تعد الموارد المائية بالمغرب من بين أضعف الموارد في العالم، حيث يعد من بين البلدان التي تتوفر فيها أقل نسبة من الماء لكل نسمة، وفق بيانات رسمية لوزارة التجهيز والماء، وتقدر الموارد المائية في المغرب بـ22 مليار متر مكعب في السنة.
الرباط – قالت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب “الاشتراكي الموحد” إن إشكالية الماء في المغرب مركبة، وينبغي معالجتها بأشكال متعددة، وفي انسجام تام وتعاون بين القطاعات الوزارية والمؤسسات ومختلف المتدخلين.
وأكدت في مداخلة لها، أمس الثلاثاء بمجلس النواب، أثناء مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية حول نهر الربيع، أنه لا يجب الانتظار حتى تشكيل لجنة استطلاعية حول نهر أم الربيع، لنصل إلى استناج يفيد بتدهور الموارد المائية وانخفضاها وتلوثها.
ودعت إلى تفكير جماعي تشاركي مع تخطيط عقلاني لوضع سياسة مائية مستدامة وضابطة لتدبير الموارد المائية ببلادنا، خاصة في ظل الجفاف الذي أصبح معطى بنيويا.
وشددت منيب على ضرورة أن تتدخل الدولة من أجل تدبير الندرة، وضمان جودة المياه واستدامتها على المدى المتوسط والبعيد وفي ظل جهوية موسعة.
وأبرزت أنه من الضروري القيام بمراجعة جذرية للاختيارات التي طبقت في بلادنا، فنهر أم الربيع عليه 11 سدا، لذلك ينبغي التفكير قبل بناء السدود المكلفة على أكثر من مستوى.
وأشارت أنه من الضروري تحقيق الصرامة في تطبيق القوانين وسن سياسة للتحسيس والتربية، والتصدي للخراب الذي يتسبب فيه الفلاحون الكبار، والمستثمرون الذين تتاح لهم الفرصة لاستغلال المياه في أراضي مجاورة للوديان.
وتقدر الموارد المائية السطحية بمجموع التراب الوطني في السنة المتوسطة بـ18 مليار متر مكعب، وتتراوح وفق السنوات من 5 مليارات متر مكعب إلى 50 مليار متر مكعب.
وتمثل المياه الجوفية حوالي 20% من الموارد المائية التي تتوفر في المملكة، ويبلغ حاليا مخزون المياه الجوفية القابلة للاستغلال 4.2 مليارات متر مكعب في السنة.
وفي المغرب حاليا 149 سدا كبيرا بسعة تخزينية تفوق 19 مليار متر مكعب وسدود متوسطة وصغيرة ومشاريع لتحلية مياه البحر في 9 محطات تعبئ 147 مليون متر مكعب في السنة، بالإضافة إلى آلاف الآبار والأثقاب لتعبئة المياه الجوفية.
غير أن الجفاف أثر على هذه الموارد المائية، فقد وصل المخزون المائي للسدود مثلا حتى الثاني من مارس/آذار الجاري حوالي 5.3 مليارات متر مكعب، أي ما يعادل 32.8% كنسبة ملء إجمالي مقابل 49.6% سجلت في نفس التاريخ من السنة الماضية.
ويوضح المهندس والخبير في الماء عبد الرحيم هندوف في تصريح سابق، أن حصة الفرد من المياه تتناقص سنويا بسبب تزايد السكان والحاجات المتزايدة والاستهلاك المفرط للماء، وأيضا بسب التغير المناخي وتراجع كمية التساقطات، متوقعا أن تصل البلاد إلى عتبة الإجهاد المائي قبل 2050.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قد حذر في تقرير له من أن حالة ندرة المياه في المغرب مقلقة، لأن مواردها المائية تقدر حاليا بأقل من 650 مترا مكعبا للفرد سنويا، مقابل 2500 متر مكعب في سنة 1960، وستنخفض عن 500 متر مكعب بحلول سنة 2030.
وأضاف أن الدراسات الدولية تشير إلى أن التغيرات المناخية يمكن أن تتسبب في اختفاء 80% من موارد المياه المتاحة في المملكة خلال الـ25 سنة القادمة.
زادت سنوات الجفاف المتتالية من حدة ندرة المياه، وتعتبر هذه السنة من أقسى مواسم الجفاف التي شهدها المغرب منذ الثمانينيات.
ودفع هذا الوضع العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى دعوة الحكومة لاتخاذ تدابير عاجلة لحماية الفلاحين ومربي الماشية والحد من تبذير المياه.
وخصصت الحكومة 10 مليارات درهم (حوالي مليار دولار) لتمويل برنامج استثنائي للتخفيف من آثار تأخر تساقط الأمطار وندرة المياه.
ويؤثر هذا الوضع الحرج على الاقتصاد الوطني الذي يعتمد على الفلاحة بشكل كبير، إذ يمثل الإنتاج الفلاحي حوالي 14% من الناتج الوطني.
ويتوقع الخبير الاقتصادي عبد النبي أبو العرب أن يعمق الجفاف الأزمة بالبلاد خاصة أن الفلاحة تشغل حوالي 4 ملايين من اليد العاملة.
وضعت وزارة التجهيز والماء خطة من أجل تجاوز تداعيات الجفاف ومشكلة ندرة المياه بشكل عام، وتتضمن هذه الخطة التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها عددا من الإجراءات والتدابير.
ومن هذه التدابير تسريع أعمال تزويد المراكز القروية انطلاقا من منظومات مائية مستدامة، في إطار المخطط الوطني للتزويد بالماء الشروب والسقي (2020-2027)، وتقوية عمليات استكشاف موارد مائية إضافية، خصوصا عبر إنجاز أثقاب لاستغلال المياه الجوفية، إلى جانب الاقتصاد في استعمال الماء والحد من الهدر، خصوصا بقنوات الجر والتوزيع.
وستعمل الوزارة- بحسب ما جاء في الخطة- على مباشرة حملات توعية واسعة النطاق لإقرار التعامل العقلاني مع الموارد المائية، وتزويد المراكز و”الدواوير” التي تعاني من شح الموارد المائية والبعيدة عن المنظومات المائية المهيكلة عن طريق شاحنات صهريجية، وإيقاف سقي المساحات الخضراء بواسطة الماء الشروب واللجوء إلى استعمال المياه العادمة المعالجة حال توفرها.
كما خصصت الوزارة موازنة تقدر بـ1153 مليون درهم (حوالي 120 مليون دولار)، من أجل تمويل برنامج استعجالي تكميلي، يهمّ بإنجاز سدود تلية وسدود صغرى، وتأجير وشراء شاحنات صهريجية، وتثبيت محطات متنقلة لتحلية مياه البحر والمياه العادمة.
إضافة إلى برنامج الغيث، وهو برنامج يهدف إلى رفع نسبة الأمطار أو الثلوج باستعمال تقنية تلقيح السحب، باستعمال مواد كيميائية غير ضارة بالبيئة مثل “يودير الفضة” بالنسبة للسحب الباردة (-5 درجات) “وملح كلورير الصوديوم” بالنسبة للسحب الدافئة.