..إنتاج كيلوغرام من الأفوكادو يتطلب 1000 لتر من الماء؟!..
ردا على مداخلات مجموعة من النواب البرلمانيين، الذين دعوا رئيس الحكومة إلى التدخل لمنع الفلاحين من زراعة فاكهة الأفوكادو، بحكم أن إنتاجها يستهلك مياها كثيرة، وفقهم، حمل جواب عزيز أخنوش في طياته روح الدعابة، ورسالة إشادة ضمنية بالناخب الوطني وليد الركراكي، الذي قاد “أسود الأطلس”، حتى الآن، إلى نصف نهائي منافسات كأس العالم “فيفا قطر 2022”.
وقال أخنوش في تعقيبه على أسئلة النواب البرلمانيين، في جلسة للمساءلة الشهرية خصصت مساء اليوم الإثنين لمناقشة موضوع “السياسة المائية بالمغرب”، مازحا: “ما بانت ليكم غير…..
تتعرض الأراضي الغابوية لضرر كبير بسبب زراعة الأفوكادو، وهي زراعة تستهلك كميات مهمة من الماء، إذ يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من الافوكادو 1000 لتر من الماء.
الزهراني ينصح بعدم زراعة هذه الفاكهة في المغرب الذي يعاني من الإجهاد المائي ويقدم المزيد من التفاصيل حول التأُثير السلبي للأفوكادو على البيئة.
وارتفع إجمالي المساحة المزروعة على المستوى الوطني بشكل ملحوظ، من حوالي 3035 هكتارا عام 2009-2010 إلى 8400 هكتار عام 2018-2019، أي بزيادة قدرها 176%، كما يسير الإنتاج في نفس المنحى التصاعدي بزيادة قدرها 84%.
ويوضح عدد من المواطنين، خلال منشوراتهم، أن “الاستثمار في فاكهة في لافوكا بالمغرب يُنذر بخطر العطش الذي يهدد البلاد والعباد، حيثُ أن كيلو واحد من الأفوكادو يستهلك من الماء ما تحتاجه أسرة من خمسة أفراد لمدة شهر” مشيرين أنها “فاكهة يزداد الطلب عليها عالمياً لكثرة فوائدها لكنها تستنزف الفرشة المائية بصورة مرعبة”.
وبحسب موقع “غلوبس”، فإن شركة “مهادرين” الإسرائيلية، أعلنت الاستثمار في زراعة فاكهة “الأفوكادو” بالمغرب بشراكة مع شركة مغربية رائدة في المجال الفلاحي، على ما يقرب 455 هكتارا، حيث يتوقع أن يتم إنتاج 10.000 طن من “الأفوكادو” سنويا سيتم تصديرها للدول الأوروبية؛ الشيء الذي دعا عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي للاستفسار: هل نملك ما يكفي من المياه الجوفية والبيئة الصالحة لتحقيق كل هذا الإنتاج؟
في هذا الصدد يصف عثمان البوني، أحد الساكنة، الوضع قائلا ” تعيش النساء حالة مزرية، فما بين عملهن بالبساتين وانشغالاتهن اليومية، يرمى حمل جلب الماء على عاتقهن، وقد تجد نساء حوامل، وأخريات يحملن رضعا على ظهورهن يتسابقن لتعبئة أكبر عدد ممكن من القارورات”.
لم تعد أزمة العطش مقتصرة على أقاليم الجنوب الشرقي فقط، بل إن شبح العطش بدأ يحوم على كل ربوع المملكة. فقد نبه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في بلاغ له سنة 2019، من وضعية ندرة المياه في المغرب والتي وصفها بـ “المقلقة”، فالموارد المائية تقدر حاليا بأقل من 650 متر مكعب للفرد سنويا، مقابل 2500 متر مكعب في سنة 1960، وستنخفض إلى أقل 500 متر مكعب بحلول سنة 2030، ما يجعل المغرب على حافة أزمة عطش حادة.
لم يشهد المغرب مستوى جفاف مثل الذي نعيشه اليوم منذ ثمانينات القرن الماضي، إذ تراجعت نسبة الأمطار بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأوردت وكالة الأنباء الأميركية أن “نسبة التساقطات المطرية في المغرب هي الأدنى منذ ثلاثة عقود”.
وواصلت نسبة ملء السدود في المغرب التراجع مسجلة أرقاما متدنية بالمقارنة مع السنوات الفارطة، وحسب ما أفادت به وزارة التجهيز والماء فإن حقينات السدود الرئيسية بالمملكة بلغت إلى غاية 11 أبريل 2022 نسبة تقدر ب 34,3%، مسجلة تراجعاً بأكثر من 2 مليار متر مكعب. وحسب تقرير أعده معهد الموارد العالمية (World Resouces institute) سنة 2019، فالمغرب ضمن اللائحة الحمراء للدول التي ستعرف ندرة مائية حادة في أفق 2040.
