زعيم المعارضة يصف التخلي عن ألف امرأة وطفل مغاربة “عالقين في بؤر التوتّر” في سوريا والعراق بـ”وصمة عار في جبين الحكومة”

0
226

يعيش أكثر من 1000 مغربي، بينهم نساء وأطفال، محتجزين في كل من سوريا والعراق في ظروف مزرية دفعتهم إلى مناشدة الملك محمد السادس عبر تنسيقية تحمل إسمهم التدخل شخصياً لحل قضية النساء والأطفال العالقين والمحتجزين في البلدين اللذين يعانيان ويلات الحروب وتسلط الجماعات الإرهابية.

الرباط – واصل الأمين العام لحزب “الاضصالة والمعاصرة”، عبد اللظيف وهبي ، هجومه على الحكومة ، بعرض ما يعانيه الأطفال المغاربة والأسرة العالقين في سوريا والعراق بـ”وصمة عار في جبين الحكومة”، داعيا إلى الإسراع في إعادتهم إلى المغرب.

وقال عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة (معارضة)، والذي يش رئيس “المهمة الاستطلاعية حول المغاربة العالقين ببؤر التوتر في سوريا والعراق”، إن المغرب عليه أن يكون “مسؤولا عن أطفاله أينما كانوا في العالم”، مشيرا إلى أن أعمار هؤلاء الأطفال تتراوح بين 8 و10 سنوات.

وأضاف ، خلال مداخلة بالجلسة الأسبوعية بمجلس النواب، “أطفالنا في سوريا والعراق يعانون الأمرين، مات آباؤهم الذين ارتكبوا جريمة الإرهاب، ومازالوا يعانون هناك”.

متسائلا” هل يجب أن نتخلى عن أبنائنا لأن آباءهم وأمهاتهم تخلوا عنهم؟”.

من جانبها، قالت وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة،جميلة المصلي،  على تدخل وهبي، مؤكدة أن المغرب “لا يتخلى عن أبنائه”.

وقالت المصلي إن الحكومة المغربية تعمل على “تحديد هويات الأطفال العالقين في الخارج، وإعادتهم إلى وطنهم”.

وشكل مجلس النواب المغربي، “مهمة استطلاعية” أواخر شهر سبتمبر من عام 2020، وضع لها هدف “الوقوف على حقيقة ما يعانيه العديد من الأطفال والنساء والمواطنين المغاربة العالقين ببعض بؤر التوتر كسوريا والعراق”.

وتقدر تنسيقية العائلات وجود أزيد من 100 رجل و78 امرأة و205 أطفال ما بين سوريا والعراق.

ولا توجد أرقام دقيقة عن عدد الأطفال والنساء العالقين في سوريا والعراق، وكذا مغاربة “داعش” المعتقلين، لكن يجري الحديث عن نحو 1000 مغربي ومغربية منهم أطفال، عالقون هناك. وسبق لعبدالحق الخيام، المدير السابق للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن كشف، في تصريح في 2016، أنه جرى إحصاء نحو 1664 مقاتلاً مغربياً في بؤر النزاعات، منهم 929 ينشطون في صفوف “داعش”، و100 ضمن تنظيم “شام الأندلس” و50 في تنظيم “جبهة فتح الشام- تنظيم النصرة”، فيما يتوزع الباقون على عدد من التنظيمات في المنطقة. وعاد 221 مقاتلاً إلى المغرب، فيما لقي 596 مصرعهم خلال المعارك الدائرة في مناطق النزاع، كما رُصد وجود 285 امرأة التحقن بعائلاتهن في مناطق النزاع، و378 طفلاً، عاد 15 منهم فقط إلى المغرب.

وتُعتبر المملكة من الدول القليلة التي عملت في آذار (مارس) 2019 على استعادة مواطنها في سوريا، وقد بلغ عددهم حينها ثمانية أشخاص كانوا يقاتلون في صفوف داعش، لكن منذ ذلك الوقت توقفت عملية إعادة العالقين في ظل خلاف دولي حول الموضوع.

ويطالب أهالي المغاربة العالقين في مخيم الهول بأن تسمح الحكومة بعودتهم دون شرط أو حساب، ومنحهم عفوا ملكيا، وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع. 

ولم تحسم حكومة المغرب بعد موقفها من هذه المعضلة التي تواجه العديد من دول العالم، فقد دعا خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة إلى إعادة عشرات الآلاف من النساء والأطفال المحتجزين بظروف مزرية، في مخيمي الهول وروج للاجئين شمال سوريا، والتي تديرها القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.

وأرسل ما يقرب من 20 خبيرا في مجال حقوق الإنسان، رسالة إلى 57 دولة لحثها على إعادة مواطنيها. ويصف خبراء الأمم المتحدة الظروف بأنها غير بشرية، وأنه بموجب القانون الدولي، قد يصل الوضع إلى عتبة التعذيب والمعاملة المهينة.

وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، يوجد نحو 43 ألف أجنبي محتجزين حاليًا في شمال شرق سوريا، الرجال في سجون والنساء والأطفال في مخيمات، بينهم 27500 قاصر أجنبي.

ضمن هذه الأعداد الضخمة، يوجد 89 امرأة مغربية محتجزة في سويا وبرفقتهم 251 طفلا، بينما بلغ عدد الرجال المقاتلين المعتقلين في سوريا نحو 113، كما يوجد 21 طفلا يتيما مغربيا، بالإضافة لامرأتين و6 رجال معتقلين في العراق، وذلك حسب إحصاء التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق في مطلع يناير 2021.

