في حادثة غريبة تتناقلها وسائل اعلام مغربية وأثارت حالة من ردود الفعل في المغرب خطب شاب اسمه نُصير بن ذكري فتاتين في نفس الوقت وفي نفس الحفل وهما صديقات وترغبان في الزواج من الرجل نفسه.
وأجرت قناة «شوف» المغربية، لقاءً مع الشاب نصير بن ذكري وخطيبتيه، حيث أقدم على خطبتهما في وقت واحد، ولاقى عرضه القبول من الطرفين، ليصبح مرتبطًا بالاثنتين ويستعد للزواج منهما، في ظاهرة غريبة من نوعها.
ولاقت التجربة انتقادات عديدة، كما تلقت الفتاتان العديد من النصائح بعدم استكمال تلك العلاقة وألا تتزوجا من رجل واحد، لكن رغم ذلك أكد الثلاثة أطراف على اقتناعهم التام بهذه الخطوة.
قالت إحدى الشابتين: «بنقول للناس اللي بينتقدونا، الله يهديهم علينا، إحنا معملناش حاجة عيب ولا حرام، كنت اتمنى يدعمونا ويقفوا معنا».
قبل أسبوع ، تجدّد الجدال في المغرب حول تعدّد الزوجات نتيجة لتسجيل البلاد ارتفاعاً في نسبة التعدد، وذلك بعد نحو 18 عاماً على إقرار مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية) ، التي اعتُبرت بمثابة ثورة في مجال الأحوال الشخصية. وفي الوقت الذي تبدو فيه مدوّنة الأسرة المغربية واضحة لجهة تقييد تعدد الزوجات، فلا يُتاح بالمبدأ إلا لحالات استثنائية، برزت في الآونة الأخيرة “حيَل” يلجأ إليها الرجال الراغبون في التعدد هرباً من ذلك التقييد والظفر بإذن قضاء الأسرة بالتعدد.
وبحسب حقوقيين، تأتي هذه الحملة لتتزامن مع الذكرى الثامنة عشرة لصدور مدونة الأسرة والتي انطلقت تحت شعار “من أجل قانون أسري يضمن الملاءمة والمساواة” للمطالبة بتغيير جذري وشامل للمدونة لاسيما فيما يتعلق بالمساواة في الإرث بين الجنسين ومنع تعدد الزوجات بشكل نهائي، كما ورد في تقرير نشره موقع “العمق” المغربي مؤخرا.
واعتبر حقوقيون في الاتحاد “أن مدونة الأسرة التي شكلت عند صدورها قفزة نوعية في مجال الأحوال الشخصية، لم تقطع كلية في فلسفتها ومضامينها ولغتها مع المنظور الذكوري المحافظ بشأن العلاقات الأسرية ولمكانة حقوق النساء ضمنها”، كما ورد في البيان.
هل تعدد الزوجات يقضي على العنوسة؟!
هل فعلا سنحل مشكلة محتملة، بمشكلة اجتماعية أكبر؟ ثم ألا يمكن أن يكون تعدد الزوجات دافعا لبعض الزوجات للخيانة من باب الكيد والانتقام مثلا؟ هل ظروفنا الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، بل حتى القدرات الفسيولوجية تناسب فكرة التعدد في زمننا الحاضر؟ وغير ذلك من الأسئلة. وأرى أن من أكبر المشكلات عندنا هي أن الأقطار العربية غالباً تتأثر بالسلوك الثقافي والاجتماعي في أوروبا، ولو بالرذاذ منه، وبناء على ذلك عكفت على محاربة تعدد الزوجات قانونيا، إما بحظره تماما (تونس مثلا) أو بتقيده بشروط تعجيزية (مدونة الأسرة في المغرب).