لهذه الأسباب يعيش المغرب حالة استنفار قصوى لمواجهة نقص الماء الصالح للشرب، إذ أن عددا من المدن والمناطق مهددة بالعطش خلال فصل الصيف. وعلى الرغم من محاولات تنويع برامج الحد من أزمة ندرة المياه، التي تنهجها الحكومة عبر إصدار قوانين تضمن الحق في الماء لجميع المواطنين، وإطلاق حملات التوعية بحماية الموارد المائية، وترشيد استهلاك الماء، إلا أن وضعية المغرب تدق ناقوس خطر حقيقي.
ويتوفر المغرب على 149 سداً كبيراً بسعة إجمالية تفوق 19 مليار متر مكعب، و133 سداً صغيراً في طور الاستغلال (حسب تصريح لوزير التجهيز والماء). ويعتمد المغرب منذ سبعينيات القرن الماضي سياسة تشييد السدود بهدف تحقيق الأمن المائي، إلا أن المكتب الوطني للكهرباء والماء، أقر بعجزه عن تزويد 54 مدينة ومركز بمياه الشرب خلال صيف 2022. هذه “الكارثة المستقبلية” دفعت المغرب إلى إطلاق برنامج لتعبئة المياه من خلال بناء سدود جديدة، إضافة إلى تحلية مياه البحر لتعبئة الموارد المائية الممكنة، واستغلال المياه العادمة بعد معالجتها، بغية ربح رهان توفير الماء للجميع والحد من آثار ندرة المياه.
وكان خالد السطي، المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين، قد طالب نزار بركة، وزير التجهيز والماء، بالتحول عن الزراعة التصديرية إلى التركيز على الزراعة الأساسية؛ مُستندا على “أحد الخبراء، بالقول إن امتصاص فاكهتي “الدلاح” و”لافوكا” حاجيات 3 ملايين مغربي من الماء، بينما زراعة الحبوب والقطاني تندرج في إطار الأمن الغذائي للمغاربة، مما يساهم في عدم ارتهان المغرب للخارج”.
كما دعا السطي، في جلسة سابقة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، إلى تعميم تحلية مياه البحر واستغلالها في الزراعة والصناعة وتعميم سقي المساحات الخضراء بالمياه المعالجة أو المياه المحلاة، وكذا إلى “ربط المناطق التي تعاني من ندرة المياه بالمناطق التي تتوفر على وفرة أو بها سدود كبيرة عبر قنوات مائية”، مستدلا على ذلك بمعاناة إقليم تاونات الذي يضم أربعة سدود تحيط به، في حين أن سكانه ينظمون سنويا مسيرات ضد العطش. كما دعا إلى التسريع بوتيرة إنجاز السدود التلية خصوصا في المناطق التي تعرف ندرة مائية.
وتجدر الإشارة أن زراعة “الأفوكادو” في المغرب، قد نمت خلال السنوات الأخيرة لتصل إلى 12000 طن سنويا، خاصة في جهة الرباط سلا القنيطرة التي تعتبر رائدة في إنتاج هذه الفاكهة على المستوى الوطني، حيث تبلغ المساحة المزروعة بها 5840 هكتارا؛ غير أن عدد من الخبراء في المجال البيئي والفلاحي يُؤكدون أنها “تستنزف المياه التي يمكن أن تستفيد منها النباتات الأخرى، والجهد الضخم بدلًا من الاهتمام بالمحاصيل الأخرى، إضافة لتفضيلها من قبل المزارعين الباحثين عن المزيد من الأرباح المادية، حيث يرون أن الأفوكادو أكثر فائدة لهم من الذرة والقمح وغيرهما، ومن الغابات نفسها، الأمر الذي يسبب أزمة بيئية واقتصادية في آن واحد”.
لا يُمكنني العيش دون ماء
“يمكنني أن أعيش بدون أفوكادو لكنني لا يمكن أن أعيش بدون ماء” جُملة أثارت جدلا كبيرا في الفضاء الرقمي، بعد قولها تحسرا من طرف أحد مواطني البُرتغال، خلال برنامج وثائقي نُشر على القناة الألمانية dw، يخص الحديث عن عن هذه الزراعة وما تُخلفه من معاناة بعض المزارعين مع منتجي هذه الفاكهة، وكذا ما تُجنيه على الفرشة المائية من استنزاف، يُهدد المواطنين؛ وهي الجملة التي أصبحت تتداول بكثرة في المغرب، في الآونة الأخيرة، للتعبير عن ما وُصف بـ”خطورة الوضع و خطورة استنزاف الفرشة المائية بالبرتغال التي تتوفر على كميات مياه أكبر بكثير من المغرب”.