زعيمة اليسار المغربي: تطالب برفع الضريبة على 29 شركة للمحروقات أغلبها لرئيس الحكومة إلى نسبة 45 بالمائة

0
268

عاد ملف أرباح شركات توزيع المحروقات في المغرب إلى الواجهة من جديد، بعدما صدر تقرير عن مجلس المنافسة تضمن اتهامات ثقيلة للشركات الفاعلة في هذا القطاع بتعطيل المنافسة، من خلال الاتفاق على تحديد أسعار البيع وزيادة أرباحها بشكل كبير.

طالبت نبيلة منيب، النائبة البرلمانية الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، بفرض ضريبة استثنائية على شركات المحروقات تفوق تلك التي يقترح مشروع قانون المالية فرضها على الأبناك.

جاء ذلك ضمن حزمة من التعديلات قدمتها منيب على مشروع قانون المالية برسم سنة 2023، ضمنها رفع الضريبة على أرباح شركات المحروقات إلى 45 في المائة.

وشددت النائبة البرلمانية على ضرورة فرض ضريبة تصاعدية من أجل تحقيق عدالة ضريبية، وإجبار الشركات التي راكمت أرباحا مرتفعة على أن تشارك في ميزانية الدولة لاسترداد بعض من الأرباح.

وكان مجلس المنافسة قد طالب بدوره بفرض ضريبة استثنائية على شركات المحروقات، بعدما خلص في تقرير له إلى إبطال شركات المحروقات المنافسة في هذا القطاع.

واقترح المجلس إقرار ضريبة استثنائية تعتمد بالتدرج على الأرباح المحققة من فوائض ربح الشركات لدعم البرامج الاجتماعية للدولة.

واعتبر المجلس أن من شأن هذه الضريبة أن تحث الشركات على الحفاظ على هوامش ربح منطقية في حالة انخفاض الأسعار على الصعيد الدولي، من خلال تطبيق فوري لهذه التخفيضات على أسعار البيع في السوق الوطنية، وبالتالي تنشيط أفضل للمنافسة، إلا أن الحكومة بررت عدم إقرار هذه.

يعمل في المغرب حوالي 29 شركة في سوق توزيع الديزل والبنزين (متوسط السعر حالياً 16 درهماً أي 1.37 دولار للتر) وتبلع محطات الخدمة التابعة لها حوالي 2399، ويستورد المغرب كامل احتياجاته من المنتجات البترولية من الخارج.

يبلغ متوسط حجم الكميات المبيعة في السوق الوطنية من البنزين حوالي 6.6 مليون طن سنوياً، ما يماثل حوالي 8.3 مليار لتر، أي بمعدل استهلاك حوالي 228 لتراً للفرد في العام.

مجلس المنافسة كناية عن هيئة رقابية تُعنى بمحاربة الاحتكار والممارسات المنافية لقواعد اقتصاد السوق، وقد تطرّق في تقريره، الصادر مؤخراً، لمبيعات وأرباح 7 شركات، هي: “أفريقيا” و”غرين أويل” و”المغربية للنفط” و”ونسكو” وكلها مغربية، بالإضافة إلى “فيفو إنرجي” و”توتال إنرجي” و”أولا إنرجي” وهي فروع لشركات أجنبية.

يثير ملف المحروقات، منذ سنوات، جدلاً سياسياً نظراً لكون إحدى الشركات المعنية، وهي “أفريقيا”، تابعة لمجموعة “أكوا” (AKWA) التي يمتلك رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش حصة الأسد فيها، وهو يُعتبر بحسب “فوربس” أكبر أغنياء المملكة بثروة تناهز 1.8 مليار دولار.

وفقاً لتقرير مجلس المنافسة؛ بلغ الربح الصافي الإجمالي للشركات السبع من مختلف أنشطتها، التي تشمل توزيع الديزل والبنزين والغاز والفيول والكيروسين، 10.7 مليار درهم مغربي (حوالي مليار دولار) ما بين عامي 2018 و2021.

تُمثّل الأرباح المتأتية من نشاط بيع الديزل والبنزين تحديداً أكثر من النصف، بحوالي 6.7 مليار درهم (606 مليون دولار) خلال الفترة نفسها، أي بمتوسط سنوي يناهز 1.68 مليار درهم.

بلغت أرباح شركة “أفريقيا” العام الماضي 497 مليون درهم (45 مليون دولار)، في حين حققت “فيفو إنرجي” 555 مليون درهم (50 مليون دولار)، و883 مليون درهم (80 مليون دولار) لـ”توتال إنرجي”.

