طالبت خلود المختاري، زوجة الصحفي سليمان الريسوني، بفتح تحقيق على إثر نشر المندوبية المغربية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، الاثنين، مقاطع فيديو للصحفي والحقوقي المسجون، سليمان الريسوني، بأنها مفركة ومعدلة، وأثارغضباً عارماً بين نشطاء حقوق الإنسان التي اعتبروها “انتهاكا لخصوصيته”.
ويظهر في أحد تسجيلين نشرتهما المندوبية، الريسوني وهو يستعد للاستحمام، “في تعد سافر على خصوصيته وحياته الشخصية”، بحسب وصف منظمة حريات الإعلام والتعبير المغربية.
وقالت المختاري أن الغاية من تسريب إدارة السجون مقاطع فيديو للصحفي الريسوني، الغاية منها إهانة سليمان الريسوني واسرته وكل المغاربة، حيث تضمنت الأشرطة وهي (اثنين) انتهاك واضح لخصوصيات السجين وكرامته.
وأضافت المختاري في شريط فيديو نشرته عبر صفحتها على الفيسبوك، إن كاميرات المراقبة هدفها تأمين السجن وليس التجسس على السجناء واستراق اللقطات بهدف نشرها، وتابعت قائلة: “أعرف ماذا أقول، وأعرف ماذا فعلت المندوبية في اشياء أخرى بخصوص وضعية السجين سليمان الريسوني”.
وكذبت خلود المختاري مندوبية السجون التي قالت إنها كانت تنشر بلاغات تقول فيها إن سليمان يستفيد من الحمام وامتيازات أخرى، بينما أن الحقيقة ظهرت في هذا الفيديو وهي أن سليمان يستحم أمام بوابة زنزانته.
وطالبت خلود المختاري من النيابة العامة بالتحرك وفتح تحقيق بخصوص نشر هذه الفيديوهات، وقالت إن طلب العائلة كان هوَ أن تأخذ مندوبية السجون الاذن من عائلة سليمان الريسوني بطريقة مؤسساتية باعتبارها مؤسسة تحت اشراف رئاسة الحكومة، وأضافت: “في الأول والأخير فإن محمد صالح التامك المندوب العام لإدارة السجون يظل موظفا لدى الحكومة”.
وتابعت زوجة الريسوني: كان الأحرى أن تطلب إدارة السجون من سليمان أن تُلتقط صورا له، وسيتم نشرها بشكل شفاف دونَ الحاجة لشريط فيديو فيه انتهاك جسيم لحقوق الإنسان ومؤشرات تعذيبه وعزله على السجناء وتوفير له حمام في الهواء الطلق”.
ولا حظت خلود المختاري، إن شريط فيديو الأول الذي يظهر سليمان يجلس رفقة اشخاص اثنين يحملون حاسوب نقال، يبدو أنه جرى تعديله والتلاعب به تقنيا بهدف تسريع خطوات سليمان في الشريط حتى يبدو في رشاقة جسمانية.
وأضافت إن هذه الملاحظة يمكن للرائي للشريط الاطلاع عليها عبر الإمعان في أصابع الشخص الذي يكتب على لوحة المفاتيح الحاسوب، إذ يتبين أنه يكتب عليها بسرعة فائقة مما يُحيل على تعديل هذه الفيديوهات مع زيادة سرعتها.
فيما أكدت إن أهم شيء بارز أن مقاطع فيديو المسربة وقديمة، وفي المرحلة الأولى من اضراب سليمان عن الطعام، وأضافت “أنه قبل شهر من الان زارت سليمان وكان في وضع صحي سيء جدا، حيث تشوه جسمه واصبحَ هزيلا ولذك أكثر من الفيديو بكثير، حيث انهارت قواه”.
وطالبت خلود المختاري بمعرفة مصير زوجها المعتقل، والحصول على معلومات عنه وزيارته، إذ أكدت أن موظفي السجن أخبروها في الآونة الأخيرة أن سليمان لا يريد الخروج عندها لباحة الزيارة، وهو الشيء الذي اثار شكوكها ولاسيما إنه قال لها “بغيت نشوف ولدي”.
وفي هذا الصدد ، قال المحامي المسعودي: “تم تسريب مقطع سليمان عاريا لتظهر أنه بصحة جيدة”، وشدد على أنه في أخر زيارة لم يكن الريسوني يستطيع الحركة وأنه “لا يتحكم في رجله اليمنى الا بصعوبة” وأكد المسعودي إمكانية لجوئهم، كهيئة الدفاع، إلى القضاء ضد المندوبية، وأضاف “ليس لأحد الحق في تصويره، بما فيهم المندوبية”.
وقالت المندوبية، في بيان نشرته وكالة الأنباء المغربية، إن نشرها للفيديو يأتي ردا على ما ورد في البيان الصادر عما يسمى بـ “الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان” بتاريخ 17 يوليو الجاري حول الوضع الصحي للناشط المسجون، والخشية على حياته بمناسبة مرور 100 عام على بدء إضرابه”.
وأصدرت السلطات المغربية، الشهر الجاري، حكما قضائيا بسجن الريسوني خمسة أعوام لإدانته في قضية “اعتداء جنسي”، بينما طالبت منظمة “مراسلون بلا حدود” بالإفراج عنه، حيث تعتبر منظمات حقوقية الحكم بأنه “انتقامي” ويشكل “تصفية حسابات سياسية مع صحفي مستقل ومزعج”.
