سيول المغرب تعيد فتح ملف “صفقات البنية التحتية” غير المدعومة بالمتابعة الحكومية

0
80

تحقيقات عاجلة تطالب بها الجهات الحقوقية: متى تتحقق العدالة في صفقات البنية التحتية؟

تسببت السيول التي شهدتها عدة مناطق في الجنوب الشرقي للمغرب مؤخرًا في خسائر مادية كبيرة، وأعادت للأذهان حوادث مماثلة وقعت في 2014، والتي كشفت عن ضعف البنية التحتية في هذه المناطق.

هذه الأحداث تثير تساؤلات حول جودة المشاريع التي تم تنفيذها مؤخرًا، وإلى أي مدى كانت تلك المشاريع ملتزمة بمعايير السلامة والتحمل للكوارث الطبيعية.

إهدار المال العام وسوء الإدارة

من أبرز الانتقادات التي أثيرت حول هذه الكوارث، هو ما أشار إليه رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، بأن هذه المشاريع تتم بناءً على دراسات تقنية غير دقيقة. يشير الغلوسي إلى أن بعض المشاريع، مثل الجسور والقناطر، تحتاج إلى مراقبة مستمرة، وهو ما يغيب عن الكثير من تلك المشاريع، مما أدى إلى انهيارها تحت وطأة الأمطار.

إلى جانب هذا، يتساءل المواطنون والمختصون: كيف تمر هذه المشاريع دون متابعة كافية؟ ولماذا تغيب الرقابة الحكومية؟ وأين هي المحاسبة عن الأموال العمومية التي أهدرت؟ يتطلب الأمر تحقيقًا قضائيًا لمعرفة ما إذا كانت هناك شبهة فساد في إبرام هذه الصفقات، أو غش في تنفيذها.




“اختلالات بلا تقادم” ومحاسبة المسؤولين

يبرز في هذا السياق، تصريح عبد الغني الراقي، عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام، الذي شدد على ضرورة فتح تحقيق شامل في هذه الاختلالات. كما أشار إلى المفارقة المحزنة، وهي أن العديد من المشاريع التي أنجزت خلال الفترة الاستعمارية الفرنسية لا تزال قائمة، بينما تنهار المشاريع الحديثة.

يبقى السؤال الأهم هنا: من يتحمل مسؤولية هذا الفشل؟ كيف لمشاريع حديثة الإنشاء أن تنهار بهذه السهولة؟ ومن هم المسؤولون عن هذا التبديد المالي؟ يجب أن تكون المحاسبة حازمة وشفافة، خاصة في ظل دستور 2011 الذي نص على ربط المسؤولية بالمحاسبة.




الجهات المعنية بالمحاسبة والتحقيق

وفقًا للعديد من الأصوات المدنية والحقوقية، يجب أن تشمل المحاسبة ليس فقط المجالس المحلية التي أبرمت هذه الصفقات، بل أيضًا مكاتب الدراسات والشركات المنفذة للمشاريع. لماذا لم تُراعِ هذه الجهات المتطلبات المناخية والمخاطر الطبيعية عند تصميم وتنفيذ هذه المشاريع؟ كيف تم التغاضي عن معايير البناء التي تقاوم الفيضانات وحتى الزلازل؟

هناك حاجة ملحة لتخصيص ميزانيات إضافية وتوجيه الموارد لمراقبة تنفيذ المشاريع الكبرى، وليس الاكتفاء بإبرام الصفقات. المحاسبة هنا لا تتعلق فقط بمستوى إداري أو محلي، بل يجب أن تصل إلى مستوى القضاء لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث.

دعوات لتبني سياسات تنموية جديدة

في خضم هذه الكوارث، دعا إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إلى وضع تصور تنموي جديد لمناطق الجنوب الشرقي. هذه المناطق تحتاج إلى ميزانيات كافية واهتمام خاص للخروج من دائرة العزلة التي تعاني منها. هذا ليس فقط لتفادي الكوارث الطبيعية، بل أيضًا لتحسين ظروف العيش في تلك المناطق، والحد من الهجرة إلى المدن الكبرى أو الخارج.

أسئلة مفتوحة تحتاج إلى إجابات

  1. لماذا تكرر انهيار البنية التحتية في المناطق المتضررة رغم تنفيذ مشاريع جديدة؟

  2. من المسؤول عن مراقبة تنفيذ هذه المشاريع وضمان جودتها؟

  3. هل هناك جهات حكومية أو خاصة يجب ملاحقتها قضائيًا بتهمة تبديد المال العام؟

  4. كيف يمكن تحقيق العدالة وربط المسؤولية بالمحاسبة في هذه القضايا؟

  5. ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه المجالس المحلية والحكومة المركزية في المستقبل لمنع تكرار هذه الكوارث؟

هذه الأسئلة وغيرها تظل مفتوحة، وتحتاج إلى توضيحات من الجهات المعنية لضمان تحقيق الشفافية والمحاسبة الفعلية، وليس فقط التوجيهات النظرية.