عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أعاد التأكيد على دعوته لإجراء انتخابات سابقة لأوانها خلال اجتماع المجموعة الأسبوعي، موضحاً أن هذه الخطوة ليست مجرد استفزاز للحكومة بل تأتي كجزء من مبادرة لقياس ثقة الشعب في أداء حكومة أخنوش.
بيّن بووانو أن تلك الدعوة تأتي في سياق يرى فيه الحاجة لتعزيز الشفافية والديمقراطية، مؤكداً أن الحكومات في بريطانيا وفرنسا اتخذت خطوات مشابهة بناءً على فقدان الثقة الشعبية في حكوماتها.
كما أشار إلى أن الحكومة الحالية تواجه تحديات كبيرة في الاقتصاد والاجتماع بسبب سياساتها التي لم تكن ناجعة، مما أدى إلى احتجاجات واسعة وتدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح بووانو، أن قيمة ثقة الشعب، هي التي جعلت بريطانيا وفرنسا، تعرفان انتخابات برلمانية مبكرة، خلال الأيام الماضية، مبرزا أن حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، رجع إلى الشعب بعدما فقد ثقته في الانتخابات المحلية، وكذا حزب الرئيس ماكرون في فرنسا، رجع إلى الشعب بعدما مني بهزيمة في انتخابات برلمان أوروبا، ولم يجدا أي حرج في العودة للشعب.
وأضاف رئيس مجموعة “البيجيدي”، أنه لاشيء يُخيف في الانتخابات السابقة لأوانها، لطلب ثقة المواطنين من جديد، مؤكدا أن الحكومة الحالية، تسيّر الشأن العام الوطني بدون ثقة المواطنين، وارتكبت أخطاء كبيرة، نتج عنها أزمات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، في جميع القطاعات، حيث “لم يخلُ أي قطاع من الاحتجاجات والاضرابات، ولم تقم بأي إجراءات ناجعة خاصة في مجال دعم القدرة الشرائية التي انهارت بسبب ارتفاع التضخم”، بالإضافة إلى تفاقم مؤشرات الفساد وتضارب المصالح، وتزايد نسبة البطالة، وتراجع المؤشرات الاقتصادية، خلال النصف الأول من ولايتها.
كما أوضح بووانو في الاجتماع ذاته، أن الموقف من العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، كان له تأثير على الانتخابات المبكرة التي عرفتها كل من بريطانيا وفرنسا، وظهر ذلك حسب بووانو، في فوز الأحزاب التي تضامنت مع غزة وفلسطين، وهزيمة الأحزاب التي دعمت إسرائيل، مجددا في السياق نفسه إدانة المجموعة لاستمرار العدوان الهمجي على غزة، ودعوة الشعب المغربي إلى مواصلة التضامن مع فلسطين بكل الوسائل والمبادرات الممكنة.
“الحكومة تحت النار: رفض تفاعلي مع أزمة كليات الطب والصيدلة يثير جدلاً برلمانيًا”
في سياق متصل، كشف “المعهد المغربي لتحليل السياسات” شتنبر 2023 عن نتائج دراسته الحديثة التي توضح أن المواطنين يفقدون تدريجيًا الثقة في المؤسسات المنتخبة ككل، وتحديدًا في الحكومة الحالية. ولاحظ وجود عودة إلى الاتجاهات التي كانت سائدة قبل جائحة “كوفيد” عام 2020، حيث كانت الثقة في المؤسسات السياسية منخفضة بشكل ملحوظ.
وأكد المعهد المذكور أنه يحرص على تطوير مشروع مؤشر الثقة في المؤسسات لقياس وتحليل مستوى ثقة المواطنات والمواطنين المغاربة في مختلف المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ بهدف توفير منصة للنقاش العمومي حول مسألة الثقة في المؤسسات في المغرب، وتقديم توصيات ومقترحات لصناع القرار من أجل تعزيز هذه الثقة؛ وذلك من منطلق أن مستويات الثقة العالية يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع المشاركة والتعاون. وعلى العكس من ذلك، يمكن أن تؤدي مستويات الثقة المنخفضة إلى اللامبالاة وعدم المشاركة في الشأن العام وحتى تنامي انعدام الثقة.
