“سامير بين إنقاذ الشركة والتجاهل الحكومي: تجديد الإذن واستمرار نشاط التكرير في المغرب… أين تكمن المصلحة العامة؟”

0
243

“تجديد الإذن باستمرار نشاط سامير: بين إنقاذ الشركة وإهمال الحكومة… أين تكمن المصلحة العامة؟”

في قرار يُعتبر محورياً بالنسبة لمستقبل الطاقة في المغرب، قضت المحكمة التجارية الابتدائية بالدار البيضاء، يوم الخميس 30 يناير 2025، بتجديد الإذن باستمرار النشاط بشركة سامير، التي تُعد واحدة من أهم شركات تكرير البترول في البلاد. هذا القرار يأتي بعد سنوات طويلة من التصفية القضائية التي بدأت في مارس 2016، إثر إغراق الشركة في الديون من قبل ملاكها السابقين.

ولكن، ما هي الأبعاد الحقيقية لهذا القرار؟ وما هي تداعياته على الاقتصاد المغربي، خاصة في ظل تردد الحكومة في اتخاذ خطوات جادة لإنقاذ الشركة؟

الخلفية: سامير بين الديون والتصفية

شركة سامير، التي تأسست عام 1959، كانت لسنوات عديدة العمود الفقري لصناعة تكرير البترول في المغرب. ومع ذلك، أدت سوء الإدارة والديون المتراكمة إلى إعلان تصفيتها القضائية في 2016. منذ ذلك الحين، أصبحت الشركة في حالة من التردد بين البقاء والزوال، مع استمرار النشاط بشكل محدود للحفاظ على الأصول والوظائف.

قرار المحكمة الأخير بتجديد الإذن باستمرار النشاط يهدف إلى الحفاظ على الأصول مجتمعة وعدم تفكيكها، بالإضافة إلى الحفاظ على العقود الجارية، بما في ذلك عقود العمل للموظفين الرسميين.

أبعاد القرار: بين الحفاظ على الأصول وحقوق العمال

القرار القضائي يركز على ثلاثة أبعاد رئيسية:

  1. الحفاظ على الأصول: يهدف القرار إلى منع تفكيك أصول الشركة، والتي تشمل البنية التحتية الحيوية لتكرير البترول. تفكيك هذه الأصول قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة ويُعقد عملية بيعها في المستقبل.

  2. حماية حقوق العمال: مع استمرار النشاط، يتم الحفاظ على عقود العمل للموظفين الرسميين، مما يضمن استمرار دخلهم وحقوقهم الاجتماعية. هذا الجانب يُعتبر حيوياً في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعانيها المغرب.

  3. التفويت القضائي: القرار يهدف إلى تهيئة الظروف المناسبة لبيع الشركة بشكل قضائي، سواء للقطاع الخاص أو الدولة أو شركة اقتصاد مختلط. هذا التفويت قد يكون الحل الأمثل لإنقاذ الشركة من الانهيار التام.

دور الحكومة: بين التهرب والمسؤولية

في الوقت الذي تحاول فيه المحكمة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، تظهر الحكومة المغربية وكأنها تتخلى عن مسؤولياتها. فمنذ بداية أزمة سامير، اتخذت الحكومة موقفاً سلبياً، بدعوى أن الملف بين يدي التحكيم الدولي. ولكن، مع انتهاء ملف التحكيم الدولي في نوفمبر الماضي، لم تتخذ الحكومة أي خطوات جادة لإنقاذ الشركة. هذا التردد يطرح تساؤلات كبيرة:

  • لماذا تتخلى الحكومة عن مسؤوليتها في إنقاذ شركة حيوية مثل سامير؟

  • هل هناك أطراف معينة تستفيد من استمرار الأزمة؟

  • ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة لضمان استمرار نشاط الشركة دون إضاعة الوقت؟

السياق العام: الطاقة والمصلحة الوطنية

المغرب يعتمد بشكل كبير على الطاقة المستوردة، حيث تمثل المنتجات البترولية أكثر من نصف المزيج الطاقي للبلاد. في هذا السياق، تُعتبر سامير عنصراً أساسياً في ضمان أمن الطاقة الوطني. إنهيار الشركة سيؤدي إلى زيادة الاعتماد على الواردات، مما يزيد من العجز التجاري ويُعرض البلاد لتقلبات أسعار النفط العالمية.

  • هل يمكن للمغرب تحمل تكاليف الاعتماد الكلي على الواردات البترولية؟

  • ما هي البدائل المتاحة إذا استمرت أزمة سامير دون حل؟

الجبهة الوطنية لإنقاذ سامير: صوت العقل

الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، يُعتبر أحد الأصوات البارزة التي تنادي بإنقاذ سامير. في بيانه، ينتقد اليماني تردد الحكومة ووصفه بـ”الجريمة في وضح النهار”، مؤكداً أن استمرار الأزمة يُهدد المصلحة العامة ويُبدد ثروات البلاد.

  • ما هي الحلول التي يقترحها اليماني لإنقاذ سامير؟

  • هل يمكن للدولة أن تتدخل بشكل مباشر لشراء الشركة أو دعمها مالياً؟

المستقبل: بين التفويت وإحياء الصناعة البترولية

الحل الأمثل لأزمة سامير يبدو في تفويتها للقطاع الخاص أو الدولة أو شركة اقتصاد مختلط. هذا التفويت يجب أن يكون مصحوباً بإصلاحات هيكلية تعزز الشفافية والتنافسية في سوق المحروقات المغربية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة أن تضع استراتيجية واضحة لتطوير الصناعات البترولية، بما في ذلك تحديث البنية التحتية وتقليل الاعتماد على الواردات.

  • هل يمكن أن تكون سامير نقطة انطلاق لإحياء الصناعة البترولية في المغرب؟

  • ما هي الخطوات العملية التي يجب اتخاذها لضمان استدامة نشاط الشركة؟

الخاتمة: بين المسؤولية والمصلحة العامة

قرار المحكمة بتجديد الإذن باستمرار نشاط سامير يُعتبر خطوة إيجابية، ولكنه ليس كافياً. الحكومة المغربية مطالبة بتحمل مسؤولياتها والتدخل بشكل عاجل لإنقاذ الشركة. إنهيار سامير ليس مجرد خسارة اقتصادية، بل هو تهديد لأمن الطاقة الوطني ومصالح المواطنين. في النهاية، السؤال الأكبر يبقى: هل ستستمر الحكومة في التهرب من مسؤولياتها، أم ستتخذ الخطوات اللازمة لإنقاذ شركة تُعتبر شرياناً حيوياً للاقتصاد المغربي؟