سابقة المغرب أول رحلة طيران من القارة الإفريقية خالية من الكربون للتخلص من الوقود الأحفوري

0
506

أطلقت الخطوط الملكية المغربية و”إفريقيا إس إم دي سي” أول رحلة طيران خالية من الكربون من القارة الإفريقية، مزودة بوقود الطيران المستدام.

في سابقة تاريخية تعكس التزام المغرب الطوعي بالاعتماد على الطاقات المتجددة للتخلص من الوقود الأحفوري، أطلقت الخطوط الملكية المغربية و”إفريقيا سي.إم.دي.سي” أول رحلة طيران خالية من الكربون من القارة الإفريقية مزودة بوقود الطيران المستدام، وتتزامن مع انعقاد مؤتمر المناخ كوب 28 في دبي حيث تناقش المجموعة الدولية عددا من الرهانات البيئية.

وسجل المغرب بصمة واضحة خلال مشاركته في فعاليات كوب 28 بوفد رفيع المستوى تترأسه الأميرة للاحسناء، وتحمل رسالة قوية من أجل جيل جديد من التعاون متعدد الأطراف، يسمح بالتدبير المندمج لمختلف أنواع الملوثات.

وأبدت الوفود الأجنبية اهتماما بالغا بالمشاريع التي يجري تنفيذها في المغرب، لاسيما المرتبطة منها بالصناعة الخالية من الكربون وتحلية مياه البحر، والطاقات المتجددة والوصول إلى سوق الغاز الطبيعي المسال لأول مرة في البلاد.

وذكر بيان مشترك للخطوط الملكية المغربية و”إفريقيا سي.إم.دي.سي” أن “الرحلة التي قامت طائرة من طراز بوينغ 787 بتأمينها، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر المناخ كوب 28 بدبي، هبطت السبت على الساعة الرابعة والنصف مساء في مطار بليز دياني في داكار، بعد ثلاث ساعات ونصف من إقلاعها من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء”.

  وأوضح البيان أن الطائرة “دريملاينر”، التي كان على متنها 302 راكبا، أي بكامل طاقتها استخدمت ما يقرب من 9 أطنان من وقود الطيران المستدام، أي 40 في المائة من الكمية اللازمة للقيام بهذه الرحلة، مما أتاح تجنب انبعاث ما يقرب من 23 طنا من غاز ثاني أكسيد الكربون.

وسيتم تعويض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن بقية الوقود التقليدي المستخدم لهذه الرحلة (أي 60 في المائة من حجم الوقود) من قبل الخطوط الملكية المغربية في إطار برنامج تعويض الكربون الطوعي الذي تقوده مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة.

وذكر الرئيس المدير العام لشركة الطيران عبد الحميد عدو “نحن فخورون بإطلاق أول رحلة بوقود طيران مستدام تربط بين دولتين إفريقيتين. وتندرج هذه العملية في إطار جهودنا للمساهمة في تطوير الأبحاث والتجارب التي يقوم بها الصناعة والباحثون والمتخصصون من أجل الحد بشكل كبير من التأثير الكربوني في قطاع الطيران”.

  وأضاف عدو “هذا يعكس التزامنا بتسريع عملية إزالة الكربون في النقل الجوي المغربي، من خلال الالتزام الكامل، على غرار القادة الرئيسيين في قطاع الطيران، بتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050″، مسجلا أن “المرحلة الإستراتيجية الأولى من هذا الهدف تتمثل في دمج 10 في المئة من وقود الطيران المستدام اعتبارا من عام 2030”.

  وتابع “رغم أن الطيران لا يساهم إلا بنسبة 2 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، فإن جميع الفاعلين في هذا القطاع يعبئون جهودهم باستخدام وقود الطيران المستدام. واليوم كرائد إفريقي يجب على الخطوط الملكية المغربية أن تكون نموذجية وأن تمهد الطريق في قارتنا”.

  من جانبه، أكد المدير العام لـ”إفريقيا سي.إم.دي.سي”، سعيد البغدادي أنه “يشرفنا أن نكون شريكا للخطوط الملكية المغربية وأن نواكبها في تنفيذ هذه الرحلة التاريخية التي تعد بمثابة لبنة جديدة لتشجيع استهلاك الوقود المستدام في بلادنا، وهو أمر لا محيد عنه لتحقيق إزالة الكربون من النقل الجوي”.

وأضاف البغدادي أنه “في إطار استراتيجيتها البيئية الإرادية، تلتزم إفريقيا سي.إم.دي.سي بشكل حازم باستكشاف جميع الحلول الممكنة لضمان إدماج أهداف الاستدامة طويلة المدى للنقل الجوي في المغرب”.

ويعد استخدام وقود الطيران المستدام الرافعة الرئيسية التي ستمكن من إزالة الكربون من قطاع النقل الجوي على الرحلات الجوية المتوسطة والطويلة. ولا تتطلب المجموعة المتنوعة من وقود الطيران المستدام الذي استخدم للرحلة أي تعديل على المحركات.

