دقّ الناقوس: قراءة مطوّلة في احتجاجات «GenZ 212» وردّ فعل الأزمي

0
107

1) ما حدث — ملخّص ميداني مختصر (وقائع محورية)

منذ أواخر سبتمبر 2025 اندلعت موجة احتجاجات شبابية في المغرب بقيادة مجموعات لا مركزية تُعرف باسم GenZ 212، انطلقت بعد وقوع حالات وفاة في المستشفيات العامة (حالات نسائية/أمهات) وأخذت بسرعة بعدًا احتجاجيًا ضد تدهور الخدمات العامة (التعليم والصحة)، وتوسّعت لتطال مدنًا وأريافًا متعددة. الاحتجاجات تحوّلت أحيانًا إلى عنف، سجّلت وفيات واعتقالات وإصابات وأضرار مادية. هذه الاحتجاجات تُصنّف الآن كأوسع حركة احتجاجية داخلية منذ موجات سابقة (منذ 2016–2017).

2) لماذا يكتسب خطاب إدريس الأزمي أهمية تحليلية الآن؟

خطاب الأزمي، الذي يدعو لقراءة احتجاج الشباب كـ«ناقوس خطر» ويدعم فتح الفضاءات الديمقراطية وتفعيل الدستور وربط المسؤولية بالمحاسبة، مهم لسببين متداخلين:

  • هو يحوّل السؤال من منطق أمني إلى منطق سياسي ومؤسسي: أي مناقشة الأسباب البنيوية (الخدمات، التهميش، البطالة) بدلًا من عزلها كقضايا أمنية.

  • لكنه، بوصفه نائبًا أول للأمين العام لحزب تقليدي، يواجه قيودًا عملية على قدرة حزبه في فرض إصلاحات فورية، وهو ما يطرح سؤال الترجمة من خطاب إلى فعل.

3) آراء خبراء ومحلّلين — ماذا تقول الصحافة والتحليلات الدولية؟

الصحف الكبرى والتحليلات الميدانية تبرز نقاطًا متكرّرة:

  • المحرّك الفوري كان انهيار ثقة المواطنين في جودة الخدمات العامة، مع رمزيات قوية (وفيات في أقسام التوليد)، ما أعطى للحراك شرعية شعبية واسعة.

  • الميزة التنظيمية الجديدة: شبكات رقمية (Discord، TikTok، Instagram) أمنت سرعة الانتشار وغياب زعماء واضحين، ما يصعّب قنوات التفاوض التقليدية.

  • المراقبون يحذّرون من فخَيْن: القمع الذي يفضي إلى تصعيد، أو الردّ الاعتذاري الإنشائي (وعود بلا تنفيذ) الذي يهدر فرصة تحويل المطالب إلى إصلاحات هيكلية.

4) دروس مقارنة: تشابهات واختلافات مع حركات دولية

أربط هنا بين ثلاثة حالات مرجعية مفيدة للقراء:

أ. فرنسا — “السترات الصفراء” (Gilets Jaunes)

  • التشابه: حركة شعبية واسعة النطاق غير مؤطّرة تقليديًا، ظهرت عن مطالب اقتصادية/عبء تكاليف المعيشة، استخدمت أشكالًا لافتة للاحتجاج (حواجز، تعطيل حركة) وراكمت ضغطًا سياسيًا دون قيادة واحدة.

  • الدرس: غياب قنوات تمثيل واضحة يجعل قدرة الدولة على استهداف مطالب ملموسة أصعب، وفي المقابل يُجبر الدولة على إما الاستجابة بعروض سياسية ملموسة أو على إجراءات أمنية قد تزيد عدائية الشارع.

ب. تشيلي — “الانفجار الاجتماعي” 2019

  • التشابه: شرارة صغيرة (زيادة أجرة المترو) تحوّلت إلى مطالب أوسع حول العدالة الاجتماعية والخدمات العامة والكرامة، مع تحول المطالب إلى عملية دستورية (استفتاء على دستور جديد).

  • الدرس: تحويل الاحتجاج إلى مسار مؤسسي (حوار دستوري أو إصلاح مؤسساتي) ممكن إذا توفرت آليات سياسية وشرعية تؤسس لطلب تغيّر جذري؛ لكنه يحتاج إلى استراتيجية تواصلية وسياسية واضحة.

ج. الاختلاف الجوهرِي للمشهد المغربي

  • في المغرب يضاف عامل حسّاس: الهيكلة السياسية والرمزية الملكية. الحراك، إلى حدّ كبير، يتجنّب مهاجمة المؤسسة الملكية مباشرةً، ما يَخْفف من احتمال صدام مؤسسي مفتوح لكنه في نفس الوقت يجعل مسارات الضغط على تنفيذ إصلاحات معقّدة لأن القرار السياسي الفعلي يتوزّع بين الحكومة ومؤسسات عليا ذات وزن.

5) سيناريوهات محتملة للمسار السياسي في المغرب (ثلاثة سيناريوهات رئيسية)

أعرض ثلاثة مسارات متمايزة مع شروط كل مسار واحتمالاته:

سيناريو A — التهدئة التوافقية والاحتواء (الأكثر احتمالًا قصير الأمد)

  • عناصره: تصريحات استجابة، فتح لجان تحقيق رمزية، ووعود بإصلاحات قطاعية (صحة وتعليم)، وبرنامج إنعاش اجتماعي محدود.

