أكّد الرئيس التنفيذي لشركة “نيوميد إينرجي” الإسرائيلية العامة في مجال الطاقة، يوسي أبو، عن استعداد مؤسسته للاستثمار في عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في الصحراء بالمغرب، وقال إن “المغرب سيصبح مستقبلا مركزا للطاقة بسبب استقراره وتنوع المصادر التي يعتمدها” مشيرا إلى “الصحراء المغربية عبارة عن خزان كبير للغاز الطبيعي”
وخلال مشاركته في أشغال ندوة حول البدائل الممكنة لمواجهة أزمة الطاقة، ضمن فعاليات المنتدى العالمي للاستثماري الذي تنظمه “جيروزاليم بوست” بمدينة مراكش، قال أبو إن المغرب “في وضع مثالي ليصبح مركزا عالميا للطاقة، نظرا لاستقراره وجغرافيته وقربه من أوروبا، مبرزا أن مؤسسته تضع ضمن أولوياتها الاستثمار في مختلف مجالات الطاقة بالمملكة.
وذكر الرئيس التنفيذي لشركة “نيوميد إينرجي” الإسرائيلية أن المغرب سيصبح مستقبلا مركزا للطاقة بسبب تنوع المصادر التي يعتمدها.
وأشار، إلى أن الصحراء المغربية عبارة عن خزان كبير للغاز الطبيعي، ونعمل على استقطاب رؤوس الأموال للاستثمار بشكل أكبر في مجال الطاقة بالمغرب.
وأضاف بحسب ما نقلت عنه مواقع عبرية: “نعتقد أن المغرب لديه إمكانيات هائلة لاكتشاف الغاز الطبيعي، خاصة في الصحراء المغربية ونريد أن نكون لاعبا مهما في المغرب ونحن قادمون للاستثمار”.
وأكد أن شركته تضع ضمن أولوياتها الاستثمار في مختلف مجالات الطاقة بالمغرب.
و”نيوميد إينرجي” هي أقوى شركة للطاقة في إسرائيل، واستثمرت خلال العقد الماضي 12 مليار دولار في هذا المجال بما يشمل عمليات الاستكشاف والتطوير والتنقيب والإنتاج والبيع، ولديها اتفاقيات ربط غير مسبوقة مع كل من الإمارات والأردن، وأضافت لها اتفاقية مع الإمارات العربية المتحدة بعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين هذه الأخيرة وإسرائيل.
وعبرت الشركة عن رغبتها في دخول مجال الاستثمار بقوة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما في ذلك المغرب، وتشارك في عمليات التطوير الشامل لمشاريع الهيدروجين الأخضر والأزرق في المنطقة، وفي فبراير الماضي نقلت وكالة “رويترز” عن يوسي أبو قوله إنها دخلت في عملية متقدمة للحصول على تراخيص استكشاف الغاز الطبيعي في المملكة.
ودخلت “نيوميد” في تحالف مع “إينلايت” الإسرائيلية للدخول بقوة في مجال التنقيب عن الغاز الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مبرزة أنها تركز على دول بعينها هي المغرب والإمارات والبحرين، إلى جانب مصر والأردن اللتان تعمل معهما منذ مدة، والمثير في في الأمر أنها وضعت نصب عينها الاستثمار في المجال الطاقي بالمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان رغم عدم وجود أي علاقات رسمية لهما مع تل أبيب.
باحث فرنسي يشكك في الغاز المغربي.. ويصف الاكتشافات بـ”المخاطرة”
وأوضح بيرين -المتخصص في الطاقة، مدير الأبحاث في “أي آر أي إس” IRIS، وهي مؤسسة فكرية فرنسية تعمل على موضوعات جيوسياسية وإستراتيجية مستقلة- أنه “لحلّ المشكلة لا بد من الاتجاه إلى الاستثمار وتطوير الإستراتيجيات على المدى الطويل، أمّا على المدى القصير، فليس أمام المغرب إلّا خيار استيراد الوقود الأحفوري، ليحلّ محلّ الغاز الجزائري، أو استيراد الكهرباء من القارّة الأوروبية”.
