شيخ جماعة” العدل والاحسان” استفحال الفساد والتهميش ونهب مستمر للثروات من قلة فاسدة

0
418

الرباط – نظمت جماعة “العدل والإحسان”، اليوم السبت، ندوة حوارية حول “المغرب وسؤال المشروع المجتمعي”، بمناسبة تخليد الذكرى التاسعة لرحيل إمام الجماعة عبد السلام ياسين.

طرح محمد عبادي الأمين العام لجماعة “العدل والإحسان” في كلمة ألقاها بالمناسبة أين يتجه المغرب؟، سؤال بشفقة وحرقة.

https://www.yassine.net/ar/2021/12/سؤال-الدولة-والحكم-في-ندوة-الذكرى-التا/

وأضاف ” ألا يعلم القائمون على شأن البلاد أن سياستهم المتبعة بن عورها، وأن الحلول الترقيعية من تغيير الدساتير الممنوحة وانتخابات مزيفة وحكومات تتعاقب على السلطة بدون سلطة ومن ديمقراطية شكلية صنعت لتلميع وجه المغرب بالخارج”.

وتابع ” وفي الوضع الداخلي لا صوت يعلو فوق صوت التعليمات ومن مبادرات للتنمية فاشلة، وهذه السياسة لم تعد تجدي نفعا لعلاج المشاكل المتفاقمة لأن الظلم ازداد استفحالا، والفقر دائرته تتوسع يوما بعد يوم لأن ثروات البلاد تنهبها فئة قليلة من المتنفذين الفاسدين”.

وزاد ” الذين يطالبون بحقوقهم يقمعون ويمنعون ويزج بهم في غياهب السجون، والوضع الاجتماعي مأساوي، فظاهرة البطالة والمحسوبية والزبونية والرشوة والدعارة والانتحار، أصبحت حديث المجالس”.

وأكمل بالقول ” أما التعليم والتطبيب فحدث عن فسادهما ولا حرج، أما الأئمة الصادقون فقد زحزحوا عن المنابر وفسح المجال للوعظ البارد المنوم المدجن المراقب”.

وأشار عبادي أن ما يزيد الطين بلة هو ما نعيشه هذه الأيام من اختراق صهيوني لكل مجالات حياتنا للإجهاز على مل تبقى من قيم المجتمع ومقوماته، ومبادئه فهل من تدارك للأمر قبل فوات الأوان؟ وهل من سبيل للخلاص؟.

وأوضح أن “الإمام عبد السلام ياسين أرقه ما يعانيه المغرب من ويلات وما يتخبط فيه من مشاكل، وما تعانيه الإنسانية جمعاء، لأن مشروعه مشروع إنساني بمعنى الكلمة، لذلك وضع خطة محكمة فيها خلاص للفرد والجماعة والأمة من شأنها أن تسهم في إنقاذ البلاد والنهوض بها من هذا الوضع المزري”.

ولفت إلى أن مشروع العدل والإحسان لا يزعم لنفسه الكمال والعصمة، فصاحبه وضعه للمدارسة والمناقشة والأخذ والرد والتعقيب والتصويب، لكنه يملك من مقومات النجاح ما ينافس به كل المشاريع.

تأسست جماعة “العدل والإحسان”، المغربية نهاية سبعينيات القرن الماضي، على يد الشيخ عبد السلام ياسين (1928 ـ 2012). وتعتبرها السلطات “جماعة محظورة”، فيما تقول “العدل والإحسان”، إنها حصلت على ترخيص رسمي في الثمانينيات.

وبغض النظر عن الصيغة القانونية للجماعة، وحتى عن طبيعتها الدينية إن كانت جماعة سلفية أو صوفية أو إخوانية، أو إن كانت جماعة دينية لا علاقة لها بالسياسة، فإن “العدل والإحسان” كانت وإلى وقت قريب تمثل ثقلا سياسيا مهما في المغرب، وأسهمت إلى حد كبير في الضغط من أجل الوصول إلى دستور العام 2011، الذي فتح صفحة سياسية جديدة في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر، بدخول الإسلام السياسي ممثلا في حزب العدالة والتنمية رسميا إلى المنافسة على الحكم.

