شبح الإفلاس يهدد 250 ألف مقاولة صغيرة في المغرب 2023..رئيس كونفدرالية المقاولات الصغرى هل من خطة إنقاذ؟

0
471

استمع لهذا المقال

تعاني الشركات في المغرب وخاصة الصغيرة من حالة إفلاس بسبب التضخم في البلاد، وتقرير متخصص بالإفلاس يتحدث عن ارتفاع النسبة إلى ما يقارب الـ28% هذا العام مقارنةً مع العام الماضي، إضافةً إلى تضرر قطاعات أخرى.

في السياق، حذّر رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، مما وصفه بـ”الكوكتيل المتفجر” الذي يهدد هذه المقاولات، داعيا السلطات المغربية إلى التحرك لوضع “تدابير عاجلة” لدعم المقاولين الصغار.




في تصريح سابق، كشف عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية، عن نتائج دراسة  أنجزها مكتب “إنفوريسك” (Inforisk) المغربي، بداية العام الجاري عن ارتفاع نسبة إفلاس المقاولات الصغرى والمتوسطة في المغرب إذ تجاوز عدد المقاولات المفلسة 12 ألفا في 2022، في حين تؤكد الكونفدرالية أن عدد المقاولات الصغيرة التي أعلنت إفلاسها تجاوز ضعف ذلك الرقم.

وسُجلت أغلب حالات الإفلاس في الشركات الصغيرة جدا بنسبة 99.2%، فيما تمثل الشركات الصغرى والمتوسطة نسبة 0.7%.

ويرى رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة عبد الله الفركي أن هذا الرقم لا يعكس سوى الشركات ذات الشخصية المعنوية التي أعلنت إفلاسها رسميا لدى المحاكم، أما العدد الحقيقي فقد تجاوز 20 ألف شركة.

ويوضح الفركي أن أغلب الشركات الصغيرة جدا هي شركات أفراد، وهي الأكثر تضررا ومعاناة بسبب أزمة كورونا والارتفاع العالمي للأسعار وغياب الدعم الحكومي، مضيفا أن هذه الشركات لا يتم إحصاؤها كونها لا تقوم بالتصريح بالإفلاس لدى الجهات المختصة.

تحدث عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية في تصريحات إعلامية ، عن الأسباب التي دفعت بآلاف المقاولات المغربية إلى الإفلاس وعن مختلف التحديات التي تواجه المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة والتي أشار إلى أنها تمثل أكثر من 97 في المائة من مجموع المقاولات في البلاد.

فمن الأسباب الرئيسية، صعوبة ولوج هذه المقاولات إلى التمويل واستمرار إقصائها من الصفقات العمومية، وطبعا الزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات.

من الأسباب القاضية، هي الزيادة في الضريبة المفروضة على المقاولات الصغرى التي تقل أرباحها عن 300 ألف درهم من 10 إلى 20 في المائة والزيادة الأخيرة في الحد الأدنى للأجور بنسبة 10 في المائة، هو إذن كوكتيل متفجر يهدد هذه المقاولات التي تمثل أكثر من 97 في المائة من المقاولات المغربية.

على صعيد آخر، تواجه هذه المقاولات منافسة غير شريفة من القطاع غير المهيكل والذي بات يكتسح الساحة الاقتصادية المغربية ويشغل لوحده أكثر من 77 في المائة من اليد العاملة، أي أنه بين كل 3 عمال بالمغرب 2 منهما يشتغلان في هذا القطاع.

وأيضاً استمرار إقصاء قطاع المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة من الحوار الاجتماعي، حيث تتخذ قرارات غالبا ما لا تكون في صالح المقاولات الصغيرة، وهنا أشير إلى الزيادة الأخيرة في الحد الأدنى للأجور حيث استفادت الباطرونا (الاتحاد العام لمقاولات المغرب) من امتيازات لإقرار الزيادة بينما تم إقصاء المقاولات الصغرى من أي امتيازات أو حوافز.

ووفقاً للتقرير الذي أصدره مكتب “إنفوريسك”، المتخصص في المعلومات المالية والقانونية للشركات، فقد تسارعت وتيرة إفلاس الشركات في المغرب لتسجل ارتفاعاً عن العام الماضي بنسبة 28%.

وجاء في التقرير: “تمّ تسجيل 3830 حالة إفلاس في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، بزيادة 28% مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي”.

وأوضح أنّ أكثر المتضررين هي الشركات الصغيرة جداً، حيث ناهزت نحو 98.8%، في حين سجلت الشركات المتوسطة 1.1%، أما الشركات الكبيرة فقد سجلت نسبة إفلاس بلغت 0.1%”.

وأوضح المصدر ذاته، أن الحصة الأكبر من الافلاس في النصف الأول من السنة الجارية

سُجلت على مستوى المقاولات الصغرى بنسبة 98,8 في المائة، مقابل 1,1 في المائة لدى المقاولات المتوسطة.

بنية الشركات في المغرب

تنقسم الشركات في المغرب إلى شركات صغيرة جدا وصغرى ومتوسطة وكبرى.

  • الشركات الصغيرة جدا: لا يتعدى رقم معاملاتها 3 ملايين درهم (حوالي 300 ألف دولار)، وعدد العمال فيها أقل من 10 أشخاص.

  •  الشركات الصغرى: يتراوح رقم معاملاتها بين 3 ملايين و50 مليون درهم (بين 300 ألف و5 ملايين دولار).

  • الشركات المتوسطة: يتراوح رقم معاملاتها بين 50 مليونا و75 مليون درهم (بين 5 ملايين و7.5 ملايين دولار).

