قضية المهدوي ووهبي: مرآة لواقع مركب
أعادت قضية الصحفي حميد المهدوي مع وزير العدل عبد اللطيف وهبي طرح التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الإعلام والسلطة في المغرب. المهدوي، الذي واجه استدعاءات قضائية متعددة بسبب شكاوى الوزير، أصبح رمزًا لحالة التوتر المتكرر بين الطرفين.
في أولى القضايا، حُكم على المهدوي بالسجن سنة ونصف مع تغريمه 150 مليون سنتيم، وهي عقوبة أثارت استياءً واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية.
وفي قضية أخرى، تتهمه النيابة العامة بنشر “ادعاءات ووقائع غير صحيحة بسوء نية”، مما يزيد من تعقيد المشهد ويطرح تساؤلات جوهرية حول حدود حرية التعبير ودور الإعلام في مراقبة السلطة.
الإعلام والسلطة: هل هي مواجهة محتومة؟
يتكرر الجدل في المغرب حول العلاقة بين الإعلام والمسؤولين، خاصة مع زيادة القضايا المرفوعة ضد الصحفيين. هذه القضايا تثير تساؤلات عميقة:
-
هل تسعى السلطة إلى تقييد الإعلام المستقل؟ يرى البعض أن الملاحقات القضائية تهدف إلى كبح الأصوات الناقدة للسياسات العامة، خصوصًا تلك التي تركز على مساءلة المسؤولين.
-
أين تنتهي حدود النقد وتبدأ الشائعات؟ الخط الفاصل بين النقد البناء والتشهير غالبًا ما يكون غامضًا، ما يُعقّد أي محاولة لتحديد المسؤوليات بشكل دقيق.
من منظور المسؤولين، الدفاع عن سمعتهم ومواجهة الشائعات قد يُعتبر حقًا مشروعًا، لكن هذا المنطق يمكن أن يتحول إلى أداة لإسكات النقد إذا لم يُمارس بضوابط.
الديمقراطية وحرية الصحافة: معايير تحت الاختبار
تمثل قضية المهدوي ووهبي اختبارًا للنضج الديمقراطي في المغرب:
-
حرية الصحافة كركيزة أساسية: الصحافة المستقلة مسؤولة عن كشف الاختلالات وتصحيح مسارات السياسات العامة. أي تضييق على هذا الدور يُضعف الثقة بين الدولة والمجتمع.
-
دور القضاء: القضايا المرفوعة ضد الصحفيين تتطلب مقاربة قضائية توازن بين حرية التعبير وحقوق الأفراد، مع الالتزام بمبادئ الشفافية والعدالة.
-
مسؤولية الإعلام: يجب على الصحفيين أن يمارسوا دورهم المهني بأعلى درجات المسؤولية، لتجنب الوقوع في فخ الادعاءات غير المدعومة بالأدلة.
نحو علاقة أكثر توازنًا
بدلًا من الدخول في صراع دائم، يمكن للإعلام والسلطة بناء علاقة أكثر توافقًا:
-
الحوار بديلًا للمواجهة: تحتاج الأطراف المعنية إلى قنوات حوار مباشرة تعزز التفاهم وتحد من التوتر.
-
تعزيز أخلاقيات المهنة الإعلامية: يمكن للإعلام أن يؤدي دوره بفعالية إذا التزم بالمعايير المهنية التي تحترم الحقائق وتبتعد عن التجاوزات.
-
سياسات حكومية أكثر شفافية: الانفتاح على النقد وإشراك الإعلام في مراقبة تنفيذ السياسات العامة يعززان الثقة المتبادلة.