أكد رئيس البرلمان العربي عادل العسومي، ضرورة التضامن العربي في مواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ومخططات التهجير القسري للشعب الفلسطينيوطرده من أرضه لصالح المحتل الغاصب.
وقال العسومي ،في كلمته اليوم الخميس أمام الجلسة الخاصة للبرلمان العربي حول “نصرة فلسطين وغزة” بمقر الجامعة العربية، “إننا أمام لحظة فارقة تمر بها القضية الفلسطينية،وعلينا أن نواجه كافة المحاولات التي تهدف -عبثاً- إلى تصفية هذه القضية،كما تفرض علينا طبيعة هذه المرحلة التضامن العربي التام لوأد هذه المحاولات في مهدها”.
ونبه العسومي إلى أن من أخطر ما يمكن أن تتعرض له القضية الفلسطينية في الوقت الراهن، هو اعتياد المشهد الحالي لجرائم الحرب اليومية، التي يقوم بها الاحتلال حتى يحقق هدفه منها.
وشدد على ضرورة ” أن نظل مُتِّحدين في مواجهة هذا المخطط، الذي يفرض على أشقائنا في قطاع غزة أن يختاروا ما بين الموت تحت القصف أو ترك وطنهم وأرضهم للمُحتل”.
وأكد دعم البرلمان العربي التام لكافة الجهود العربية المخلصة، التي تقف حائلاً دون حدوث هذا السيناريو،ومواجهة مخططات التهجير القسري للشعب الفلسطيني وطرده من أرضه لصالح المحتل الغاصب.
وأكد العسومي ،مجدداً أن سياسات القتل والتدمير والتهجير التي تقوم بها قوات الاحتلال الغاشمة، لن تنجح في إخضاع الشعب الفلسطيني أو دفعه إلى الاستسلام واليأس،وإنما ستزيده إصراراً في الدفاع عن حقوقه المشروعة، والوقوف في وجه آلة الاحتلال ومقاومة الإرهاب الذي تقوم به،مشددا على أن قضية صاحب الحق لن تموت أبداً.
وقال العسومي إن انعقاد هذه الجلسة، يخصصها البرلمان العربي لنصرة فلسطين وغزة،يأتي انطلاقاً من تحمله لمسئوليته القومية تجاه قضيتنا الأولى،القضية الفلسطينية،التي تتجذر فى عقل ووجدان كل إنسان عربي،وتفرض علينا جميعاً التضامن التام مع أشقائنا الفلسطينيين في هذه اللحظة الفارقة.
وأشار إلى أنه على مدار ما يقرب من ثلاثة أشهر متواصلة، يتعرض الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لحرب إبادة جماعية وتهجير قسري، وتُرتَكَب ضده جرائم حرب مكتملة الأركان في أبشع صورها، والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء المدنييِّن، معظمهم من الأطفال والنساء، الذين تُرتكب ضدهم محرقة حقيقية بشكل يومي، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وأعرب العسومي ،عن الأسف الشديد،لأن الصور الصادمة لأشلاء الضحايا من المدنييِّن ومشاهد الدمار الكامل والشامل الذي يشهده قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، لم تُحرِك للعالم ساكناً، ولم يستطع مجلس الأمن الدولي أن يصدر حتى مجرد قرار لوقف إطلاق النار، على نحوٍ يُجِسد أكبر أزمة إنسانية يواجهها الضمير العالمي في العصر الحديث.
وأشار إلى أن التاريخ سيخلد هذه المأساة الإنسانية التي لا تقل دماراً عن مأساة هيروشيما ونجازاكي وغيرها من المآسي التي شهدها تاريخ البشرية.
وقال العسومي “إن الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، التي تتغنى ليلاً ونهاراً بشعارات الدفاع عن حقوق الإنسان،تشارك في أكبر جريمة في العالم ضد حقوق الإنسان، سواء بصمتها أو بدعمها لجرائم الحرب والممارسات الإرهابية،التي تقوم بها القوة القائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
ووجه العسومي رسالة إلى البرلمان الأوروبي،الذي دأب على التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية من خلال إصدار بيانات وتقارير تتعلق بأوضاع حقوق الإنسان، وهي بالأساس تقارير تستند إلى أكاذيب وافتراءات غير موجودة على أرض الواقع،قائلا:”رسالتي لهم: أين أنتم من قتل الأجنَّة في بطون أمهاتهم؟ أين أنتم من قتل أطفال لا تتجاوز أعمارهم الأيام؟ ولماذا لم نرى قراراً أو بياناً يدين الجرائم التي تقوم بها القوة القائمة بالاحتلال؟
وأضاف ” إن صمتكم جريمة ومشاركة فعلية في ارتكاب هذه المجازر بحق الأطفال والنساء، ولا يحق لكم في ظل هذا الموقف المُخزي،أن تتحدثوا مجدداً عن أوضاع حقوق الإنسان في أي بقعة من بقاع العالم”.
