اصبحت أكادير كبرى مدن الجنوب المغربي، محطة نزال سياسي وانتخابي بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية، لكون المنطقة معقلا لكلا الحزبين على المستوى الاجتماعي والعرقي لأغلب قيادات الحزبين.
وحسم عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الإثنين، ترشحه وكيل لائحة حزبه في الانتخابات المحلية ببلدية أكادير، بعدما كان مترددا في قراره النزول في الانتخابات التشريعية في تزنيت التابعة لأكادير، أم يترشح على رأس لائحة الجماعة الترابية للمدينة، رغم أن قيادة الحزب كانت ترجح انتخابه على المستوى البرلماني كي يعزز من حظوظ حزبه لنيل رئاسة الحكومة.
المشاكل بين الحزبين ليست جديدة ولم تنطلق باتهامات الأمس، فقد بدأت مباشرة بعد الانتخابات الماضية.
هذا المناخ العام الذي ظل مكتوما منذ مدة، خرج إلى العلن بعد أن هاجم صالح المالوكي رئيس الجماعة الترابية لأكادير، في تدوينة له على صفحته الرسمية “فايسبوك”، أن ما فاه به أخنوش من التزامات في لقاءه أمس الاثنين 16 غشت الجاري بمدينة أكادير لتقديم برنامجه الانتخابي ” بعيد عن الحقيقة، ومجرد متمنيات ووعود غير مؤسسة، لكل عارف بحقيقة التدبير الجماعي و صلاحيات الجماعات، وهو لا يميز بين اختصاص الجماعة واختصاص رئيس الحكومة”.
وقال المالوكي إن ما قدمه أخنوش في برنامح” بعيد عن الحقيقة، ومجرد متمنيات ووعود غير مؤسسة، لكل عارف بحقيقة التدبير الجماعي و صلاحيات الجماعات”.
وأضاف المالوكي في تدوينته أن “النوايا قد تكون حسنة والإرادة واقعة، لكن هذا وحده لا يكفي. فينبغي أن يميز بين البرنامج الانتخابي الذي غالبا ما يجنح إلى الطموح ولا يكتسي الدقة المطلوبة، خصوصا إذا كان وضعوا البرنامج بعيدين عن تدبير الجماعة وعن معطياتها وإكراهاتها.
وعاب المالوكي على أخنوش ملامسة برنامجه لقطاعات لا يمكن للجماعة أن تتدخل فيها. وبسط في ذلك مثالا لقطاع الصحة الذي يعرف كل المنتخبون الجماعيون الذين مروا من المدينة الخصاص به، لكنهم كانوا ولا زالوا لا يملكون لا الصلاحيات و لا الإمكانيات لمجابهة هذا الخصاص، وان كانت لهم ايادي بيضاء في الترافع و المساعدة حسب الإمكان”. وزاد موضحا: ما قلته عن الصحة ينطبق على التشغيل الذي تحدث عنه أخنوش في كلمته.
وأقر المالوكي بأن “أكادير عانت لسنين ولم تستفد من دعم القطاعات الحكومية كغيرها من المدن، لكن اليوم يرجع الفضل لصاحب الجلالة نصره الله الذي أعطاها انبعاثا جديدا من خلال اتفاقية التهيئة الحضرية التي وقعت أمامه. كما لا يمكن أن ننسى فضل المجلس الجماعي الحالي الذي بحنكته و اجتهاده وفر أموالا مهمة كبداية لهذه الاتفاقية كما انخرط بكل منتخبيه وموظفيه وامكانياته لإنجاح هذا البرنامج التاريخي”.
وزاد موضحا: اليوم أكادير ليست أرضا خلاء والرجوع الموضوعي إلى ما أنجز وينجز يؤكد ذلك.
ونبه رئيس جماعة أكادير أخنوش إلى أن “البرنامج الحقيقي لجماعة أكادير هو الاجتهاد لتوفير الأموال لصالح هذا البرنامج مع تدارك بعض الخصاص في الأحياء، خصوصا الهامشية أما ما هو مهم فقد سطر على الأقل للسنوات الثلاث القادمة”.