وقالت المندوبية في بيانها “بالنظر إلى إمعان هؤلاء وغيرهم في ترويج الأكاذيب والادعاءات غير القائمة على أسس موضوعية تجد المندوبية العامة نفسها مضطرة إلى نشر تسجيل يوثق بشكل ملموس، وبما لا يدع مجالا للشك، للتحركات العادية للسجين، وذلك بعد مرور أزيد من 100 يوم من إضرابه المزعوم”.
وأشار بيان إدارة السجن إلى أن السجين، الذي رمزت إليه بالأحرف “س.ر.” يتناول موادا غذائية مختلفة بما فيها “مجموعة من الفواكه والحساء والمقويات والتمر”، متهمة إياه بأنه يرفض الخروج إلى المستشفى، “لأن من شأن الكشف عليه أن يوضح تلاعبه وادعاءه بالإضراب عن الطعام”.
لكن بيان المندوبية أثار تساولات “عدد من الصحفيين ورواد منصات التواصل، عن مدى قانونية تسريب مقاطع فيديو لمواطن مغربي، يوجد رهن الاعتقال، ومحروم من الدفاع عن نفسه، معتبرين أن هذه الخطوة تعتبر انتهاكا خطيرا للحياة الخاصة لسليمان الريسوني داخل المؤسسة”، ، بحسب الشبكة الأوروعربية للصحافة والسياحة.
واتهمت الصحفية هاجر الريسوني، نجلة شقيق الريسوني، المندوبية، في منشور على فيسبوك، بمحاولة خداع الرأي العام بفيديو قديم.
وقالت: “سليمان الريسوني تم نقله لمصحة سجن عكاشة منذ أزيد من شهر ونصف وباعتراف من مندوبية السجون وكل من زاروه في زنزانته المتواجدة بالمصحة، والفيديو المصور هو لسليمان وهو في الجناح الذي كان يتواجد فيه رفقة الصحفي عمر الراضي”.
وأضافت أنه “وفقا للصحفيين شفيق عمراني وحميد المهداوي، اللذان كانا في الجناح الذي تتواجد فيه المصحة فقد أكدا أن الغرفة المصور فيها سليمان لا تتطابق مواصفاتها مع الغرفة المتواجدة في مصحة السجن. نحن متأكدون من أن الفيديو قديم ونعرف أن مندوبية السجون تضلل الرأي العام”.
وقال الصحفي أيوب الراضي، في منشور على فيسبوك، إن “نشر فيديو لسليمان الريسوني من داخل السجن دون إذنه أمر غير قانوني وغير مقبول مهما كانت المبررات. أجهزة الدولة ومؤسساتها لها ألف طريقة وطريقة لتأكيد موقفها ونفي ادعاءات أي متهم، دون اللجوء لأساليب رخيصة تحط من قيمة دولة تدين اعتقال النظام الجزائري لناشطي الحراك”.
فيما قال الناشط حسن بناجح، إن “الفيديو الذي نشرته إدارة السجن، يفضح الظروف اللا إنسانية لسجن الريسوني، وهذا واضح من خلال شروط استحمامه أمام باب الزنزانة بشكل صادم مناف لأبسط حقوق الإنسان ومناقض لما يتم ادعاؤه حول ظروف الاعتقال”.
وأضاف أن “تلك الظروف السيئة الموثقة بما صورته الإدارة نفسها، على خلاف ما تدعيه في بلاغتها، كاف ليطعن في أي شيء آخر تدعيه حول حقيقة وضعه الصحي وتاريخ تصوير وتوضيب اللقطات، وحيثيات عدم السماح لدفاعه وأسرته بزيارته”.واعتقل الريسوني (49 عاما) في مايو 2020، في قضية يعتبرها “مفبركة” بسبب آرائه، بعد اتهامه بالاعتداء جنسيا على شاب. وظل رهن الاعتقال على ذمة التحقيق لتبدأ محاكمته في فبراير.
وغاب الريسوني عن الجلسات الأخيرة لمحاكمته، منذ منتصف يونيو، مؤكدا في الوقت نفسه على لسان دفاعه “تشبثه بالحضور شريطة نقله في سيارة إسعاف وتمكينه من كرسي متحرك”.
لكن المحكمة قررت مواصلة الجلسات في غيابه، ليحتج دفاعه بالانسحاب من الجلسات الأخيرة. كما رفضت التماسا لدفاعه بنقله إلى المستشفى.
وبينما يثير إضرابه المتواصل عن الطعام قلق عائلته والمتضامنين معه، قللت إدارة السجون في عدة مناسبات من خطورة الوضع، واعتبرت أن “الإضراب المزعوم عن الطعام (…) مناورة تكتيكية يروم من ورائها دفع القضاء إلى إطلاق سراحه”، و”استدرار تعاطف الرأي العام”.
وسبق أن طالبت منظمات حقوقية محلية ودولية وأحزاب سياسية مغربية ومثقفون بالإفراج عنه، بينما تشدد السلطات في مواجهة هذه المطالب على استقلالية القضاء وسلامة إجراءات المحاكمة.
ولم ترد السلطات المغربية على الانتقادات الأخيرة للناشطين والمنظمات الحقوقية بشأن اتهامات “انتهاك الخصوصية” أو “نشر مقطع قديم”.