وقالت التنسيقية إنه يوجد 35 مغربي ومغربية مختفين غير معلوم أماكنهم.

وبحسب أرقام المديرية العامة للأمن الوطني المغربية في ديسمبر 2018، فإن 1659 مغربيا انتقلوا إلى ساحات القتال في العراق، وسوريا، منهم 1060 مقاتلا في صفوف “داعش”.

وقال المتحدث باسم المديرية، بوبكر سبيك، إن 742 مغربيا قتل في ساحات القتال، 87 منهم قتلوا في ساحة الحرب في سوريا، والباقون في العراق، بالإضافة إلى 260 مغربي عائد من بؤر القتال في الشرق الأوسط تم تقديمهم للعدالة.

وكان الرئيس السابق للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، عبد الحق الخيام، قال إنه توجد 280 مغربية برفقة 391 طفل موجودون في بؤر التوتر في الشرق الأوسط.

في ديسمبر الماضي، قرر مجلس النواب المغربي، تشكيل لجنة لإجراء “مهمة استطلاعية” من أجل الوقوف على أوضاع النساء والأطفال المغاربة العالقين في سوريا والعراق.

وطالب حزب الأصالة والمعاصرة، الذي تقدم بطلب إنشاء اللجنة للمجلس، بـ”ضرورة حماية الأطفال والنساء، بنقلهم من السجون والمعتقلات السورية والعراقية إلى أرض الوطن (المغرب)”.

وفي 7 يناير الماضي، بدأت اللجنة مهامها بعقد اجتماعاً مع وزير الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة، من أجل الاستماع إلى إفادته حول هذا الملف.

وفي مارس 2019، سمحت الحكومة المغربية بعودة 8 مقاتلين مغاربة انضموا لتنظيم داعش في سوريا، وهي خطوة رحبت بها الخارجية الأميركية، ووصفتها بـ”الحل الأفضل” لمنع هؤلاء من العودة إلى ساحات القتال.

الاتجار بالأعضاء البشرية سبب إختفاء مغربيات رفقة أبنائهن بمخيم الهول بسوريا  - إيطاليا تلغراف - italielegraph

قصص من مخيم الهول

وتتواجد النساء المغربيات على رأس قائمة العربيات المهاجرات في المخيم الذي يقع على مسافة 45 كيلومتراً شرق مدينة الحسكة، ويبلغ عددهن نحو 582 وقرابة 500 طفل، من أصل 12 ألفاً من جنسيات مختلفة عربية وغربية، أي أن المخيم السوري وحده يضم 1082 امرأة وطفلاً مغربياً.

 وفي شهادة لسيدة مغربية تدعى مهيرة، قالت إنها تتابع باهتمام تشكيل مجلس النواب المغربي لجنة برلمانية لتتبع أوضاع العالقين، وتأمل في العودة إلى المغرب قريباً.

 وتقول مهيرة، 40 عاما،: «لم يكن قرار سفري بإرادتي، زوجي أجبرني وهددني بأولادي لخوض هذه الرحلة، لينتهي مصيرنا هنا والعيش بهذا المكان». تزوجت من مغربي سنة 2005، وبعد اندلاع الحرب السورية بداية 2011، تأثر زوج مهيرة بمآسي الشعب السوري وما يتعرض له من ويلات الحرب، وفي صيف 2013، «قرر أن نسافر إلى تركيا»، بعد وصولهم أعلمها بقراره ورغبته في الدخول إلى سوريا بغرض الالتحاق بتنظيم «جبهة النصرة»، ثم بايع لاحقاً تنظيم «داعش»، ورغم رفضها بشدة هذا القرار، لكنه هددها بحرمانها من فلذات كبدها: «قال إنه سيأخذهم مني بالقوة، لذلك وافقت تحت الضغط والضرب، فهو يعلم أنني متعلقة 
بأطفالي كثيراً».

وفي خيمة ثانية تحدثت رنوة، وهي مغربية في منتصف عقدها الخامس، كيف دخلت الى سوريا بداية عام 2015 برفقة زوجها، وكيف تزوجت ثلاث من بناتها من مقاتلين من “داعش”. ابنتها الكبرى عمرها 23 سنة تزوجت من مقاتل مغربي، وهو محتجز لدى “قوات سوريا الديموقراطية” منذ عام ونصف العام، ولا تعرف مصيره. أما ابنتها الثانية، وتصغر أختها الكبرى بسنتين، فتزوجت من مقاتل مغربي قُتِل بعد عام من زواجهما وترك لها طفلاً، ثم تزوجت من مقاتل تونسي ليقتل هو الآخر وترك لها طفلة وُلدت في بلدة الباغوز عند فرارهم. أما صغرى بناتها، فكانت طفلة بعمر 14 سنة عندما هاجرت عائلتها سنة 2014 واستقرت في مناطق سيطرة تنظيم “داعش”، لكن والدها أجبرها على الزواج من مقاتل مغربي وهي قاصر، ليقتل بعد شهرين وترك لها طفلة، وقد رفضت الزواج مرة ثانية.

 وتقول رنوة: “عائلتي مشتتة هنا، بعد مقتل زوجي أتحمل مسؤوليتهم، ونحن نتابع هذه الأخبار ونرجو أن تكون صادقة، وأن تسرَّع الإجراءات”.