  • الشركات الكبرى: يتجاوز رقم معاملاتها 75 مليون درهم (7.5 ملايين دولار) أو تشغل أكثر من 200 عامل.

وتتكون بنية الشركات بالمغرب من 93% من الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة (64% من الشركات الصغيرة جدا و29% من الشركات الصغرى والمتوسطة)، في حين لا تمثل الشركات الكبرى سوى حوالي 7% حسب دراسة للمندوبية السامية للتخطيط، ويتركز ثلثا هذه الشركات تقريبا (63%) في المجال الجهوي للدار البيضاء وطنجة.

وتوفر الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة حوالي 74% من فرص العمل في القطاع المنظم، حسب المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.

وتهيمن هذه الشركات على النسيج الإنتاجي المغربي، إذ تمثل 99.6% من بين أكثر من 296 ألف شركة.

وتعمل 30% من الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة في التجارة، و23% في البناء.

وحسب المرصد، فإن هذه الشركات تمثل 41% من مجمل رقم معاملات الشركات بالمغرب، و26% من المعاملات الموجهة للتصدير، و35% من القيمة المضافة.

أسباب الإفلاس

عزا تقرير “أنفوريسك” إفلاس هذه الشركات إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما تلا ذلك من ارتفاع في أسعار المواد الأولية وقفزات التضخم التي بلغت مستويات قياسية، إلى جانب ضعف اللجوء إلى الإجراءات الوقائية التي تنص عليها المنظومة القانونية للشركات والتجارة.

أما عبد الله الفركي فيرى أن إفلاس الشركات الصغيرة والصغيرة جدا على الخصوص ليس مرتبطا بالظروف الحالية، بل يرجع لأسباب أخرى بنيوية، فهي لا تستفيد من تمويل البنوك وليس لديها نصيب من الصفقات العمومية.

وأشار الفركي إلى أن قانون الصفقات الصادر سنة 2013 يعطي 20% من الصفقات العمومية للشركات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، غير أنه لا يطبق.

وأضاف أن المناطق الصناعية المجهزة تخصص أوعية عقارية تتجاوز ألف متر، وهي مواصفات تلبي حاجة الشركات الكبرى والمتوسطة ولا تراعي قدرات الشركات الصغيرة والصغيرة جدا التي لا تحتاج سوى ما بين 100 و200 متر فقط.

من جهته، يشير المحلل الاقتصادي بدر زاهر الأزرق إلى أن الشركات الناشئة -التي لا يتجاوز عمرها سنتين- تواجه صعوبات كبيرة في بداياتها وتكون نسبة الإفلاس مرتفعة جدا.

وعلى الرغم من تشجيع الحكومة على إنشاء الشركات الصغيرة والصغيرة جدا عبر برامج مختلفة فإن هذه البرامج -حسب الأزرق- تقتصر على توفير التمويل والإعفاءات الضريبية لمدة محددة، في حين لا توفر الدعم الحقيقي على المستوى القانوني والتسويق والبنية التحتية.

عبد الله الكرفي رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة / مصدر الصورة: خاص بالموقععبد الله الفركي يدعو إلى إعطاء اهتمام أكبر للشركات الصغيرة والصغيرة جدا (الجزيرة)

مشكلة بنيوية

وكان وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات يونس السكوري قد أقر في البرلمان بالصعوبات التي تعترض الشركات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة.

وأفاد السكوري بأن 12% فقط من الشركات الصغيرة والمتوسطة تصل إلى الموارد البنكية، ووصف هذه الصعوبات بأنها “مشكلة بنيوية”.

وأعلن الوزير بعض الخطوات لتجاوز هذا الوضع، من بينها تبسيط إجراءات الصفقات العمومية الأقل من 5 ملايين درهم (500 ألف دولار)، لافتا إلى أن وزارته أعدت المرسوم الخاص بدعم الشركات الصغيرة والصغيرة جدا في إطار الاستثمار.

وكانت الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات قد أطلقت الأسبوع الماضي المخطط التشغيلي “جيل المقاومين”، ويهدف هذا المخطط إلى دعم 100 ألف من حاملي المشاريع والمقاولين الذاتيين، وكذلك المقاولات الصغيرة جدا بين سنتي 2023 و2026.

ميثاق الاستثمار

بدوره، يدعو الفركي الحكومة إلى إعطاء اهتمام أكبر للشركات الصغيرة والصغيرة جدا في صياغة أي برامج اقتصادية، بالنظر لمساهمتها المهمة في الحفاظ على السلم الاجتماعي كونها المشغل الأول في البلاد.

ولحل مشكلة الوصول إلى التمويل يقترح الفركي إنشاء بنك للدولة لتمويل هذه الشركات التي تقصيها البنوك التجارية لأنها غير مربحة بالنسبة لها.

ويعول المستثمرون على ميثاق الاستثمار الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في ديسمبر/كانون الأول الماضي من أجل تجاوز الصعوبات التي تواجهها الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.

أما الأزرق فيشير إلى أن هذا الميثاق يرمي إلى مساعدة الشركات، خاصة تلك الراغبة في الاستثمار في قطاعات جديدة أو مناطق بعيدة، إذ ستستفيد من برامج دعم وتحفيزات ضريبية.

ويتوقع المتحدث أن يكون لهذه التوجهات وقع إيجابي على الشركات الصغيرة والصغيرة جدا، وأن تدفع باتجاه تعزيز صمودها في مواجهة الأزمات التي تعترضها في الأيام الأولى لتأسيسها.