إلا أن الجماعة ومنذ رحيل زعيمها المؤسس الشيخ عبد السلام ياسين، وعلى الرغم من سلاسة التغيير القيادي داخلها، حيث تولى قيادتها محمد العبادي بمنصب الأمين العام للجماعة، وظل لقب المرشد العام للجماعة ملتصقا بمؤسسها الشيخ عبد السلام ياسين، على الرغم من ذلك فإن أداء الجماعة السياسي قد أصابه الفتور، وغاب قادتها تقريبا عن المشهدين السياسي والإعلامي.. 

الظاهر في سلوك الجماعة السياسي منذ رحيل الشيخ عبد السلام ياسين أنها تحرص على تطويق محاور التوتر مع السلطة، وتجمد كل تكتيكاتها السابقة في التموقع في بؤرة الصراع الاجتماعي، لكن ما يخفى هو الكيفية التي تدير بها صراعاتها وتوتراتها الداخلية، فثمة تيار داخل الجماعة، يؤمن بالخط الياسيني بشكل أرثودوكسي، ولا يقبل إحداث أي تغيير فيه، ولو بشكل عملي، وهو يشترط وجود الشيخ المرشد، بذات الأدوار التربوية والروحية، التي كان الشيخ ياسين يقوم بها، بل ويطلب بعض أطيافه إجراء تقييم شامل للمسار السياسي للجماعة، والأخطاء التي ارتكبتها من جراء وضع البيض كله في كفة السياسة، وإخلاء الثغر التربوي، وإضعاف جلسات النصيحة، التي راهنت عليها الجماعة لبناء التربية الإيمانية.

وثمة في المقابل، نخب وسطى (من الطبقة الوسطى وأطر الجماعة)، براغماتية، أصبحت تعتقد أن إرث الشيخ ياسين، يحول دون تقدم الجماعة سياسيا، وأنه، من الأفضل التعاطي معه بشكل عملي، من خلال قيادة براغماتية، تهدئ جبهة الصراع مع السلطة، وتبقي على وحدة الجماعة، باللعب على خطين، خط الانكفاء التربوي الذي يرضي التيار الياسيني الحرفي، والصمت السياسي، الذي يرضي الطرفين: التيار الياسيني التربوي الذي ينتقد التضخيم السياسي في عمل الجماعة، والنخب البراغماتية، التي تعتبر الصمت في هذه المرحلة أفضل بكثير من إحماء جبهة الصراع مع السلطة السياسية. أي أنه يمارس المراجعة العملية لخط الشيخ، ويظهر الصرامة الفكرية في عدم الانزياح عنها.

ولذلك، فالتقدير أن صمت “العدل والإحسان” إذا تم النظر إليه في سياق تحولي، أي بمقارنة مع ما دأبت عليه الجماعة من إظهار مواقفها، والحضور الإعلامي الكثيف، والتموقع في صلب التوترات الاجتماعية، فهو يعكس تدبيرا داخليا للأزمة، وتحولا إيجابيا في العلاقة بالسلطة.

قيادة العدل والإحسان، تدرك أن خط الشيخ ياسين، حقق ذروته في مرحلة ابتلائه السياسي، أي مرحلة إدخاله لمستشفى المجانين، ثم مرحلة اعتقال مجلس الإرشاد، والإقامة الجبرية للشيخ ياسين، وأن المنحنى التنازلي للجماعة بدأ مع رسالة “إلى من يهمه الأمر”، وتعمق مع فشل رهان رؤية 2006، وأن كل الجهود التي قامت بها الجماعة، لامتصاص الأزمة، فشلت، وأن منسوب استقطابها وتمددها، قد وصل إلى مستويات متدنية، وأن اللحظة التي قدرت فيها الجماعة أنها ستعيد الوهج والألق لخطها (أي مرحلة الحراك) ارتدت إلى العكس، بعد انسحاب الجماعة من مكونات الحراك، وفقدانها لصورتها، وأن وفاة الشيخ ياسين لم تكن صدمة لها، بل إيذانا بدخول براديغمها الحركي إلى دائرة الشك والمساءلة، إن لم نقل بلوغه إلى منتهاه.

دعم التشاد للرباط في ملف الصحراء انتصار جديد للدبلوماسية المغربية