وقال نصًا خلال حواره الصحفي: “هناك احتمال غير مؤكد طويل المدى باكتشاف حقول غاز جديدة في المغرب، ليس هناك ما يضمن حدوث ذلك، فالاعتماد على الاستكشاف هو مخاطرة كبيرة”.
حقل غاز أنشوا
لم تمر سوى 20 يومًا فقط على تصريحات الباحث الفرنسي، حتى جاء الرد من باطن الأرض، إذ أعلنت شركة شاريوت البريطانية في 10 يناير/كانون الثاني الجاري نتائج إيجابية بعد بدء الحفر في حقل أنشوا المغربي.
وقالت الشركة البريطانية إن أعمال التقييم والاستكشاف لبئر أنشوا-2، ضمن ترخيص “ليكسوس” قبالة الساحل المغربي، أظهرت زيادة كبيرة في احتياطيات الغاز المغربي.
وكانت الشركة قد توقعت أن احتياطي اكتشافات الغاز في المغرب تتعدى تريليون قدم مكعبة، بما يمثل زيادة قدرها 148% مقارنة مع التقدير السابق، وتشمل 361 مليار قدم مكعب من الموارد الطبيعية المؤكدة، و690 مليار قدم مكعبة من الموارد المحتملة.
ومن المقرر أن تجري الشركة تقييمًا لاحتياطيات البئر -التي تمتلك فيها حصة 75%، في حين يمتلك المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن المملوك للدولة المغربية النسبة المتبقية 25%- بعد الانتهاء من عمليات جمع البيانات، والانتقال إلى مرحلة التحليل، لتقييم مستويات الغاز المتوافرة.
وأظهر التقييم الأولي لمعطيات البئر، التي يُتوقع أن تُوضع على خطوط الإنتاج خلال 2024، وجود تراكم للغاز على مستوى بئر “أنشوا-2” بسمك إجمالي صافٍ قدره 100 متر، موزع على 6 مناطق، يتراوح سمكها بين 8 و30 مترًا لكل منها.
اكتشاف كرسيف
مع توقف إمدادات الغاز الجزائري، خرج العديد من الخبراء بتصريحات تؤكد أن أراضي المملكة المغربية تحتضن إمكانات نفطية وغازية ضخمة غير مستغلة، وكيف لا يكون ذلك وجارتاها الجزائر وموريتانيا، اللتان تشترك معهما في العديد من الخصائص، تمتلكان احتياطيات مؤكدة ضخمة.
ولعل ما أكده الخبير المغربي في مجال النفط والصناعة الطاقية، الحسين اليمني، خير دليل على ذلك، عندما قال تصريحات صحفية: “لا يمكن أن تكون أعماق المغرب عاقرة لهذه الدرجة، ونحن سنستغل الطاقات الموجودة في الصحراء والجنوب والشمال”.
فبعد نحو أسبوع من إعلان شركة شاريوت اكتشاف حقل غاز أنشوا، جاء المدد مرة أخرى من شركة بريداتور أويل آند غاس البريطانية التي أعلنت اكتشافات ضخمة في ترخيص كرسيف، الذي تمتلك فيه نسبة 75% والمكتب الوطني للهيدروكربونات والمناجم 25%.
ونشرت الشركة البريطانية نتائج تقييم مستقل لبئر إم أو يو-4، عقب النتائج الإيجابية لعمليات حفر بئر إم أو يو-1، مع التعهد أنه بمجرد إثبات الاحتياطيات وتطوير البئر، ستدرس بجدية تصنيع الغاز الطبيعي المضغوط في الموقع.