خلاصات التقرير أشارت إلى أنَّ انخفاض أسعار المحروقات على المستوى العالمي لم ينعكس على الأسعار المطبّقة من قِبل الشركات محلياً، نظراً لوجود تفاهمات بينهما، وهو ما يُجرّمه القانون. 

قبل 2015، كانت أسعار المحروقات في المغرب مُدعّمة من الدولة، بكلفة تناهز 50 مليار درهم سنوياً (4.5 مليار دولار)، أي ما يعادل ميزانية وزارة التربية الوطنية. وكان هذا الدعم يتم عبر صندوق المقاصة الذي يدعم حالياً السكر والدقيق وغاز البوتان بكلفة متوقَّعة مع نهاية العام بحوالي 33 مليار درهم مغربي.

اليماني أوضح أنَّ “هامش الربح كان قبل التحرير في حدود 0.56 درهم للتر الديزل، وقفز بعد التحرير لأكثر من درهم، ووصل في بعض الأحيان لحوالي درهمين، لاسيما حينما تتأخر الشركات بتخفيض الأسعار بعد هبوطها في السوق الدولية بدعوى التخلص من المخزون القديم”. 

بعد مرور سنة على تحرير أسعار المحروقات؛ وجّهت النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، شكوى إلى مجلس المنافسة للتحقيق في شبهة وُجود توافق حول أسعار المحروقات بالمغرب بشكل ينافي قانون حرية الأسعار.

بدأ مجلس المنافسة، الذي يُعتبر بمثابة مؤسسة شبه قضائية، التحقيق في هذه الشبهة وأصدر قراراً غير مسبوق في يوليو 2020، يقضي بفرض غرامة مالية تبلغ 9% من حجم المعاملات السنوية على كل من شركة “أفريقيا” التي ناهزت أعمالها 27 مليار درهم (2.4 مليار دولار) عام 2019، وشركتي “توتال” (14.7 مليار درهم) و”فيفو إنرجي” (14.1 مليار درهم).

لكنَّ القرار لم يُطبّق على أرض الواقع، إذ أصدر الديوان الملكي بلاغاً يكشف تزويده بمذكرة من أعضاء مجلس المنافسة تفيد أنَّ “التحقيق في تجاوزات الشركات اتسم بتجاوزات إجرائية وممارسات من طرف رئيس المجلس مَسَّت جودة ونزاهة القرار”. في إثر ذلك؛ تم إعفاء الرئيس السابق وعُيّن الرئيس الحالي أحمد رحو في مارس من العام الماضي.

بعد هذا التدخل من الديوان الملكي، لم يستكمل المجلس عمله فيما يخص ملف المحروقات في انتظار انتهاء البرلمان من اعتماد قانون جديد ينظم المؤسسة، حيث يكتفي حالياً بالنظر في تراخيص التركيزات الاقتصادية، وإصدار تقارير وآراء استشارية لفائدة الحكومة والبرلمان.

يؤكد اليماني، الذي عمل لسنوات في مصفاة “سامير” لتكرير البترول، أنَّ معالجة ملف المحروقات يستلزم “مراجعة القوانين المنظمة لهذا القطاع (بعضها يعود إلى سبعينيات القرن الماضي) وملاءمتها مع متطلبات فتح السوق، وتسهيل الولوج للفاعلين الجدد القادرين على خلق مقومات المنافسة الشريفة”. 

لدى المغرب مصفاة وحيدة لتكرير البترول توجد بمدينة المحمدية، لكنَّها توقفت عن العمل عام 2015 بسبب تراكم ديونها إلى أكثر من 43 مليار درهم (4 مليارات دولار)، ودخلت مرحلة التصفية عام 2016 بحكم قضائي يتم بموجبه بيع أصول الشركة، لكن لم يتم ذلك لحد الساعة بدعوى عدم تلقي عروض مجدية للشراء.

يَعتبر رئيس النقابة الوطنية للبترول والغاز في المغرب أنَّ “العمل على استئناف تكرير البترول في المملكة، والتشجيع على تعزيز نشاط التخزين، وحمل مجلس المنافسة على القيام بدوره الدستوري في منع كل الممارسات المنافية لقواعد حرية الأسعار والمنافسة؛ كلها إجراءات مطلوبة لضبط سوق المحروقات، وبالتالي؛ توفير منافسة عادلة وتخفيض الأسعار إلى مستوى معقول وهامش ربح مقبول”.