صرخة في وجه العبودية الحديثة: استغلال العاملات الفلاحيات في المغرب ومسؤولية الجميع

0
96

أثار الفيديو الذي نشرته الناشطة الحقوقية مايسة الناجي موجة من الجدل حول قضية تعد من أبرز مظاهر الفقر والتهميش في المغرب: استغلال العاملات الفلاحيات في القطاع الزراعي.

الفيديو لم يكن مجرد سرد لمعاناة، بل كان صرخة مدوية ضد واقع يصفه البعض بأنه شكل من أشكال العبودية الحديثة.

واقع العاملات الفلاحيات: معاناة يومية وسط غياب الحقوق

تعاني آلاف النساء العاملات في القطاع الفلاحي من ظروف عمل قاسية. بأجور لا تتعدى 80 درهمًا يوميًا، تعمل هؤلاء النساء في ضيعات زراعية دون الحد الأدنى من الحقوق الأساسية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن وسائل النقل غير الآمنة التي تُستخدم لنقلهن غالبًا ما تكون سببًا في حوادث مأساوية، تؤدي إلى وفاة العديد منهن سنويًا.

تحدثت الناجي في الفيديو عن “حياة الماعز”، تعبيرًا عن المعاناة اليومية لهذه الفئة. أشارت إلى مشاهد مأساوية لعاملات يتم حشرهن في شاحنات متهالكة، وكأن حياتهن لا تساوي شيئًا في أعين المشغلين.

قصص حقيقية: الواقع كما يعيشه هؤلاء النساء

“حياة”، عاملة زراعية في العشرينيات من عمرها، تحكي كيف تضطر للاستيقاظ قبل الفجر للانتقال من قريتها إلى المزرعة. تقول:“ننتقل في شاحنات مكتظة، نعمل طوال اليوم تحت الشمس الحارقة، وفي النهاية بالكاد نكسب ما يكفي لإطعام أطفالنا. نعيش بلا تأمين صحي، وعندما تقع حوادث، لا نجد من ينصفنا.”

التحديات: قوانين غائبة وعدالة اجتماعية مفقودة

رغم وجود قوانين العمل التي تضمن الحد الأدنى من الحقوق، إلا أن التطبيق يبقى غائبًا في المناطق الريفية. أشارت الناجي إلى أن النقابات والمنظمات الحقوقية غالبًا ما تغض الطرف عن هذه المأساة، مما يعمق الشعور بعدم وجود حماية أو دعم لهذه الفئة الهشة.

إشكاليات رئيسية:

  1. ضعف الرقابة: غياب دور وزارة الفلاحة في مراقبة ظروف العمل بالضيعات.

  2. تواطؤ الصمت: تقصير النقابات ومنظمات المجتمع المدني في الدفاع عن العاملات.

  3. غياب العدالة الاجتماعية: برامج التنمية لا تشمل الفئات الأكثر تهميشًا، ما يجعل العاملات في مهب الأزمات الاقتصادية.

مقارنات دولية: ماذا يمكن أن نتعلم؟

تجارب دول مثل البرازيل والهند تشير إلى إمكانية تحسين أوضاع العاملات الفلاحيات من خلال مبادرات محددة مثل:

  • إطلاق برامج حكومية تضمن الحد الأدنى من الأجور.

  • إنشاء صناديق تأمين خاصة للعاملات الزراعيات.

  • تشجيع التعاونيات النسائية لتعزيز الإنتاجية والاستقلالية المالية.

مطالب حقوقية: حلول قابلة للتطبيق

مايسة الناجي قدمت مطالب واضحة لتحسين أوضاع العاملات، أبرزها:

  1. رفع الأجور اليومية إلى 200 درهم: لضمان عيش كريم.

  2. إدماج العاملات في نظام التأمين الصحي: لحمايتهن من الأمراض الناتجة عن العمل.

  3. تحسين وسائل النقل: من خلال توفير وسائل آمنة وإنسانية.

  4. إطلاق مبادرات تنموية: تشمل التدريب، توفير العقود القانونية، وتشجيع المقاولات الاجتماعية.

أسئلة مفتوحة: مسؤولية من؟

هذا الملف يطرح العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات واضحة:

  • أين دور وزارة الفلاحة والسلطات المحلية في فرض رقابة صارمة على أرباب العمل؟

  • كيف يمكن تفعيل قوانين العمل في المناطق الريفية؟

  • هل تتحمل النقابات مسؤولية كافية في الدفاع عن حقوق هؤلاء النساء؟

  • ما هي الخطط المستقبلية لضمان العدالة الاجتماعية والاقتصادية في القطاع الفلاحي؟

خاتمة: العدالة ليست خيارًا بل ضرورة

ما أثارته الناشطة مايسة الناجي ليس مجرد قضية محلية، بل اختبار حقيقي لقدرة المغرب على تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل أزماته الاقتصادية المتفاقمة. تحسين أوضاع العاملات الفلاحيات يجب أن يكون جزءًا من رؤية شاملة للتنمية المستدامة، حيث لا يمكن الحديث عن تقدم في ظل استمرار هذه الأوضاع.

هذا الموضوع يستدعي ليس فقط تضامنًا حقوقيًا، بل تحركًا فعليًا من كافة الأطراف المعنية لوضع حد لهذا الواقع المؤلم.