سن قانون جنائي لمعاقبة ناشري الأخبار الزائفة وردع المشهرين … غطاء لتكميم الأفواه؟

0
205

أثير جدل واسع في المغرب حول قانون 22:20 المتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إذ وصفه مغردون بـ “قانون تكميم الأفواه” معبرين عن قلقهم من تأثيره على حرية الرأي والتعبير.

واستغل وزير العدل المثير للجدل، تعاطف واسع في المملكة مع لاعب المنتخب الوطني لكرة القدم زكريا أبو خلال وانتقادات للتشهير به من قبل موقع إخباري محلي وصفه بـ”السلفي داخل المنتخب”، ثار جدل في البلاد مع الإعلان عن نية الحكومة سنّ “عقوبات لردع المشهّرين” ومنتهكي الحياة الخاصة للأفراد، وسط مخاوف من تحول التعديلات القانونية المقترحة لوسيلة لقمع الحريات.

وبدلاً من قانون الصحافة والنشر، تتجه الحكومة إلى إقرار بنود جديدة في القانون الجنائي لمعاقبة ناشري الأخبار الزائفة. لكن البعض يتخوف من أن تستغل الحكومة الظروف الحالية لإقرار تشريعات تضيّق على حرية الرأي والتعبير في المملكة، مستفيدةً من التعاطف مع لاعب منتخب المغرب لكرة القدم زكرياء أبو خلال الذي تعرّض للتشهير. 

وفي 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أدان الاتحاد المغربي لكرة القدم التشهير بـ”أبو خلال”، منتقداً وصف موقع إخباري محلي له بـ”السلفي داخل المنتخب”.

وشارك “أبو خلال” مع المنتخب في نهائيات كأس العالم بقطر في 2022، وحقق المركز الرابع للمرة الأولى عربيًا وإفريقيًا منذ انطلاق البطولة عام 1930.

وفي 27 ديسمبر الماضي، قال وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي إن “مشروع القانون الجنائي الذي تعمل الوزارة على إعداده سينص على عقوبة مشددة تجاه مقترفي التشهير بالغير في وسائل التواصل الاجتماعي”.

وأوضح وهبي، خلال جلسة لمساءلة الحكومة في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، أن “الأمر سيشمل أيضا محتويات المواقع الإلكترونية وحسابات موقع (يوتيوب).. سنقر عقوبات مشددة لأن الحياة الحميمية (الخاصة) للناس مقدسة”.

وفي 2 يناير/ كانون الثاني الجاري، قال وهبي في تصريح صحفي: “أعتزم تضييق الخناق على الأخبار الزائفة في وسائل التواصل الاجتماعي.. أسعى لأن يصبح الصحفي هو مصدر المعلومة وليصبح صاحب التأثير في الرأي العام”.

ونفى وهبي عزمه إحياء مشروع قانون أعده وزير العدل السابق محمد بن عبد القادر، وسماه رافضون آنذاك مشروع “تكميم الأفواه”.

وفيما دعت مسؤولة نقابية، في حديث للأناضول، إلى التمييز عند التجريم بين ما يرتبط بحرية الرأي والتعبير وما يرتبط بالتشهير بالأشخاص، اعتبر أكاديمي أن التحدي هو ألا تتحول الرغبة في محاربة التشهير إلى فرصة لضرب الحريات.

وقالت نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية حنان رحاب للأناضول، إن “كل تعديل للنصوص التشريعية تصاحبه مخاوف من استهداف الحقوق والحريات”.

وتابعت: “يجب أن نفرق بين ما يُنشر في المواقع الصحفية الرقمية وما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي، فالنشر في المواقع الإلكترونية يجب أن يخضع حصريا لقانون الصحافة والنشر”.

أما بخصوص النشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وفق رحاب، “فيجب التمييز بين ما يرتبط بحرية الرأي والتعبير، والذي يجب ألا يخضع لأي متابعة قانونية، وما يرتبط بالتشهير بالأشخاص واستهداف الحياة الخاصة والذي يجب تجريمه”.

