ذ/ الحسن عبيابة: الإصلاحات السياسية بين المبادرة الملكية وعجز الأحزاب

0
551

في مقال تحليلي لذ/ الحسن عبيابة، أستاذ جامعي ووزير سابق، يتناول الكاتب مضامين المجلس الوزاري الذي ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم الأحد 19 أكتوبر 2025 بالقصر الملكي بالرباط، والذي خُصص للتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026 والمصادقة على مجموعة من القوانين التنظيمية ذات البعد السياسي العميق.

غير أن قراءة “المغرب الآن” لهذا المقال لا تكتفي بتلخيص مضامينه، بل تتوقف عند خلفياته ودلالاته، لتعيد طرح السؤال المحوري: هل نحن أمام إصلاح سياسي جديد يعبّر عن إرادة الدولة، أم عن عجز الأحزاب عن المبادرة؟

1. ذ/ الحسن عبيابة بين النص الدستوري واللحظة السياسية

يستند ذ/ الحسن عبيابة في تحليله إلى الفصل 49 من الدستور المغربي الذي يحدد اختصاصات المجلس الوزاري في التداول حول القضايا الاستراتيجية للدولة.

لكن ما يثير الانتباه في قراءته هو تأكيده على أن المشاريع المصادق عليها — والمتعلقة بمجلس النواب، والأحزاب السياسية، وآلية الدفع بعدم دستورية القوانين، وتعديل القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية — ليست مجرد تحديث تشريعي، بل تحول سياسي يؤطر المرحلة المقبلة من المسار الديمقراطي المغربي.

وهنا، تبرز قراءة “المغرب الآن” بأن ما يطرحه ذ/ عبيابة لا يُفهم فقط في سياق التقنية القانونية، بل في سياق إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، في لحظة يواجه فيها العالم العربي أزمات تمثيلية وشرعية متفاقمة.

2. الشباب في صلب الإصلاح: بين رؤية الملك وتحليل ذ/ الحسن عبيابة

يولي ذ/ الحسن عبيابة أهمية خاصة لمشروع إشراك الشباب دون سن 35 سنة في الحياة السياسية، عبر دعم مالي يغطي 75% من مصاريف الحملات الانتخابية. وفي قراءتنا التحليلية، يتضح أن الكاتب يرى في هذه الخطوة تجسيدًا لمقاربة ملكية جديدة تجعل من الشباب طرفًا فاعلًا لا مجرد جمهور انتخابي.

لكن بين سطور مقاله، يمكن التقاط رسالة أعمق: أن الدولة أخذت بزمام المبادرة في مجال كان يفترض أن تتولاه الأحزاب السياسية، أي تأطير الشباب وتحفيزهم على الانخراط في الحياة العامة.

إنها، بتعبير “المغرب الآن”، لحظة إعادة توزيع للأدوار السياسية، حيث الملك يقود التحديث السياسي في غياب نجاعة حزبية أو مبادرة مدنية حقيقية.

3. ذ/ الحسن عبيابة يضع الأحزاب أمام المرآة

في تناول ذ/ الحسن عبيابة لموضوع مراجعة قانون الأحزاب، يظهر بوضوح موقف نقدي تجاه واقع التنظيمات الحزبية المغربية. فهو يدعو إلى أحزاب تحترم الدستور، تدير ماليتها بشفافية، وتكرّس الديمقراطية الداخلية كما ينص عليها الفصل السابع من الدستور.

وفي تحليل “المغرب الآن”، تكمن قوة هذه الإشارة في أنها لا تكتفي بالتذكير بالنصوص، بل تسائل جوهر الفعل الحزبي نفسه: كيف يمكن لأحزاب تفتقد للممارسة الديمقراطية أن تكون فاعلًا في تدبير الشأن العام؟

بهذا المعنى، يمكن قراءة مقال ذ/ عبيابة كنوع من المرافعة الأكاديمية الهادئة ضد الجمود الحزبي، وكمحاولة لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والحزب، بين الإصلاح من فوق والإصلاح من الداخل.

4. الإصلاحات الملكية في قراءة ذ/ الحسن عبيابة: بين الضرورة والسبق التاريخي

يؤكد ذ/ الحسن عبيابة أن الإصلاحات التي صادق عليها المجلس الوزاري جاءت في وقتها المحدد، وأنها إصلاحات ملكية “لم تتمكن الأحزاب السياسية من تحقيقها ولا من اقتراحها”.

وهنا تتوقف قراءة “المغرب الآن” عند البعد الرمزي لهذه الجملة: إنها اعتراف ضمني بتراجع المبادرة السياسية لدى الأحزاب، مقابل حضور متزايد للمبادرة الملكية كمحرك رئيسي للإصلاحات الكبرى في المغرب.

لكنها أيضًا تفتح الباب أمام سؤال جوهري: هل هذا التوازن بين المبادرة الملكية والضعف الحزبي هو وضع مؤقت أم خيار استراتيجي للدولة المغربية للحفاظ على الاستقرار السياسي في زمن التحولات؟

5. ذ/ الحسن عبيابة ومفهوم الإصلاح الهادئ

في خاتمة مقاله، يرى ذ/ الحسن عبيابة أن المغرب “يصعد بهدوء” تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، في مسار يجمع بين الاستقرار والتدرج. وتقرأ “المغرب الآن” هذه العبارة كتصوير دقيق لنهج الدولة المغربية خلال العقدين الأخيرين: إصلاحات متدرجة، بلا قطيعة، وبمنطق التراكم الهادئ.

لكنها في الآن نفسه تطرح سؤالًا مفتوحًا: إلى أي حد يمكن للإصلاح أن يظل “هادئًا” في مجتمع يزداد وعيه السياسي وتتصاعد مطالبه الاقتصادية والاجتماعية؟

خلاصة قراءة “المغرب الآن”

مقال ذ/ الحسن عبيابة ليس مجرد تعليق سياسي على المجلس الوزاري، بل هو نص يحمل روح الباحث الذي يقرأ في العمق لا في السطح، ويقترح رؤية إصلاحية تضع الدولة في موقع القيادة والتوجيه.

غير أن القراءة النقدية تبرز أن هذا المسار، مهما كانت نجاعته، يضع الأحزاب أمام مسؤولية تاريخية: إما أن تواكب الإصلاح من موقع الفاعل، أو أن تكتفي بدور المتفرج في مغرب يتغير بإرادة ملكية لا تعرف التردد.