في أعقاب الخطاب الملكي لعيد العرش المجيد لهذه السنة، الذي ركّز على تعزيز الاقتصاد والاجتماع وفق النموذج التنموي الجديد، أثارت مذكرة وزارة الداخلية الخاصة ببرامج التنمية الترابية الجديدة جدلاً واسعًا. ففي الوقت الذي يعتبر فيه البعض المذكرة خطوة ضرورية لتنفيذ التوجيهات الملكية بسرعة وكفاءة، يطرح آخرون تساؤلات حول حدود صلاحيات وزارة الداخلية ودور باقي الأجهزة الحكومية، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات التشريعية لسنة 2026.
السياق الدستوري
يؤكد د. الحسن عبيابة أن مذكرة وزير الداخلية ليست تجاوزًا للسلطات، بل تدخل ضمن السياق الدستوري:
-
الفصل 42: يشرف الملك على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات وصيانة الاختيار الديمقراطي.
-
الفصل 49: يمنح المجلس الوزاري صلاحية التداول في التوجهات الاستراتيجية وقوانين المالية.
-
الفصل 145: يحدد دور الولاة والعمال في تنفيذ البرامج التنموية ومراقبة تطبيق القانون.
الاستنتاج: إشراف وزارة الداخلية على البرامج ليس قرارًا سياسيًا، بل أداة تنفيذية لضمان سرعة التنفيذ وفعالية التدخل في مختلف الجهات.
لماذا وزارة الداخلية؟
-
إشراف مباشر على المجال الجغرافي للتنمية، يتيح تنفيذ البرامج بسرعة ومرونة أكبر من بقية الوزارات.
-
قدرة لوجستية ميدانية لتقليص الفوارق التنموية والاجتماعية بين الجهات.
-
ضمان حياد البرامج وعدم استخدامها لأغراض انتخابية أو سياسية ضيقة.
تساؤل مهم: هل هذه المركزية تعزز التنفيذ أم تقلل من دور المجالس الجهوية والمحلية في إدارة البرامج؟
التحديات الأساسية
-
فعالية التنفيذ: كيف سيتم قياس نتائج البرامج على الأرض؟
-
الشفافية والمساءلة: ما الآليات لضمان أن البرامج لا تُستغل سياسياً؟
-
التكامل بين الأجهزة الحكومية: هل هناك تنسيق فعلي بين وزارة الداخلية وبقية الوزارات؟
-
سد الفجوة التنموية: هل البرامج الجديدة كافية لتقليص الفوارق بين السرعتين المتفاوتتين للتنمية؟
تحليل معمّق
المقال يبرز أن نجاح البرامج يعتمد على تحويل التوجيه الملكي إلى واقع ملموس، بعيدًا عن أي تأثير سياسي أو محلي محدود. المركزية في وزارة الداخلية توفر سرعة التنفيذ، لكنها تطرح تساؤلات حول توزيع الصلاحيات، ودور الجهات والمجالس المحلية، وشفافية العمليات.
المفارقة: الإجراءات التنفيذية قد تكون فعالة، لكنها تحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان أن تعود بالنفع الحقيقي على المواطنين، لا أن تتحول إلى مجرد شعارات.
معلومات جانبية
🔹 ما الجديد في جيل البرامج الترابية؟
-
إدراج برامج استدراكية لمعالجة الفوارق بين الجهات.
-
إشراف مباشر من وزارة الداخلية لضمان سرعة التنفيذ.
-
توجيه صريح للحياد بعيدًا عن الاستغلال الانتخابي.
🔹 ما الذي لم يتغيّر بعد؟
-
محدودية دور الوزارات الأخرى والمجالس الجهوية.
-
آليات متابعة وقياس النتائج لا تزال غير مفصلة.
-
بعض الفوارق التنموية القديمة تحتاج وقتًا طويلًا لتصحيحها.
الخلاصة
مذكرة وزارة الداخلية تمثل خطوة تنفيذية مهمة في تنزيل توجيهات الملكية، لكنها تفتح باب التساؤلات حول شفافية التنفيذ، توزيع المسؤوليات، وفعالية البرامج في معالجة الفوارق التنموية. النجاح الحقيقي لهذه البرامج لن يُقاس بالسرعة وحدها، بل بقدرتها على تحقيق أثر ملموس ومستدام على حياة المواطنين.
سؤال مفتوح: هل ستتمكن الحكومة من توسيع نطاق الإصلاح ليشمل تكامل جميع الجهات والمجالس، أم ستظل السرعتان المتفاوتتان للتنمية تحديًا مستمرًا؟