شركة بريطانية تعلن انطلاق عملية استخراج النفط من حقل “انزكان”..طوق النجاة الذي يتشبث به شعب يواجه أزمات اقتصادية وفقراً

0
317

كان الإعلان عن بداية التنقيب عن البترول في مناطق مختلفة من المملكة المغربية قبل أكثر من عشر سنوات، بمثابة طوق النجاة الذي يتشبث به شعب يواجه أزمات اقتصادية وفقراً، إلا أن هذا الحلم سرعان ما بدأ يعلوه الضباب، خاصة مع “التعتيم” الذي يواكب هذه العملية، وتضارب التصريحات بشأن الاحتياطي المتوافر في جوف البلاد وقيمته بالمقارنة مع تكاليف استخراجه.

أكادير (جنوب المغرب) – كشفت  شركة “يوروبا أويل آند غاز” البريطانية عن بدءها بشكل رسمي في عملية استخراج النفط من منطقة “إنزكان” البحرية قبالة سواحل أكادير.

وقدرت الشركة احتياطي الحقل الذي تبلغ مساحته 11,228 كلم مربع، بأكثر من ملياري برميل.

وأشارت الشركة أن الحقل يقع على نفس الاتجاه الجيولوجي الذي أدى إلى اكتشافات كبيرة للنفط والغاز على طول الساحل الغربي لإفريقيا، مع وجود خزانات وصخور مشتركة مع منطقة غرب إفريقيا الخصبة.

وسبق للشركة حصلت على 75 في المائة من رخصة التنقيب على النفط في هذا الحقل سنة 2019، فيما يحتفظ المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن بنسبة 25 في المائة منها.

ما زاد المغاربة “تشوقاً” إلى انضمام بلدهم لقائمة الدول المنتجة للبترول، الارتفاع المتوالي لأسعار المحروقات في الآونة الأخيرة، خاصة بعد قرار للحكومة يقضي بتحرير أسعارها بشكل كُلي وإخضاعها للتقلبات الدولية.

وفي حين كان ثمن اللتر الواحد من المحروقات ثابتاً عند أربعة دراهم (نحو نصف دولار) في 2011، صار اليوم متأرجحاً ما بين 11 و12 دراهم، أكثر من دولار وربع وأكثر قليلاً للتر الواحد، وهو الثمن الذي يراه المواطنون مرتفعاً جداً بالنظر إلى قدرتهم الشرائية.

ويعزو مختصون هذا الارتفاع الكبير على مستوى أسعار المحروقات في المغرب، إلى كون البلاد تستورد 93 في المئة من احتياجاتها النفطية من الخارج، ما يكلفها 13 مليار دولار.

وتشكل المحروقات نسبة 20 في المئة من مجموع واردات البلاد، ما يجعلها “تستنزف” جزءاً غير يسير من ميزانية الدولة، خاصة مع دعم الحكومة هذه المنتجات.

ويعمل المغرب على تعزيز قطاع الطاقات المتجددة، خاصة “الريحية” والشمسية منها؛ وذلك للتغلب على تقلبات أسعار المواد النفطية والحفاظ على البيئة.

– تشجيع على التنقيب..

وعلى الرغم من سعيه للحصول على طاقة نظيفة، فإن المغرب يطمح إلى أن يصبح من الدول المنتجة للبترول، الأمر الذي جعله، ومنذ نحو أربع أو خمس سنوات، يفتح الباب أمام الشركات المختصة بالتنقيب عن النفط.

ولهذا الغرض، قدمت الحكومة المغربية إغراءات غير مسبوقة لشركات التنقيب عن النفط، وصلت لدرجة إعفائها بشكل كامل من الضرائب مدة عشر سنوات، بداية من تاريخ استغلال الآبار المكتشفة.

وألغى المغرب أيضاً الرسوم المفروضة على معدات التنقيب والاستخراج، وما يستلزمه من سلع، كما طرح أيضاً على هذه الشركات الاستفادة من نسبة مهمة من عائدات البترول في حال العثور عليه، خلال العمليات التي تجري على مساحة آلاف الكيلومترات في البلاد.

وعلى الرغم من التفاؤلات الرسمية بشأن انخراط المغرب في الدول المصدّرة للبترول، إلا أن اليأس بدأ يتسلل إلى قلوب المغاربة بعد طول مدة التنقيب، دون الإعلان عن أي نتيجة ملموسة.