 ويأتي هذا الوقود المستدام من تحويل الزيوت النباتية المستخدمة، حيث يوفر تخفيضا يصل إلى 90 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مدار دورة الحياة بأكملها مقارنة بما يعادله من الوقود الأحفوري.

ويجري تطوير أنواع أخرى من قبل القطاع والباحثين، مثل وقود الطيران المستدام المنتج من الكتلة الحيوية، أو من الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون المأخوذين من الغلاف الجوي.

وتستجيب هذه المبادرة للأهداف الطموحة التي تم تحديدها خلال هذا المؤتمر العالمي، الذي يهدف إلى تسريع الانتقال الطاقي لكوكب الأرض. كما أنها تندرج في تناغم تام مع سياسة المغرب في مجال التنمية المستدامة واستعمال الطاقات المتجددة.

وقالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية ليلى بنعلي السبت أن خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس الموجه إلى القمة العالمية للعمل المناخي، شكل مناسبة لتسليط الضوء على القضايا التي تحملها الرئاسة المغربية لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، وضرورة استرجاع الثقة للتعاون متعدد الأطراف والتمويل متعدد الأطراف لاسيما التمويل المناخي والتمويل البيئي.

وأضافت أن الأمر يتعلق بنقطة بالغة الأهمية أشار إليها الملك اعتبارا للتحديات المختلفة المطروحة في بداية القرن الـ21، وعلى رأسها الأزمة المناخية.

وأبرزت الوزيرة أن المغرب يجدد التأكيد على ضرورة التكامل بين مختلف مؤتمرات الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ (كوب)، ومختلف هيئات تعددية الأطراف، بهدف التتبع المندمج لمختلف أنماط انبعاثات الملوثات، ذات التأثير المباشر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بـ”رسالة قوية للغاية يحملها المغرب في مختلف الهيئات”.

وأوضحت أن المشاركة المغربية تمثل فرصة سانحة لتقاسم التجربة المغربية في مجال الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، مشيرة إلى المشاريع القائمة التي يفخر بها المغرب وتلك التي توجد في طور الإنجاز.

وتعمل الخطوط الملكية المغربية منذ عدة سنوات، على تقليل بصمتها الكربونية من خلال العديد من ورشات العمل، لاسيما تجديد أسطولها والدمج التدريجي لطائرات الجيل الجديد مثل طائرات “دريملاينر”، مما يسمح بخفض البصمة الكربونية بنسبة 25 في المائة.

 ونفذت الشركة أيضا برنامجا طموحا لتقليص استهلاكها للطاقة، مثل تقليل الوزن على متن الطائرات، وتحسين خطط الطيران، وحتى إجراءات الصيانة للطائرات المسؤولة بيئيا.

  وقد مكنت هذه التدابير، الواردة في برنامج كفاءة استهلاك الوقود”، الخطوط الملكية المغربية من تقليص استهلاكها للوقود بنسبة 10 في المائة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 10 في المائة كذلك.

وتم تنفيذ مشروع آخر لكفاءة الطاقة في مباني الخطوط الملكية المغربية، مما مكنها من الحصول على شهادة “ليد ديزاين”، وهي شهادة معترف بها عالميا في مجال التنمية المستدامة.

  وبفضل كل هذه التدابير، حصلت الخطوط الملكية المغربية سنة 2023 على شهادة IEnvA”  ” لنظام للتدبير البيئي وضعه الاتحاد الدولي للنقل الجوي ويشهد على احترام الالتزامات البيئية.

وتعتزم مجموعة الخطوط الملكية المغربية على تعزيز ريادتها القارية من خلال الابتكار والاستثمار في استخدام وقود الطيران المستدام في السنوات المقبلة، مع المساهمة في تطوير حلول أكثر استدامة.

  ويتم إنتاج وقود الطيران المستدام، وهو وقود بديل مخصص للطيران، من موارد مختلفة متجددة كليا أو جزئيا، مثل الكتلة الحيوية أو الطحالب أو النفايات الفلاحية أو الغذائية أو حتى الهيدروجين. وهو وقود مصمم ليتم مزجه مع الوقود الأحفوري المستخدم في الطيران، دون تعديل محركات الطائرة.

  ويجري تطوير تكنولوجيات جديدة، بما في ذلك وقود الطيران الاصطناعي المستدام، المصنوع من الهيدروجين والكربون المأخوذين من الغلاف الجوي.

  يذكر بأن إنتاج وقود الطائرات هو أمر معقد ويجب أن يفي بمعايير صارمة. وتعد الاستثمارات المستهدفة والضوابط التنظيمية وآليات الدعم الحكومي من بين العوامل المحفزة التي من شأنها تسهيل انتقال القطاع إلى وقود الطيران المستدام.