  • نتيجته: تهدئة مؤقتة إذا رافق التنفيذ نشاطًا محليًا حقيقيًا، وإلا سيعود الاحتقان لاحقًا.

  • شروط نجاحه: آليات تنفيذ شفافة، مشاركة شبابية فعلية، مواعيد زمنية واضحة.

سيناريو B — التصعيد الأمني وتجمّد المسار السياسي (خطر متوسط–عالي)

  • عناصره: ردّ أمني قوي، اعتقالات واسعة، قمع متكرر للمتظاهرين.

  • نتيجته: انخفاض المظاهر العلنية مؤقتًا لكن مع تراكمات غضب وتهديد بعودة أكثر حدة أو مسارات سرية للعنف، وتدهور صورة النظام داخليًا وخارجيًا.

سيناريو C — تحوّل مؤسسي وإصلاحات جذرية (طويل الأمد، أقل احتمالًا لكنه متاح شرط إرادة سياسية)

  • عناصره: عمليات إصلاح حقيقية (تقوية الصحة والتعليم، إعادة ترتيب الأولويات المالية، إصلاح الأحزاب والمؤسسات الوسيطة، خطوات لتعزيز المحاسبة والشفافية).

  • نتيجته: إضعاف جذور الاحتجاج إذا ترافق مع مشاركة شبابية وتجديد تمثيلي؛ يواجه مقاومات من شبكات المصالح الاقتصادية والسياسية.

6) توصيات عملية لصانعي القرار والوساطات المدنية والإعلام

(مقترحات مباشرة قابلة للتطبيق — مكتوبة بصيغة اقتراحية للاعتماد في ملف نشر أو عرض على جهات صانعة قرار)

للسلطة التنفيذية

  1. لجنة مستقلة تحقيقًا سريعًا وشفافًا في القضايا الصحية الملتهبة (نتائج قابلة للنشر خلال 30 يومًا، مع إجراءات تأديبية عند المساس).

  2. خارطة طريق إصلاحية قطاعية قصيرة ومتوسطة المدى (تعليم/صحة/وظائف) مع معالم زمنية وميزانيات واضحة.

  3. آلية حوار شبابي مفتوحة تعترف بجهات تمثيلية شبابية (حاضنات مجتمعية، ممثلون عن مجموعات Discord/منصات) وتعمل بجدول زمني.

للمجتمع المدني والأحزاب

  1. تشكيل منصات محلية لتلقي شكاوى المواطنين ومتابعتها — جسور بين المتظاهرين والإدارات المحلية.

  2. خارطة مطالب موحّدة قابلة للقياس (قائمة قصيرة ببنود الأولوية) لزيادة فرص التفاوض وتحويل الضغط إلى نتائج.

للإعلام

  1. تحرّي الحقائق حول ضحايا وأحداث المستشفيات والملفات الحسّاسة لتجنب «الشائعات» أو تضخيم الانفجار الغضبي بلا مسوغات.

  2. منح مساحة للأصوات الشابة لتوضيح مطالبهم بنبرة بنّاءة — ترسيخ جدلية الإصلاح بدلًا من الاستقطاب.

7) منهجية مقترحة لملف تحليلي مطوّل (عمل ميداني/بحثي يمكن نشره كـ«ملف رأي استراتيجي»)

إذا رغبت في تحويل هذا التحليل إلى ملف مطوّل جاهز للنشر (كما اقترحت في مسودتك الأصلية)، أقترح تضمين المكونات التالية الآن (وأعرض كيف أعدّها — إذا تريدني أن أكتبها الآن سأضمّن كل جزء في هذه الاستجابة):

  1. مقابلات خبراء (سياسات عامة، صحة عامة، حقوق بشر، علم الاجتماع الشبابي) — اقتراح قائمة بأسماء مؤسسات/خبراء محليين وإقليميين.

  2. شهادة ميدانية من شباب مشاركين ومن أسر المتضرّرين (حوارات قصيرة).

  3. تحليل بيانات: نسب بطالة الشباب، نسبة الإنفاق العام على الصحة/التعليم، توزيع الإنفاق الإقليمي — استخدام إحصاءات رسمية ومصادر دولية.

  4. مقارنة دولية (باب مخصّص لفرنسا وتشيلي وغيرها مع استنتاجات تطبيقية).

  5. خاتمة استراتيجية (خارطة طريق من 6 إلى 12 شهراً مع «مؤشرات نجاح» قابلة للقياس).

8) خاتمة تحليلية موجزة

تصريح إدريس الأزمي يُشكّل نقطة انطلاق لاستدعاء نقاش مؤسسي ضروري؛ لكنه وحده لا يكفي. ما يحدد مصير هذا الحراك هو مدى قدرة الأطراف (الحكومية، الحزبية، والمجتمع المدني) على تحويل مشاعر الاستياء إلى آليات إصلاح قابلة للقياس، أو — في حال فشل هذا التحويل — على استمرارية دورة عنف واحتقان تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والسياسي. التاريخ المقارن يظهر أن تحويل الشرارات الأولى إلى إصلاحات دائمة يتطلب وجود قنوات تمثيلية جديدة أو تجديد حقيقي للأحزاب والمؤسسات الوسيطة.