عاد الأساتذة المتعاقدون في المغرب إلى التصعيد بخوض إضراباً وطنياً متزامنا مع الدخول المدرسي بهدف إسقاط آلية التعاقد، معتبرين أنها فُرضت عليهم من جانب وزارة التربية، بالتالي يهدفون من خلال المسيرات التي ينظمونها إلى إسقاط تلك الآلية وإلى إدماجهم في سلك الوظيفة العامة.
وأعلنت “التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”عن دخول مدرسي ساخن، ببرنامج احتجاجي تتخلله إضرابات وطنية، إنزالات قطبية تزامنا مع محاكمة 33 أستاذا متابعين في حالة سراح، جرى توقيفهم بعد المشاركة في الإنزال الوطني المنظم خلال أبريل الماضي.
قالت “التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد” الأساتذة المنتمين إليها إلى انتخاب ممثلي مؤسساتهم التعليمية،إن قناعتها تتصلب يوما بعد يوم ويزداد غيمانها بالنصر خاصة بعد التحاق أطر الدعم التربوية والاجتماعي والنفسي وأطر الاقتصاد، بمعركة إسقاط التعاقد والمطالبة بالإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية، معتبرة هذا الالتحاق إضافة ستدفع بالمعركة نحو مسارها الصحيح في افق انتزاع المطلب العادل والمشروع دون قيد أو شرط.
وأعلنت التنسيقية استمرارها في مقاطعة امتحان التأهيل المهني، وتشبثها بالنضال الميداني موقفا وممارسة حتى إسقاط التعاقد والإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية.
ودعت التنسيقية، إلى حمل الشارة السوداء وتنظيم لقاء ات تواصلية وفتح نقاشات بين الأساتذة يوم الثاني من شتنبر، مع تنظيم أشكال إقليمية في الساعات العمومية والأحياء الشعبية يوم الخامس من نفس الشهر.
وقررت التنسيقية خوض إضرابا وطنيا يومي 15 و 16 من شتنبر 2021 مع إنزال قطبي بالرباط لجهتي الرباط سلا القنيطرة وبني ملال خنيفرة يوم الـ16 من شتنبر وأشكال إقليمية أو جهوية أو قطبية بين الأقاليم لباقي الجهات.
يليه إضراب وطني آخر، أيام 23، 24، 25 شتنبر 2021 مع إنزال قطبي بالرباط يوم 23 من الشهر لجهتي الدار البيضاء سطات وفاس مكناس، وأشكال إقليمية أو جهوية أو قطبية بين الأقاليم لباقي الجهات.
نظام التعاقد
وبعد أن كان الأساتذة يوظَفون في إطار النظام الأساسي للوظيفة العامة في المغرب، الذي يضمن حقوقاً من بينها الحق في الترقية والأقدمية، لكن الحكومة لجأت خلال عام 2016، إثر النقص الكبير في أعداد الأساتذة في النظام التعليمي المغربي، إلى اعتماد نظام التعاقد لملء الشواغر. وانتقل بموجب تلك الآلية الأساتذة من موظفين إلى مستخدَمين لدى أكاديميات التعليم.
ومع نصّ نظام التعاقد على بعض البنود من قبيل تلك التي تخوّل مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فسخ العقد من دون تعويض المدرّس، وأنه لا يملك الأستاذ الحق في الترقية الوظيفية، ولا الحق في التقاعد في حالة المرض والعجز، قام الأساتذة المتعاقدون بسلسلة احتجاجات وإضرابات دفعت وزارة التعليم إلى اعتماد نظام أساسي جديد خاص بأطر الأكاديميات، لكنه احتفظ بالحق في فصل الأساتذة من دون إشعار مسبق، إضافة إلى منع المدرسين من التنقل عبر الأكاديميات.
وصرح وزير التربية الوطنية المغربي، سعيد أمزازي، أنه “بفضل التوظيف الجهوي تمكنا اليوم من تقليص عدد الأقسام المشتركة، وتقليص الاكتظاظ على مستوى الأقسام التي كان يصل عدد التلاميذ في بعضها إلى أكثر من 40 تلميذاً”.
في المقابل، أكد الوزير تمسك وزارته بالتوظيف الجهوي، باعتباره “مكسباً كبيراً للدولة، وسنمضي فيه لأنه خيار استراتيجي ولا يمكن التراجع عنه أبداً”، مشيراً إلى أنه “في ظرف 5 سنوات تم توظيف 100 ألف أستاذ، ولولا التوظيف الجهوي لما تم استقطاب هذا العدد الكبير من الأساتذة”.
عقد إذعان؟
في المقابل، تنفي الأستاذة المتعاقِدة إيمان وقار أن يكون التعاقد بين الأساتذة ووزارة التعليم متكافئاً، باعتبار أن “أي اتفاق يتطلب وجود حرية الاختيار لدى الطرفين المتعاقدين”، مؤكدةً أن تعاقدهم يشوبه الإذعان، “باعتبار الإكراهات التي يعيشها جل خريجي الجامعات في المغرب المهددين بالبطالة بعد التخرج، بالتالي اضطر الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد إلى الإذعان الاضطراري بالجبر والإكراه لبنود ذلك الاتفاق، لكن قيامهم بعملهم لا يمنعهم من النضال بهدف التحرر من ذلك التعاقد المجحف، في إطار سلمي وحضاري ضمن احترام تام للدستور الذي يضمن الحق بالاحتجاج السلمي”.