ديون المغرب تتخطى 102.6 مليار دولار .. الحكومة تُغرق البلاد في الديون والشعب يدفع الثمن

0
270

لم يكفّ مسؤولون مغاربة عن الدعوة إلى التحلي باليقظة والتحوط من مخاطر الإمعان في الاستدانة، حيث يستحضرون ما حدث في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما قفزت الديون الخارجية من 12.9% من إجمالي الناتج الداخلي في 1974 إلى 43.8% في عام 1982.

تجاوزت ديون المغرب 880 مليار درهم خلال سنة 2021، وسط توقعات أن تقترض الحكومة  3،3  مليار  دولار، خلال سنة 2022، لسد العجز الكبير في الميزانية، والأدهى أن هذه القروض لا توجه لـ”الاستثمار المنتج”، لخلق مناصب الشغل، و رفع الغبن عن الشعب المغربي، الذي يدفع وحده ثمن السياسات العرجاء للحكومات المغربية.

وبحسب تقرير سنوي لبنك المغرب حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية بأن حصة الدين العمومي المباشر مقابل الناتج الداخلي الخام انخفضت بواقع 3,3 نقطة لتصل 68,9 في المائة في سنة 2021.

وأوضح التقرير، من طرف والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، أن الدين حصة العمومي المباشر من الناتج الداخلي الخام انخفضت بواقع 3,3 نقطة إلى 68,9 في المائة، مع انخفاض الدين الداخلي بواقع 1,8 نقطة مئوية ليصل إلى 53,1 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وتدني الدين الخارجي بواقع 1,5 نقطة إلى 15,9 في المائة.

وأشار بنك المغرب إلى أنه بالمقابل ، واصل مبلغه الجاري منحاه التصاعدي، مسجلا مرة أخرى زيادة بنسبة 6,3 في المائة ليصل الى 885,3 مليار درهم، مما يعكس ارتفاع مكونه الداخلي بواقع 7,7 في المائة إلى 681,5 مليار درهم، ومكونه الخارجي بنسبة 2 في المائة إلى 203,8 مليار درهم.

وفي ما يتعلق بخصائص هذا الدين، انخفض متوسط آجال استحقاق مكونه الداخلي بشهرين مقارنة بسنة 2020 ليستقر عند 6 سنوات و5 أشهر، وانخفض متوسط كلفته من 4 إلى 3,5 في المائة.

وبالنسبة للمكون الخارجي للدين ، فقد انخفضت هذه التكلفة من 2,5 في المائة إلى 2,4 في المائة، ولا يزال الأورو يهيمن على بنيته، حيث ارتفعت حصته من 60,6 إلى 63,1 في المائة، على حساب الدولار الذي انخفضت حصته بنسبة 1,6 نقطة مئوية إلى 31,9 في المائة.

أما الدين الخارجي لباقي المقترضين العموميين، فأوضح البنك المركزي أنه عرف انخفاضا بنسبة 0,9 في المائة ليصل إلى 174,8 مليار درهم، وهو ما يمثل 13,6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي مقابل 15,3 في المائة سنة 2020.

وذكر خبراء، أن رهن المغرب لسياساته الاقتصادية لصندوق النقد الدولي، الذي يسعى الى  فرض ضوابط  مجحفة، خاصة ما تعلق برفع الدعم سيكون الوضع معه ” مؤلم للشعب المغربي “، ما يهدد ” بانفجار شعبي و انفلات أمني”، جراء تدهور الظروف المعيشية.

وأكد بنك المغرب أنه إجمالا، بلغ جاري الدين العمومي الخارجي 378,6 مليار درهم، أي ما يعادل 29,5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، مبرزا أن الدائنين متعددي الأطراف يمتلكون 49,3 في المائة منه، مقابل 28,5 في المائة للسوق المالية الدولية والبنوك التجارية، و 22,2 في المائة للدائنين الثنائيين.

ورغم تأكيد المسؤولين في المغرب وجود رصيد من العملة الصعبة في حدود 36 مليار دولار حالياً، وعدم ارتفاع المديونية الخارجية العمومية، حيث تستقر في حدود 38 مليار دولار، إلا أن هناك مخاوف من اللجوء للاستدانة في ظل الظروف الناجمة عن الأجواء العالمية.

ولم تفصح الحكومة، في الفترة الأخيرة، عن سياستها لتمويل الإنفاق الإضافي لمواجهة عجز الموازنة، ما يفتح المجال أمام ترجيح اللجوء إلى الاستدانة من السوق الداخلي أو السوق الخارجي.

