعروف اختصارا باسم ابن خلدون، مؤسس علم الاجتماع وأحد من ضجت المجالس بذكرهم في القرن الـ 14 ميلادي.
قيمة تاريخية
لا يزال المنزل القريب من جامع الزيتونة ضاربا في الشموخ والأصالة فقد كست جدرانه مربعات الخزف المخطوط عليها زخارف كانت في ذلك الزمن حكرا على الأثرياء.
وتمثل تلك الدار قيمة رمزية وحضارية لا تقدر بثمن مما دفع وزارة الثقافة في تونس إلى الإعلان رسميا عن تحويل تلك البناية إلى متحف حضاري وتاريخي يضم أعمال ابن خلدون ومؤلفاته والكتب التي روت سيرته وحياته الأدبية.
من المفروض أن تعمل وزارة الثقافة على إعادة إحياء وترميم المنزل الذي أقام فيه العلامة ابن خلدون (1332 /1406م) بمدينة فاس،من باب أولى كالعديد من المعالم الثقافية والتاريخية والدينية بالمدينة العتيقة ضمن برنامج متكامل لإحياء الرتاث المغربي.