“سحب قوانين مكافحة الفساد: جدل في البرلمان حول الإثراء غير المشروع ومستقبل الإصلاح””

0
155

شهدت الجلسة البرلمانية الأخيرة نقاشات حادة بين النواب والوزراء حول قرار الحكومة بسحب مجموعة من مشاريع القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد والإثراء غير المشروع. هذا السحب أثار انتقادات حادة من جانب المعارضة وبعض النواب المستقلين، حيث طالبوا بتوضيحات عن دوافع هذا القرار ومدى ارتباطه بالتزام الحكومة بمكافحة الفساد وتحقيق الشفافية. هل يعكس هذا القرار عجزًا عن مواجهة مصالح معينة، أم هو مجرد إعادة ترتيب للأولويات التشريعية؟

كتابات رمزية ومقاربات سياسية

تطرقت إحدى النائبات إلى شخصية عبد الرحمن اليوسفي، رئيس الحكومة الأسبق، كنموذج للزهد والنزاهة في العمل السياسي. وطرحت تساؤلات عن مدى الالتزام الحالي بنفس القيم، مع الإشارة إلى كتابات توصف بتناقض الأحوال بين الفقر والغنى لدى بعض المسؤولين الحاليين. هل تحوّلت مكافحة الفساد إلى شعار فضفاض يتم توظيفه حسب السياق؟

إشكالية غياب الرؤية التشريعية

أحد أبرز الانتقادات الموجهة للحكومة هو عدم تقديمها مخططًا تشريعيًا واضحًا يحدد الأولويات ويرسم ملامح الإصلاحات المنتظرة. غياب هذا المخطط، وفقًا للنواب، يعكس تذبذبًا في الرؤية وافتقارًا للبوصلة التشريعية. كيف يمكن لحكومة أن تواجه تحديات كبرى دون خطة تشريعية واضحة؟

الفساد كعائق للاستثمار

ركز بعض النواب على تأثير الفساد المستشري في الإدارات المغربية على مناخ الاستثمار. أشاروا إلى أن تكلفة الاستثمار في المغرب ترتفع بنسبة تصل إلى 20% بسبب الرشوة والمحسوبية، مما يشكك في قدرة البلاد على جذب المستثمرين الأجانب. هل يمكن تحقيق تحول اقتصادي دون تطهير المؤسسات من هذه الظواهر؟

مخاطر التطبيع مع الفساد

يشير النقاد إلى أن تأخر الحكومة في إعادة مشاريع القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد يعكس تطبيعًا ضمنيًا مع تضارب المصالح واستمرار ممارسات الإثراء غير المشروع. وتساءل أحد النواب عن مدى استعداد الحكومة للالتزام بتعهداتها، لا سيما وأن ولايتها التشريعية بلغت أكثر من 80% من الزمن السياسي دون تقدم ملموس في هذا الملف.

بين السحب والتبرير: هل من رؤية مستقبلية؟

تدافع الحكومة عن حقها في سحب المشاريع كجزء من عملية تقييم وتنقيح تشريعات سابقة. غير أن هذا التبرير لم يكن كافيًا لإقناع المعارضة، التي ترى في السحب خطوة إلى الوراء في معركة الإصلاحات. هل تملك الحكومة رؤية واضحة لإعادة صياغة هذه القوانين بما يتناسب مع تطلعات المواطنين والمجتمع الدولي؟

الحاجة إلى عمل جماعي

في ظل المطالب الدولية والإقليمية بتعزيز النزاهة ومحاربة الفساد، يظل المغرب بحاجة إلى استراتيجيات أكثر جرأة وشمولًا لتحقيق الإصلاح المنشود. التشكيك في جدية الحكومة يمكن أن يعصف بالثقة العامة ويعرقل مسيرة التنمية. هل يمكن للحكومة استعادة زمام المبادرة وبناء توافق وطني حول أجندة إصلاحية حقيقية؟

ختامًا، يظل ملف مكافحة الفساد في المغرب تحديًا مركزيًا يتطلب إرادة سياسية قوية ورؤية واضحة. أي تأخير أو تراجع في هذا الملف سيؤدي حتمًا إلى تعميق الإحباط الشعبي وتعزيز الشعور بفجوة الثقة بين المواطنين والدولة.