وفي أحدث استطلاع رأي أنجزه المعهد المذكور، تبين أن ثمة انخفاضًا عامًا في الثقة بالمؤسسات المنتخبة، بما في ذلك الحكومة الحالية مقارنة بالعام الماضي: 43 في المئة من المغاربة يثقون بالحكومة في عام 2023 مقارنة بـ 69 في المئة في عام 2022.
كما انخفضت الثقة في الأحزاب السياسية والبرلمان إلى 33 في المئة و42 في المئة على التوالي.
في المقابل، تتمتع المؤسسات السياسية المحلية بثقة أعلى، إذ أعرب 62 في المئة من المستجوبين عن ثقتهم في المجالس البلدية المحلية. كما حظيت وزارة الداخلية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بثقة عالية بنسبة 73 في المئة و83 في المئة على التوالي.
ومن ثم، تؤكد نتائج هذا العام، مرة أخرى، أن المؤسسات غير المنتخبة تتمتع بمستويات ثقة أعلى مقارنة بالمؤسسات المنتخبة. وتبقى الشرطة (87%) والجيش (89%) والدرك (84%) المؤسسات الأكثر ثقة.
وسجل التقرير أن الثقة في التعليم العام انخفضت قليلاً إلى 76 في المئة، بينما انخفضت الثقة في التعليم الخاص بشكل كبير إلى 55 في المئة. والجدير بالذكر أن استياء شريحة كبيرة من المغاربة من التعليم الخاص برز بشكل كبير خلال جائحة “كوفيد”، بسبب قيام جل المدارس الخاصة بإلزام الأسر بدفع المستحقات الشهرية عن أبنائهم، رغم كونهم لم يتلقوا الدراسة في الأقسام.
على مستوى آخر، تبقى الثقة في خدمات الصحة العامة منخفضة عند 49 في المئة، بينما تتمتع خدمات الصحة الخاصة بثقة أعلى بنسبة 72 في المئة. وشهد النظام المصرفي مستوى ثقة متوسط بنسبة 58 في المئة.
وتتمتع منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية بمستويات ثقة بنسبة 58 في المئة و44 في المئة على التوالي. وتظل الإدراكات حول الفساد عالية، حيث يدعي 83 في المئة من المستجوبين أن الرشوة منتشرة في المغرب.
وسجل التقرير أن 8 في المئة فقط من العينة المستجوبة هم أعضاء في منظمة المجتمع المدني. كما لاحظ انخفاض المشاركة في السياسة الرسمية، حيث إن 98 في المئة من المستجوبين ليسوا أعضاء في أي حزب سياسي. علاوة على محدودية الثقافة السياسية. فعلى الرغم من أن 83 في المئة قالوا إنهم يعرفون اسم رئيس الحكومة، فإن إجاباتهم تباينت بين عزيز أخنوش وعبد الإله بن كيران وسعد الدين العثماني؛ بينما عرف 6 في المئة فقط اسم رئيس مجلس النواب في البرلمان و2 في المئة عرفوا اسم رئيس مجلس المستشارين.
وأوضح “المعهد المغربي لتحليل السياسيات” أنه اعتمد في هذا التقرير على المنهج الكمي، وأن النتائج الواردة فيه تستند إلى التحليل الكمي للبيانات التي جرى جمعها في الفترة ما بين 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 و23 شباط/ فبراير 2023، بناء على عينة تمثيلية تكونت من 2000 شخص، وفقاً للهيكل الديموغرافي الذي حددته “المندوبية السامية للتخطيط” (مؤسسة رسمية)، وهي عينة تمثيلية للسكان المغاربة الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً فأكثر.