ولم يفت المالوكي توجيه رسائل مبطنة لغريم حزبه أخنوش قائلا: أنا من الذين يؤمنون بالديمقراطية والتداول فلا يمكن ألا ان نرحب بكل واحد يدخل الساحة بشرط تكافؤ الفرص و التنافس الشريف، والصدق تجاه الساكنة، ولاشك أن هذا هو الذي سينفع الوطن والمواطنين”، وفق تعبيره..
ويرى مراقبون أن أخنوش انطلق انتخابيا وتواصليا من منطقته لترسيخ تواجده وتشكيل نفوذ كبير في هذه المنطقة لتأمين قواعده الانتخابية كاستراتيجية لهزم العدالة والتنمية، في وقت يركز العدالة والتنمية على العنصر القبلي والديني لمنازلة زعيم التجمع الوطني للأحرار الذي اعتمد سياسة تواصلية يرى أنها ستفي بالغرض الانتخابي.
وفي اجتماع ترأسه أخنوش بأكادير الشهر الماضي، أكد أن حزبه واع بضرورة تغيير الطريقة التقليدية في العمل السياسي، بما يحترم ذكاء المواطن وتعطشه للمساهمة أيضا في صناعة القرار، مؤكداً أن الأحرار حزب يلتزم بما يقدمه من حلول.
ويتطلع حزب التجمع الوطني للأحرار إلى تصدر الانتخابات التشريعية المقبلة كي يمر إلى مستوى التكليف بتشكيل الحكومة، وحتى ينتزع من العدالة والتنمية السبب الانتخابي للبقاء على رأس الحكومة.
وتنظم لأول مرة بالمغرب الانتخابات البرلمانية والجماعية (البلدية) في نفس اليوم، ما يشكل ضغطا إضافيا على العدالة والتنمية الذي يناضل من أجل نيل منصب عمدة المدينة ورؤساء البلديات، وهو ما يعمل الأحرار لنسفه على مستوى كل المناطق التابعة لجهة أكادير.
ويشتد التنافس الحاد بين الحزبين في المنطقة كون أغلب القيادات السياسية الهامة للحزبين تنتمي إلى جهة سوس ماسة.
وستكون مدينة أكادير مركزا للتنافس الشديد بين التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية، حيث عرفت إنزالا انتخابيا للأحرار بإطلاق حملته الانتخابية منها، لتقوم قيادات حزب العدالة والتنمية بالرد عبر حملة مقابلة من نفس المدينة وبالهجوم على غريمهم الأحرار.
وفي خضم صراعهم السياسي انتقد التجمع الوطني للأحرار الهجوم المتواصل لقيادات العدالة والتنمية، على جمعية “جود” بسبب توزيعها المساعدات الرمضانية، مؤكدا أن ما يتعين أن يتم الانتباه إليه هو “المؤسسات التي تصرف المال العام في مساعدات توزع بشعارات الأحزاب. كما يتعين ‘الحذر’ من المال الذي يأتي من دول أجنبية ويوظف لخدمة أجندات سياسية ودينية”.
وتتهم قيادات العدالة والتنمية أخنوش، باستعمال إمكانيات المصالح التابعة لوزارة الصيد البحري التي يقودها، من أجل استمالة الناخبين في تجاوز للمقتضيات القانونية ذات الصلة، بغرض التأثير على التنافس الانتخابي .
وكانت الأمانة العامة للعدالة والتنمية قد حذرت، من انزياح بعض رجال السلطة، سواء بدعم طرف سياسي معين على حساب باقي الأطراف أو بالتخويف من الانتماء أو الترشح باسم حزب العدالة والتنمية.
ورد أخنوش على خطاب العدالة والتنمية، بقوله إن أكبر دليل على عدم صحة ما يقولون هو أننا اشتغلنا كثيرا خاصة في الجهات التي لم نتوفر فيها على برلماني واحد لثلاث ولايات متتالية، وذلك واضح من خلال أكبر مشروع في القارة الأفريقية لتحلية المياه من أجل الزراعة.
ويعتمد حزب التجمع الوطني للأحرار على الأعيان لترسيخ مكانته انتخابيا في أغادير وملحقاتها الترابية، حيث ركز الحزب على إبراهيم حافيدي، وكيلا للائحة التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وذلك لنفوذه في المنطقة، رئيس مجلس جهة سوس ماسة في الانتخابات البرلمانية عن دائرة أغادير إداوتنان.