وبلغ التقدير الإجمالي المسبق للمشروع 393 مليار قدم مكعّبة من الغاز المغربي، مع امتلاك بريداتور نحو 295 مليار قدم مكعّبة، بناءً على استخراج الغاز بنسبة 66% على مدار 13 عامًا.
وبناءً على تقدير الغاز الموجود في البداية للخزانات الأكثر سمكًا في اكتشاف بئر إم أو يو-4، فإن صافي الاحتياطيات المنسوبة إلى بريداتور يعكس نحو 708 مليارات قدم مكعّبة من الغاز.
اكتشافات الغاز المغربي
تعوّل الرباط على اكتشافات الغاز في المغرب، خاصة في حقل أنشوا وغرسيف، لتأمين جزء كبير من احتياجاتها المحلية من الغاز الطبيعي المسال، في ظل الأزمات الدبلوماسية مع جارتها الجزائر.
ومؤخرًا، أبرم المكتب الوطني للكهرباء والماء في المملكة عقدًا مع شركة ساوند إنرجي البريطانية، يمهّد لبدء عمليات استخراج وبيع وتصدير ما يقرب من 350 مليون متر مكعب سنويًا من غاز حقل تندرارة المغربي، لمدة 10 سنوات.
اكتُشف حقل تندرارة المغربي عام 1966، ومن المتوقع بدء الإنتاج منه خلال العام الجاري، ويتطلب تطويره حفر ما يقرب من 8 آبار، وتشير التوقعات إلى وصول الإنتاج من الحقل ذروته عام 2026، بما يُقدَّر بـ151 ألف برميل يوميًا من النفط الخام والمكثفات، بالإضافة إلى 50 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز الطبيعي، مع استمرار إنتاج الحقل حتى عام 2067.
ولعل اكتشافات الغاز في المغرب تكون أبلغ رد على الباحث الفرنسي الذي زعم أنه لا يوجد إنتاج بالغ الأهمية للغاز في المغرب، وأنه من غير المؤكد أن تكون هناك اكتشافات غازيّة أخرى بخلاف حقل تندرارة.
وتعمل الرباط خلال المدة الأخيرة على تسويق اكتشافات الغاز في المغرب، لزيادة إنتاج البلاد الذي يُقدر بنحو 10 ملايين قدم مكعّبة يوميًا من الحقول البرية التي تديرها في الغالب شركة إس دي إكس البريطانية شمال شرقي الرباط.
كانت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب ليلي بنعلي قد أكدت -في تصريحات سابقة أمام البرلمان- أن إنتاج بلادها من الغاز سيصل إلى 110 ملايين متر مكعب في 2021، في الوقت الذي يبلغ استهلاكها السنوي مليار متر مكعب، أي أن الإنتاج لا يتجاوز 11% من إجمالي الاحتياجات المحلية نتيجة ضعف كثافة الآبار.
وقالت إن شركات عالمية تعمل حاليًا للتوصل إلى اكتشافات الغاز في المغرب على مساحة تبلغ نحو 283 ألفًا و600 كيلومتر مربع، عبر 9 رخص استغلال، و53 رخصة استكشاف، منها 26 في المجال البحري، باستثمارات تُقدر بنحو 27 مليار درهم (2.98 مليار دولار).
وأكدت وزيرة الطاقة أن الأحواض الرسوبية المغربية غير مستكشفة بما فيه الكفاية، كون أن معدل كثافة الآبار في كل 10 آلاف كيلومتر مربع لا يتجاوز 4 آبار بالمقارنة مع المعدل العالمي الذي يناهز 1000 بئر.
وقالت بنعلي -وقتها- إن احتياجات بلادها من الغاز الطبيعي ستتضاعف 3 مرات إلى نحو 3 مليارات متر مكعب بحلول عام 2040، إذ تتطلع البلاد إلى الغاز المسال لتعزيز انتقالها المنخفض الكربون ومعالجة الإمدادات غير المنتظمة من مصادر الطاقة المتجددة.