وكلفت عمليات التنقيب عن البترول في البلاد، منذ سنة 2000، ما مجموعه 25 مليار درهم مغربي (دولار أمريكي = 9.75 دراهم مغربية).

وقال رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، قبل سنتين، إن الميزانية العمومية لم تسهم سوى بـ4 في المئة من مجموع الاستثمارات، موضحاً أن شركاء البلاد أسهموا بنسبة 96 في المئة.

وبدا رئيس الحكومة متفائلاً بشأن عمليات التنقيب، لكنه تجنَّب التعليق عما يتم الإعلان عنه بخصوص عمليات الإنتاج وتقدُّمها.

وأورد العثماني أن حجم الاستثمارات في مجال التنقيب عن النفط بلغ سنة 2017، ما قدره ملياران و242 مليون درهم للشركاء، و27 مليون درهم لفائدة المكتب الوطني للهيدروكاربورات (حكومي).

وغطَّت عمليات البحث عن الهيدروكربونات (المواد المكونة من الكربون والهيدروجين) مساحة إجمالية تُناهز 170 ألف كيلومتر مربع.

وعن التوقعات المستقبلية، لفت العثماني الانتباه إلى حفر 6 آبار استكشافية، منها 4 في حوض الغرب، وأشار إلى تسجيل مؤشرات غازية في 3 منها.

أما التنقيب عن النفط، فتُورد المعطيات الحكومية أن الأشغال بدأت سنة 2017 ما مجموعه 43 هدفاً، منها 12 مشروعاً في إطار الشراكات، ويتم إنجاز هذه الأشغال بمناطق الأطلس الكبير والصغير ووادي الذهب وأوسرد والراشيدية وفكيك وجرادة، وكذا في كل من الخميسات ومكناس وأزيلال والرحامنة والناضور.

– شكوك..

ويرافق تفاؤلَ المسؤولين المغاربة، تشاؤمٌ وتوجس لدى فئة واسعة من المواطنين المغاربة، خاصة لطول فترة التنقيب التي تغلفها الحكومة بنوع من التكتم، وأيضاً بسبب تصريحات حكومية سابقة تتحدث عن احتياطي “عظيم”، تم نفيها فيما بعد.

وفي عام 2000، أعلنت الدولة المغربية، على لسان وزير الطاقة والمعادن آنذاك، يوسف الطاهري، اكتشاف احتياطي مهمّ من البترول بالبلد، يُقدّر بـ1.5 مليار برميل في مجموعة من الآبار، لكن الخبر نُفي فيما بعدُ، لتتحول الفرحة إلى سخط، بعدما تبين أن الأمر يتعلق بكذبة من إحدى شركات التنقيب.

وسبق لشركة أخرى أن أعلنت عن اكتشاف آبار نفطية، وصفتها بـ”الهامة”، في السواحل المغربية، مؤكدةً أن عملية الإنتاج ستبدأ بعد أربع سنوات من تصريحها آنذاك، إلا أن الشركة توقفت عن العمل وغادرت البلاد، بعدما تبين أن الأمر لم يكن سوى “بروباغاندا” تجارية.

وعام 2012، قالت إحدى الشركات الأسترالية إنها عثرت على حقل ضخم يحتوي على أكثر من 3.2 مليارات برميل، لكن لم يظهر شيء من ذلك إلى يومنا هذا.

وصارت السلطات المغربية، في أعقاب هذه “الفقاعات” التسويقية، أكثر حذراً من قبل، فلم تعد تتبنَّى أياً من الأخبار التي تتداولها الشركات على مواقعها الإلكترونية، والتي تبين أن الغاية الوحيدة منها، هي رفع أسهمها في البورصة.

ويلفت الخبراء الماليون بالمغرب إلى أن الأخبار المتداولة بخصوص الاكتشافات النفطية في المغرب، لا يجب تصديقها إلا إذا كانت صادرة عن جهة رسمية.

وفي هذا الصدد، يوضح الخبير المالي طيب أعيس، أن شركة التنقيب عن النفط حينما تعلن وجود الغاز أو البترول في مكان ما، فالهدف الأول من ذلك هو إظهار خبرتها في هذا المجال.

وأوضح في تصريح سابق، أن الشركات تقوم بأشبه ما يمكن وصفه بأنه إشهار غير مباشر لهذه الشركات، ما يعمل على رفع أسهمها في البورصة.