وتابع “العسومي”:” إننا أمام واقع عالمي يفرض قواعد ومفاهيم جديدة، تُكرِس مبدأ ازدواجية المعايير وتدافع عنه ،وأمام واقع عالمي يبحث عن مبررات لإرهاب الدولة على حساب مبادئ وقواعد وقيم القانون الدولي”.
ونبه العسومي ،إلى أنه إذا لم يستفيق المجتمع الدولي من غفلته الحالية تجاه ما يحدث في غزة، فإنه يأذن لشريعة الغاب أن تسود من جديد،ولن يتوقف الأمر عند المجازر الوحشية/ التي ترتكبها القوة القائمة بالاحتلال في قطاع غزة، وإنما ستتكرر في مناطق أخرى من العالم،/ طالما وَجد الغاصب والمحتل مَنٌّ يدعمه ويبرر له جرائمه.
وأكد أن المواقف الدولية ممَّا يحدث في قطاع غزة،يجب أن تكون نقطة تحول فاصلة،تدفع نحو إعادة النظر من جديد في القواعد الحاكمة لإرادة المجتمع الدولي،فلا يُعقل أن يكون هناك أكثر من مائة وخمسين دولة تُطالب بوقف فوري لإطلاق النار،وتأتي دولة واحدة لترفع أيديها المُلطخة بدماء الأبرياء، وتشِل هذه الإرادة الدولية، وهو ما يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء.
وأشار إلى أن البرلمان العربي،وانطلاقاً من دوره القومي،قاد منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان الغاشم على قطاع غزة، تحركاً دبلوماسياً برلمانياً عربياً على كافة المستويات من أجل حشد الدعم الإقليمي والدولي لنصرة القضية الفلسطينية، والوقف الفوري للجرائم التي تقوم بها قوات الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأوضح أنه منذ الجلسة الأخيرة للبرلمان العربي التي عُقدت في الرابع عشر من أكتوبر الماضي، تحرَّك البرلمان العربي في عدة مسارات متوازية،أولها: التواصل المستمر مع الاتحادات البرلمانية الدولية والإقليمية ومطالبتها بتحمُل مسئوليتها القانونية والإنسانية والأخلاقية في التصدي للجرائم العنصرية والاعتداءات الغاشمة التي تقوم بها قوات الاحتلال في قطاع غزة، وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف أن المسار الثاني تمثل في التوجه للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والمطالبة بتطبيق اختصاصها الإقليمي حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتحقيق العاجل في المجازر التي ترتكبها سلطات الاحتلال ومحاكمة مرتكبيها كمجرمي حرب.
ولفت إلى أن المسار الثالث، هو محاولة الالتفاف على حالة العجز والشلل التام، التي يواجهها مجلس الأمن الدولي بسبب الفيتو الأمريكي، والمطالبة بدعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لتفعيل البند الخاص بالاتحاد من أجل السلام، لإصدار قرار مُلزم بالوقف الفوري لإطلاق النار.
وقال إن المسار الرابع، هو جعل لجنة فلسطين التابعة للبرلمان العربي في حالة انعقاد دائم،مشيرا إلى أن اللجنة عقدت عدة اجتماعات، كان آخرها أمس،وأعدت قراراً في هذا الشأن، سيتم عرض بنوده في تلك الجلسة، مؤكدا أن البرلمان العربي،سيظل في حالة انعقادٍ دائم دعماً لأشقائنا في دولة فلسطين.
ووجه العسومي ،تحية إجلال وإكبار إلى أشقائنا في دولة فلسطين،الذين يخوضون معركة وجود دفاعاً عن أرضهم ومقدساتهم وهويتهم العربية في مواجهة اعتداءات وجرائم القوة القائمة بالاحتلال، سائلا الله تعالى أن يرحم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الدفاع عن حقوقهم المشروعة،وأن يَمنٌّ على المصابين بالشفاء العاجل.
وأكد ضرورة ألا نستهين بأي وسيلة متاحة يمكن لنا من خلالها مساعدة أشقائنا في دولة فلسطين،داعيا الشعب العربي إلى الاستمرار في مقاطعة منتجات كل مَنٌّ يدعم قوات الاحتلال الغاشمة في القيام بجرائمها ضد الشعب الفلسطيني.
وتابع :”إذا كان هؤلاء لا يفهمون لغة الإنسانية، ولا تُحرِكهم مشاهد القتل والتدمير اليومي في قطاع غزة، فإنهم بلا شك يفهمون لغة المال والمصالح”.
وأكد العسومي،مجددا أن القضية الفلسطينية ستظل هي قضيتنا الأولى الراسخة والمتجذرة، في قلب كل عربي، ولن يقبل الشعب العربي بالمساس بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، أو حرمانه من أبسط حقوقه في العيش بحرية وكرامة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.