وبغض النظر عن تبريرات هذا التقنين والذي جاء بضغط من المنظمات النسوية، التي ازداد نفوذها في السنوات الأخيرة، وهي غالباً متأثرة بظلال الثقافة الأوروبية.. بغض النظر عن المبررات، فإنه لم يكن ثمة شيء مواز يحدّ من العنوسة، ويضيق باب الحرام، ويوسع باب الحلال، وهذه من أكبر مشكلات محاربي تعدد الزوجات؛ حيث أنهم يرون في التعدد كارثة كبيرة، وداء عضالا وجب علاجه، ولكنهم لا ينظرون إلى العنوسة وتأخر سن الزواج، وازدياد العلاقات المحرمة بذات النظرة!
وليس بعيداً من قارتنا ، على سبيل المثال في بريطانيا أو فرنسا أو الدول الاسكندنافية، يمكن للرجل أن يقيم علاقات عابرة مع عدة نساء، ويمكن للمرأة أن تفعل ذات الشيء، دون التبعات المذكورة، بل إن هناك مكافآت أو محفزات مالية للأم العازبة التي تريد أن تربي وتعتني بطفلها، توفرها الحكومات. وبالطبع شرعنا الإسلامي، وتقاليدنا العربية، وتركيبتنا النفسية، لا تقبل هذا الوضع الشاذ، الذي كما نعلم حتى في داخل المجتمعات (الفرنجية) ثمة من يدعو للتخفيف من غلوائه، بتشجيع الزواج وبناء الأسرة.
وحتى لو سلمنا في ما اشنا إليه أنفاً سيكون ردّ المنظمات والمؤسسات النسوية في المغرب على ذلك بنفي قاطع لفكرة نقل الحريات الجنسية إلى مجتمعاتنا، وأن الهدف من وراء السعي لقوانين تحظر التعدد أو تضع دونه عقبات قانونية، لا يستبطن استنساخ الحالة الموجودة في المجتمعات الغربية أو غيرها إطلاقا! ولكن وبافتراض حسن النوايا، فإن النتيجة ليست إيجابية بتاتا، وأعتقد اعتقادا جازما، أن محاربة التعدد أمر يجلب من المشكلات والأزمات، أكثر مما يجلبه التعدد؛ ذلك أن التعدد يظل محدودا في مجتمعنا، والتقارير تشير إلى تراجع النسبة.
فحسب صحيفة الأهرام المصرية في صيف العام الماضي 2017 بلغت نسبة التعدد في مصر 4% وهي الدولة الأكبر من حيث عدد السكان، وفي دول الخليج 8%. وحسب الهيئة العامة للإحصاء في السعودية فإن عدد المعددين في المملكة بلغ نصف مليون رجل في عام 2016، وهو عدد ليس كبيرا نسبيا (عدد سكان المملكة 32 مليون نسمة) إذ أن المملكة لا تفرض قيودا على التعدد شبيهة بدولة مثل المغرب. أما في قطر فقد تراجعت نسبة التعدد من 6% إلى 4% في بلد معروف بانتشار التعدد كسائر بلدان الخليج. أما في الأردن فما بين الأعوام(2011-2015م) فإن عدد عقود الزواج المكرر حوالي 28 ألفا بنسبة 7.5% تقريبا من إجمالي عقود الزواج.
ارتفع أخيراً متوسط عمر الزواج لدى المغاربة من الجنسين بنحو ثماني سنوات، إذ كان خلال فترة الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي يناهز 17 عاماً بالنسبة إلى النساء، و24 عاماً للرجال. لكن عام 2018، بلغ 31.9 عاماً عند الرجال و25.5 عند النساء، وفق إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط، التي أرجعت السبب إلى الانتقال من ثقافة الزواج المبكر إلى الزواج المتأخر في الوسطين الحضري والقروي، بشكل متزامن مع وجود نسبة أكبر في الأول.
وسجلت أعلى مستويات العزوبية لدى الإناث عام 2014، بنسبة وصلت إلى 24 في المئة ممن تتراوح أعمارهن بين 30 و34 عاماً، إضافة إلى أن العزوبة المزمنة أصبحت تهدد 11 في المئة من النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 45 و49 عاماً. وبلغ متوسط عمر الزواج آنذاك 31.3 عاماً عند الرجال، و25.7 عاماً لدى النساء.