الأمن الغذائي في خطر، والميزانيات بالمليارات… فلماذا تتهرّب الحكومة من التحقيق البرلماني؟ وأين اختفت وعود الرفاه الزراعي؟
في تدخلٍ ناريّ تحت قبّة البرلمان، وجّه عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي المعارض، انتقادات لاذعة لـ”مخطط المغرب الأخضر”، واصفاً إياه بـ”الاختلال الكبير الذي ساهم في ضرب الأمن الغذائي والمائي للمغاربة”، بل مضى أبعد من ذلك حين اعتبر أن هذا المخطط، الذي انطلق سنة 2008، بات يخدم مصالح ضيّقة ويتحوّل تدريجياً إلى أداة انتخابية تستغلها جهات مقرّبة من السلطة استعداداً لمعركة 2026.
من التنمية الزراعية إلى العطش الجماعي
تساءل شهيد، بنبرة ساخطة، كيف يعقل أن يُقدّم هذا المخطط، منذ انطلاقه، بوصفه مشروعاً تنموياً طموحاً، بينما يكتشف المغاربة بعد سنوات أنه ساهم في تفاقم أزمة الماء، عبر تشجيع الزراعات التصديرية المُستنزِفة للفرشة المائية، مثل البطيخ والأفوكادو؟ أين كانت الحكومات المتعاقبة حين تم توجيه الدعم العمومي نحو هذا النوع من الزراعات، بينما الفلاح الصغير يعاني الإقصاء والتهميش؟
الدعم العمومي في خدمة لوبيات سياسية؟
الأخطر في تدخل شهيد، والذي لم يلقَ ما يكفي من التغطية الإعلامية، هو اتهامه المباشر للحكومة الحالية – دون تسميتها – بتحويل الدعم الفلاحي نحو استيراد رؤوس الماشية من الخارج، في عملية غامضة تفتقد للشفافية، وقال إن هذه العملية “تشتمّ منها رائحة الإعداد المسبق للاستحقاقات المقبلة”، مشيراً إلى أن جهات سياسية تستغل المال العام لبناء قواعد انتخابية.
أين نتائج تقييم المخطط الأخضر؟
طرح شهيد سؤالاً جوهرياً لا يمكن تجاهله: أين نتائج تقييم مخطط المغرب الأخضر؟، ولماذا لم يُعلَن عنها حتى الآن؟ وإذا كانت الوزارة تعتبر المخطط ناجحاً، فلماذا هذا التكتّم؟ وإن كانت نتائجه كارثية، فلماذا لم يُفتح نقاش وطني شفاف حول مآلاته؟
هل تحوّل الأمن الغذائي إلى رهينة للولاءات السياسية؟
الأخطر في ما طرحه شهيد ليس فقط انتقاد السياسات الزراعية، بل ربطها بتخريب الثقة في المسار الديمقراطي. حين تتحوّل الإعانات والمشاريع التنموية إلى أدوات بيد “شبكات الولاء”، فإننا لا نتحدث فقط عن فشل في التدبير، بل عن تهديد مباشر لنزاهة الانتخابات المقبلة. وهذا ما دفع فريقه إلى المطالبة بإحداث لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول الدعم الموجه لاستيراد الماشية.
أسئلة مفتوحة أمام الرأي العام:
-
لماذا تُصرّ الحكومة على الصمت إزاء هذه الاتهامات الخطيرة؟
-
من المستفيد من الإبقاء على الضبابية في توزيع الدعم الفلاحي؟
-
هل يمكن أن تُفتح أبواب المحاسبة قبل أن تُغلق صناديق الاقتراع؟