وكان قانون مالية العام الحالي، الذي جرى البدء في تنفيذه في يناير/كانون الثاني، توقع أن تصل القروض إلى 11 مليار دولار خلال هذا العام، موزعة بين 4.4 مليارات دولار من السوق الداخلية و6.6 مليارات دولار من السوق الخارجية.

تطور الدين العام الذي يشمل الدين الداخلي والخارجي منذ 2019 من 59 مليار دولار إلى أكثر من 70 مليار دولار، حيث انتقلت من 64.8% من إجمالي الناتج الداخلي إلى 75.4%، وهي نسبة يرتقب أن تبلغ 77.8% في نهاية 2022.

ويقول الخبير في المالية العمومية محمد الرهج، في تصريح صحفي، إن مديونية الخزانة، ما فتئت ترتفع في الأعوام الثلاثة الأخيرة في شقيها الداخلي والخارجي، ما يطرح التساؤل حول السياسة التمويلية لعجز الميزانية في المغرب.

ويرى أنه كان على الحكومة، من أجل تفادي اللجوء إلى الاقتراض، إجراء إصلاح جبائي لتوفير موارد مالية لتمويل الإنفاق، مضيفا أنه يمكن ألا تمثل الديون الداخلية مشاكل بالنسبة للدولة، إلا أن ارتفاع الديون الخارجية في الفترة الأخيرة يشكل عبئا على الموازنة العامة التي سيكون عليها أداء الفوائد والعمولات سنوياً.

ويعتبر أنه إذا كان المغرب استفاد من معدلات فائدة منخفضة في الفترة السابقة، فإنه يتوقع أن يواجه ارتفاعاً في تكاليف الاقتراض إذا ما قرر اللجوء إلى الاقتراض من السوق الدولية خلال العام الحالي، بسبب صعود أسعار الفائدة ورسوم المخاطر والتأمين.

وفي السياق، كان الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة قد قال، مؤخراً، إن الديون التي يحين سدادها تستدعي غالباً الاستدانة مرة أخرى، وإن أعباء الدين تمثل حيزاً كبيراً على مستوى موازنة الدولة، حيث مثلت أعباء الديون نحو 49.2% من الإيرادات الجبائية الصافية للدولة خلال العام الماضي.

ولفت إلى أن نسبة مديونية الخزانة من إجمالي الناتج الداخلي كانت يمكن أن تكون أكبر من 75.4%، لو لم تعمد الدولة إلى تعبئة موارد عبر الهبات ومساهمات الشركات والموظفين والمواطنين من أجل ضخ إيرادات في صندوق مكافحة جائحة كورونا.

وشدد محافظ بنك المغرب المركزي عبد اللطيف الجواهري على أنه لا يجب أن تذهب القروض لتمويل نفقات التسيير، مشيرا إلى أن القروض يفترض أن توجه للاستثمارات الجيدة، التي تتيح خلق الثروة وتسهل على الدولة سداد الديون، من أجل عدم نقل أعبائها إلى الأجيال المقبلة.

ولفتت افتتاحية نشرية “النهج الديمقراطي ” الى أن تكريس سياسة الاستدانة، “سيزيد من رهن البلاد لدى المؤسسات المالية الدولية، وعلى راسها البنك الدولي، و صندوق النقد الدولي، ما يكرس التبعية، و فقدان السيادة  الوطنية والخضوع للشروط القاسية  و المجحفة، التي تفرضها هذه المؤسسات من تقشف في الخدمات الاجتماعية وخوصصتها وتفكيك الوظيفة العمومية والتحرير الكلي للاقتصاد والاسعار”.

وتذهب تلك القروض، وفق المصدر ذاته، ” لسد عجز الميزانية وتسديد الديون وفوائدها الكبيرة وليس للاستثمار المنتج، الذي يخلق فرص العمل، لامتصاص البطالة المتفشية، بشكل مهول او الى القطاعات والخدمات العمومية الاجتماعية، ما يعمق معاناة الشعب المغربي  و يحرمه من حقوقه الأساسية  في الصحة و العلاج والتعليم والسكن والحماية الاجتماعية “.

وخلصت افتتاحية نشرية حزب النهج الديمقراطي المغربي، الى أن الشعب المغربي ” هو من يدفع  ثمن اغراق البلاد في الديون، و ليس الطبقة البرجوازية الاحتكارية المسيطرة، و المستفيدة من الأوضاع القائمة عبر الاستغلال و النهب، و استثمار الموارد و الاموال العمومية خدمة مصالحها”.