رفض المغرب و الجزائر محاولة جديدة للوساطة برعاية إسبانيا بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريدة ونظيره الجزائري رمطان لعمامرة، خلال اجتماع الاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة.
مدريد – ذكرت صحيفة “إلموندو” الإسبانية، اليوم الإثنين، أن المغرب والجزائر أدارا ظهريهما إلى منتدى الاتحاد من أجل المتوسط الذي انعقدت جلسته اليوم في مدينة برشلونة بحضور ممثلي ووزراء خارجية أكثر 40 بلدا، الأمر الذي يُخيب المساعي التي كان يهدف إليها وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس.
وحسب ذات المصدر، فإن ألباريس كان يسعى للقاء نظيره المغربي، ناصر بوريطة، خلال فعاليات هذا المنتدى من أجل مناقشة إرساء علاقات التعاون الديبلوماسي بين الرباط ومدريد، ووضع حد للأزمة الديبلوماسية التي كانت قد نشبت بين البلدين بين أبريل وغشت الماضيين، والعمل على إعادة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها وعودة السفيرة المغربية إلى مدريد.
وقالت صحيفة “الباييس” الإسبانية، إن وزير الخارجية الجزائري “اعتذر عن المشاركة في آخر لحظة” لنظيره الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، وأوضحت الصحيفة نقلا عن مصادر دبلوماسية، أن لعمامرة قرر عدم التنقل إلى إسبانيا، لتزامن اجتماع الاتحاد من أجل المتوسط مع منتدى التعاون الإفريقي الصيني في السنغال يومي الاثنين والثلاثاء.
ووصف وزير الخارجية الجزائري، في تغريدة على حسابه الخاص في “تويتر”، منتدى التعاون الإفريقي الصيني بأنه “فرصة لتقييم تنفيذ برامج التعاون مع جمهورية الصين وتكييفها لتجاوز مخلفات جائحة كورونا، وكذا تجديد التزامنا المشترك للحفاظ على مصالح إفريقيا”.
لقاءات وجلسات عمل مع العديد من نظرائي المشاركين في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني-الافريقي. ارادة مشتركة لتعزيز التعاون مع الصين بما يتوافق وأهداف أجندة الاتحاد الافريقي 2063 "افريقيا التي نريد". pic.twitter.com/CfAGgDQ7oo
— Ramtane Lamamra | رمطان لعمامرة (@Lamamra_dz) November 30, 2021
ويشكل غياب الوزير الجزائري مسألة أقل أهمية، لأن ألبارس التقى به بالفعل في 30 شتنبر في الجزائر العاصمة ويوم 21 أكتوبر في طرابلس (ليبيا)، وفي المرتين كان هدفه ضمان تدفق الغاز إلى إسبانيا بعد إغلاق الأنبوب المار من المغرب في فاتح نوفمبر. لكن غياب الوزيرين المغربي والجزائري سيمنع معالجة الأزمة التي تفاقمت منذ غشت مع انهيار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وكان الوزير الإسباني يرغب في فعل ذلك على هامش الاجتماع.
كما أشارت إلموندو، أن ألباريس كان يسعى أيضا للتوسط بين المغرب والجزائر، في محاولة لحل الخلافات بين البلدين، خاصة في قضية الغاز الذي قررت الجزائر الاستغناء عن الأنبوب الناقل العابر للمغرب نحو إسبانيا والاعتماد على خط ميدغاز الوحيد المباشر من الجزائر إلى إسبانيا بالرغم من التهديدات المحدقة بهذا القرار.
وللقيام بهذه المساعي، تضيف إلموندو، أن ألباريس كان يود لقاء ناصر بوريطة، ووزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، إلا أن الوزيرين المغاربيين لم يحضرا لهذا الاجتماع، مشيرة إلى أن بوريطة برر عدم مشاركته بتوجهه إلى العاصمة السينغالية دكار للمشاركة في القمة الصينية الإفريقية.
وقالت الصحيفة الإسبانية المذكورة في ذات التقرير، أن مدريد بالرغم من مساعيها لإنهاء الخلاف مع المغرب والتوسط بين الرباط والجزائر، إلا أنها لم ترد التأكيد على حضورهما، بسبب التوتر القائم بينهما، حيث كان متوقعا أن الوزيرين سيغيبان عن هذا الاجتماع في برشلونة.
وكان وزير الخارجية الإسباني قد برمج مبادرة للوساطة بين المملكة المغربية والشريفة و الجزائر والحديثة خلال انعقاد منتدى الاتحاد من أجل المتوسط، وقال حينها إن “المغرب والجزائر شريكان أساسيان لإسبانيا وللاتحاد الأوروبي، ومعهما نبني العلاقة في البحر الأبيض المتوسط. وخلال يومي 28 و29 نوفمبر الجاري ستحتضن برشلونة اجتماعا لاتحاد المتوسط، حيث سنبحث هذه القضايا. نحن في اسبانيا سنعمل دائما من أجل الانفراج ومن أجل حسن الجوار ومن أجل التعاون لبناء البحر الأبيض المتوسط. الحوار أساسي في هذا الشأن”.
هذا ولازال الغموض يلف طبيعة العلاقات الديبلوماسية بين المغرب وإسبانيا إلى حدود الساعة، حيث أنه بالرغم من أن جلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله أعلن في غشت الماضي، في خطاب ثورة الملك والشعب، انتهاء الأزمة مع مدريد، إلا أن العلاقات ظلت محدودة في تصريحات إيجابية بين الطرفين دون عقد أي لقاء مباشر بين مسؤولي البلدين.
كما أن السفيرة المغربية لدى مدريد، كريمة بنيعيش، لازالت لم تعد إلى منصبها منذ شهور، مما يطرح العديد من علامات الاستفهام عن طبيعة العلاقات الثنائية بين الطرفين، حسب “الصحيفة” المغربية.
اتحاد المتوسط شراكة متعددة أنشأت عام 2008 بهدف تقوية التكامل الإقليمي والتأسيس للسلام والديمقراطية والتعاون في منطقة المتوسط. رئاستها مشتركة بين رئيس ينتمي إلى الاتحاد الأوروبي وآخر ينتمي إلى إحدى الدول المتوسطية الشريكة. يضم الاتحاد المتوسطي 43 عضوا هي دول الاتحاد الأوروبي ودول اتحاد المغرب العربي، إضافة إلى مصر والأردن وسوريا وإسرائيل وتركيا وموناكو وألبانيا والبوسنة وكرواتيا والجبل الأسود.