وقال الأستاذ بالمعهد العالي للصحافة والاتصال بالدار البيضاء (خاص) محمد كريم بوخصاص للأناضول، إنه “من الناحية المبدئية، لا يمكن إلا الثناء على أي مبادرة تصب في اتجاه حماية الحياة الخاصة للأفراد ومحاصرة التشهير الذي يعتمده البعض سياسة ممنهجة”.

بوخصاص أضاف أن “الحاجة تزداد مع حملات التشهير التي يتعرض لها الأفراد في ضرب لدستور المملكة الذي يضمن الحق في الحياة الخاصة وقانون الصحافة والتشريعات الأخرى، سواء من طرف مواقع إعلامية أو ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي”.

واستدرك: “لكن التحدي المطروح هو ألا تتحول هذه الرغبة في محاربة التشهير إلى فرصة لضرب الحريات، كما حصل سابقا مع محاولة إقرار قانون ما عُرف بتكميم الأفواه”.

وبدلا عن سن تشريعات جديدة، أعرب عن اعتقاده بأنه “من الممكن اللجوء إلى إعمال مقتضيات قانون الصحافة والنشر دون الحاجة إلى إقرار قانون جديد”.

وشدد على أن “التعامل بحزم مع مقترفي التشهير هو حاجة ملحة وينبغي أن يتم دون تقييد حرية التعبير”.

وفي 19 مارس/ آذار 2020، أقرت الحكومة المغربية آنذاك مشروع قانون يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح، وسط تسريبات إعلامية بأنه يتضمن قيودا وعقوبات بالسجن والغرامة.

لكن في 3 مايو/ أيار من العام ذاته، أعلن وزير العدل حينها محمد بن عبد القادر تأجيل النظر في مشروع القانون الذي عُرف إعلاميا بمشروع “تكميم الأفواه”.

وأرجع بن عبد القادر التأجيل إلى “الظروف الخاصة التي تجتازها البلاد في ظل حالة الطوارئ الصحية (جراء جائحة كورونا) إلى حين انتهاء هذه الفترة”.

ودعا إلى “إجراء مشاورات مع كافة الهيئات المعنية حتى تكون الصياغة النهائية لهذا المشروع مستوفية للمبادئ الدستورية ومعززة للمكاسب الحقوقية بالبلاد”.

وآنذاك جاء التأجيل بعد رفض وجدل حول مشروع القانون ظهر في بيانات صادرة عن الأحزاب والنقابات والجمعيات ومن خلال تفاعلات النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب.

في نفس السياق، قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل في الحكومة المغربية والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الأحد، إن “زوبعة صغيرة” لن تدفعه لطلب إعفائه من مسؤوليته الوزارية أو للاستقالة من الأمانة العامة لحزبه. 

واستعرض وهبي مسؤولياته الوزارية، مشيرا إلى أن لديه ملفات حارقة، ضاربا المثل بملف الضريبة بالنسبة للمحامين الذي قال عنه إنه كان مطروحا وتم حله. كما تطرق إلى عدد من الملفات القطاعية على مستوى وزارته، مشيرا إلى إصلاح العدالة، وإصلاح قانون المهنة، وإصلاح القانون الجنائي، وإصلاح قانون المسطرة المدنية.

وبخصوص القانون الجنائي، الذي يتم الاشتغال عليه، قال وهبي إن عقوبة الإعدام تفرض نفسها بقوة، وكذلك الحريات الفردية التي تتطلب التعاطي مع عدد من العقوبات المرتبطة بها، مؤكدا ثقته في قناعاته وحداثيته والشعارات التي يرفعها حزبه، غير أنه استدرك بضرورة مراعاة طبيعة المجتمع المغربي، مع تذكيره بأن رئيس الدولة هو الذي يحتكر المجال الديني، الى جانب كونه مسؤولا يتابع الأمور وله قراره النافذ.

وعن طريقة التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي، قال وهبي إنه ليس ضدها، ولكنه ضد توظيفها للمس بالأشخاص ونشر الأخبار الزائفة، مؤكدا أنه سيقترح قرارات صارمة في الموضوع.