أثارت صفقة أشار لها موقع “نيشان” المغربي جدلاً واسعًا حول إدارة المال العام في المغرب، بعدما أطلقت جهة مراكش-آسفي، بقيادة سمير كودار من حزب “الأصالة والمعاصرة”، طلب عروض دولي لصالح وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الشباب، ممثلة بالمديرية الجهوية. الصفقة، التي تركز على استضافة “المنتدى العربي حول العمل التطوعي والمشاركة المجتمعية” المقرر عقده في نوفمبر المقبل، واجهت انتقادات حادة بسبب التكاليف المرتفعة لاختيار وسائل النقل والخدمات، مما أعاد إلى الأذهان تجاوزات سابقة شهدتها صفقات مماثلة، مثل كوب 22.
الاختيارات الباهظة: بين ضرورات التنظيم ومقتضيات التقشف
وركزت الانتقادات على قرار وزارة مهدي بنسعيد، المسؤولة عن المشروع، بتأجير سيارات فاخرة مثل مرسيدس كلاسيك S وسكودا سوبيرب، بالإضافة إلى حافلات سياحية فاخرة، بدلاً من استخدام أسطول السيارات الحكومي. يأتي هذا في وقت دعت فيه المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى ترشيد النفقات ضمن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.
غياب الشفافية في التكاليف: لماذا لم يتم الإفصاح عن الأسعار؟
في سياق هذا الجدل، استغربت مصادر “نيشان” من عدم الإفصاح عن الأسعار ضمن “دفتر التحملات” الخاص بالصفقة، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى الشفافية والنزاهة في إدارة المال العام. إذا كانت الأسعار غير مذكورة في الوثائق الأولية، فهل ستلتزم الجهات المعنية بتقديم معلومات شاملة في مراحل لاحقة لضمان توافق العملية مع معايير الشفافية؟ ولماذا لم يتم توضيح التكلفة الإجمالية بشكل مفصل لضمان نزاهة العملية؟
اللجوء إلى طلب عروض دولي: خطوة نحو الجودة أم تجاهل للخبرات المحلية؟
من جهة أخرى، تساءلت المصادر نفسها عن سبب لجوء الوزارة وجهة مراكش-آسفي إلى إطلاق طلب عروض دولي مفتوح بدلاً من الاستفادة من المقاولات المحلية التي تمتلك خبرات قارية ودولية في تنظيم الفعاليات. في ظل وجود العديد من الشركات المغربية المتخصصة في تقديم خدمات عالية الجودة بأسعار تنافسية، هل كان من الضروري اللجوء إلى شركات أجنبية، أم أن هناك اعتبارات أخرى كانت وراء هذا القرار؟
التسيب في إدارة المال العام: من يحاسب؟
تطرح هذه الصفقة وغيرها من الصفقات المثيرة للجدل تساؤلات حول التسيب في إدارة المال العام في المغرب، ومدى قدرة المؤسسات على مراقبة هذا النوع من الإنفاق الضخم. في ظل غياب الشفافية والمحاسبة، كيف يمكن ضمان أن الأموال العامة تُستخدم بشكل يخدم مصلحة المواطنين؟ وهل تتطلب هذه الحالات تدخلاً عاجلاً من الجهات الرقابية لضمان عدم تكرار هذه التجاوزات؟
المنتدى العربي: حدث دولي أم فرصة لهدر المال العام؟
مع اقتراب موعد استضافة المنتدى العربي حول العمل التطوعي والمشاركة المجتمعية، يظل السؤال الأكبر هو: هل ستسهم هذه الفعالية في تعزيز صورة المغرب على الساحة الدولية، أم ستكون مجرد مثال آخر على هدر المال العام وسوء الإدارة؟ ومع تصاعد الانتقادات، هل سيكون هناك تحقيق شفاف في هذه الصفقة لتحديد المسؤوليات وضمان عدم تكرار هذه التجاوزات؟