“ضعف المعارضة البرلمانية في المغرب: بين نتائج انتخابات 2021 والاستهداف من الحكومة والأغلبية”

0
375

شهدت جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس النواب المغربي مؤخرًا انسحابًا لفرق المعارضة والمجموعة النيابية، مما أثار تساؤلات حول أسباب هذا التصرف وتداعياته. عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، صرّح بأن هذا الانسحاب جاء رفضًا لما وصفه بـ”العبث” الذي يشهده البرلمان.

أسباب انسحاب المعارضة

بووانو أوضح ثلاثة أسباب رئيسية للانسحاب:

  1. استهداف المعارضة: أشار بووانو إلى استهداف واضح ومباشر للمعارضة من قِبَل الحكومة، بل ومن الأغلبية أيضًا، مما يعوق عمل المعارضة في البرلمان.

  2. تعطيل آليات الرقابة: بووانو أضاف أن آليات الرقابة المتاحة للمعارضة، مثل المادة 152، لم تُفعل سوى مرتين خلال سنتين ونصف، بينما كانت تُفعل أربع مرات أسبوعيًا في السابق. هذا التقييد يحد من قدرة المعارضة على ممارسة دورها الرقابي بفعالية.

  3. تسيير البرلمان: أشار بووانو إلى أن التسيير الحالي للبرلمان لا يرقى إلى مستوى المؤسسة التي تمثل الأمة المغربية، منتقدًا طريقة إدارة الجلسات ورفض الحكومة للإجابة على أسئلة هامة تشغل الرأي العام.

أسباب ضعف المعارضة في المغرب

ما يحصل للمعارضة في المغرب يمكن تفسيره من خلال عدة عوامل:

  1. هيمنة الأغلبية الحكومية: الأغلبية الحكومية القوية تسيطر على جدول الأعمال وآليات الرقابة، مما يصعب على المعارضة التأثير بشكل فعال.

  2. التحديات الداخلية: المعارضة قد تعاني من انقسامات داخلية وضعف القيادة، مما يضعف من موقفها الجماعي.

  3. الضغوط السياسية: المعارضة تواجه ضغوطًا من الحكومة وجهات أخرى، مما يحد من حريتها في العمل.

  4. نقص النصاب: نقص المقاعد اللازمة في البرلمان يمنع المعارضة من تحقيق انتصارات تشريعية أو تفعيل آليات الرقابة.

  5. الدعم الشعبي والإعلامي: المعارضة قد تفتقر إلى الدعم الشعبي والتغطية الإعلامية اللازمة لنقل رسائلها بشكل فعال.

  6. العلاقات الدولية: الضغوط الدولية قد تؤثر على قدرة المعارضة على العمل بحرية.

ما يحدث في البرلمان المغربي ليس نتيجة لسبب واحد، بل لمجموعة من العوامل المتداخلة. لتقوية المعارضة وتحسين أدائها، يجب عليها معالجة مشاكلها الداخلية، وزيادة التنسيق مع القوى الشعبية والإعلامية، والسعي لتعزيز الآليات الديمقراطية في النظام البرلماني. في الوقت نفسه، على الحكومة أن تتعامل بجدية مع مطالب المعارضة وتفتح باب الحوار لحل القضايا العالقة، مثل أزمة طلبة الطب، لضمان استقرار سياسي يخدم مصلحة الجميع.




نتائج انتخابات 2021 في المغرب بالفعل لعبت دورًا كبيرًا في إعادة تشكيل الخريطة السياسية وإضعاف المعارضة البرلمانية. الانتخابات شهدت تغييرات جذرية في توازن القوى بين الأحزاب السياسية، مما أثر بشكل مباشر على قوة المعارضة في البرلمان. إليك بعض العوامل التي ساهمت في هذا الوضع:

1. نتائج الانتخابات

الانتخابات البرلمانية لعام 2021 أدت إلى هزيمة كبيرة لحزب العدالة والتنمية، الذي كان يشغل موقعًا بارزًا في الحكومة السابقة. حصوله على عدد قليل من المقاعد مقارنة بالأحزاب الأخرى، مثل التجمع الوطني للأحرار الذي تصدر الانتخابات، أضعف من قوة المعارضة البرلمانية بشكل كبير.

2. القاسم الانتخابي

تغيير نظام القاسم الانتخابي في المغرب كان له تأثير كبير على توزيع المقاعد. هذا النظام الجديد يقسم عدد الأصوات الصحيحة على عدد المقاعد، مما يمنح الأحزاب الصغيرة فرصة أكبر للفوز بمقاعد، لكنه في الوقت نفسه يقلل من حظوظ الأحزاب الكبيرة في الحصول على نسبة كبيرة من المقاعد. هذا التغيير أثر على قدرة المعارضة على تجميع قوة كبيرة داخل البرلمان.

3. تفكك المعارضة

الهزيمة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية، إلى جانب الضعف العام الذي أصاب المعارضة، أدى إلى تفكك في الصفوف وعدم وجود قيادة قوية وموحدة. الانقسامات الداخلية بين أحزاب المعارضة، والصراعات بين أعضائها، أضعفت قدرتها على مواجهة الأغلبية الحكومية بشكل فعال.

4. هيمنة الأغلبية الحكومية

الأغلبية الحكومية المكونة من تحالف بين التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال، تمكنت من بسط سيطرتها على البرلمان. هذا التحالف القوي قلل من مساحة المناورة السياسية للمعارضة، وحصرها في دور أقل تأثيرًا.

5. الضغوط السياسية والإعلامية

الحكومة والأغلبية البرلمانية استخدمت وسائل مختلفة للضغط على المعارضة، بما في ذلك التحكم في أجندة البرلمان وتقييد آليات الرقابة، مما حد من فعالية المعارضة في مراقبة الحكومة وانتقاد سياساتها.

6. التحديات الداخلية في الأحزاب المعارضة

الأحزاب المعارضة تعاني من مشاكل داخلية تتعلق بالقيادة والاستراتيجية، مما يضعف من موقفها التفاوضي وقدرتها على تحدي الأغلبية الحاكمة.

خاتمة

نتائج انتخابات 2021 والقاسم الانتخابي الجديد كانت لهما تأثيرات كبيرة على المعارضة البرلمانية في المغرب. تراجع حزب العدالة والتنمية بشكل كبير، وعدم تمكن المعارضة من توحيد صفوفها، إلى جانب هيمنة الأغلبية الحكومية، جعل من الصعب على المعارضة أن تلعب دورًا مؤثرًا في البرلمان. لتحسين وضعها، تحتاج المعارضة إلى إعادة تنظيم صفوفها، وتحسين استراتيجياتها السياسية، والعمل على بناء تحالفات قوية تمكنها من التصدي بشكل فعال لسياسات الأغلبية.