“طبقوا الفيزا على الفرنسيين” ..حملة إلكترونية تطالب بفرض التأشيرات على الفرنسيين

0
304

تصدر وسم “طبقوا الفيزا على الفرنسيين” قائمة الأكثر تداولا على منصة “إكس” في المغرب، وسط استمرار الأزمة بين البلدين وتشديد باريس شروط منح التأشيرات للمغاربة.

تأتي هذه الخطة المغربية ، بعد أن رفضت فرنسا عشرات الآلاف من طلبات التأشيرات التي تقدم بها مغاربة رغم استيفائهم لجميع الشروط، في مسعى يشير إلى تسييس واضح من أجل انتزاع مكاسب سياسية واقتصادية وفي ردّ فعل أيضا على اتجاه المملكة لتنويع شركائها الدوليين خاصة مع تعديل الرباط بوصلة علاقاتها الخارجية باتجاه الولايات المتحدة وإسرائيل واكتسابها موقعا متقدما في العمق الإفريقي الذي يعتبر فضاء تقليديا للنفوذ الأوروبي.

وفي 28 سبتمبر/ أيلول 2021، أعلنت الحكومة الفرنسية تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس؛ بدعوى “رفض الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين (غير نظاميين) من مواطنيها”.

وفي ذات اليوم، استنكر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قرار فرنسا تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني بلاده، واصفا إياه بـ”غير المبرر”.

وفي تغريدة له على منصة “إكس”، دعا الناشط المغربي “سيمو بن” لفرض التأشيرة على السائحين الفرنسيين.

وأضاف في تغريدته، إن بلاده “تستقطب العديد من السياح من مختلف القارات، ومن الممكن أن تستغني عن السياح الفرنسيين”.

بدورها، اتفقت عائشة مينة مع “سيمو بن”، بضرورة فرض التأشيرة على الفرنسيين قائلة في تغريدتها: “هذا المطلب يأتي بسبب التصرفات المعادية لفرنسا تجاه المغرب”.

وعلى موقع “فيسبوك”، قال أحمد القاري، في تدوينة إن “المشاعر المغربية متأججة ضد سياسات التحكم والغطرسة من فرنسا تجاه المغرب”.

وتابع: “هذا أفضل وقت لشرح أضرار الفرنسة ومخاطرها وأثرها الخطير على التعليم والخدمات والاقتصاد في المغرب”.

بدوره، دعا ياسين الحداد في تغريدة على “فيسبوك” إلى ضرورة دعم هذه الحملة.

وتأتي هذه الحملة الإلكترونية بعد أيام من خطاب وجهه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغاربة، وأثار حالة من الجدل والاستياء في أوساطهم.

وبعد الزلزال الذي ضرب المغرب في 8 سبتمبر/ أيلول الجاري، بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، عرضت باريس مساعدتها في جهود الإنقاذ، غير أن الرباط لم تقبل المساعدة إلا من 4 دول هي بريطانيا وإسبانيا وقطر والإمارات، وهو ما فهم منه رفض باقي العروض بما فيها من فرنسا.

وأثار موقف الرباط من المساعدات الفرنسية جدلا كبيرا في البلد الأوروبي ما دفع الرئيس ماكرون إلى نشر كلمة مصورة عبر منصة “إكس” موجهة إلى المغاربة.

ورغم إقرار ماكرون في كلمته أن تنظيم المساعدات هو قرار سيادي للملك محمد السادس والحكومة المغربية، فإن توجهه بالخطاب مباشرة إلى الشعب المغربي أثار موجة استياء واسعة في الأوساط المغربية التي اعتبرت خطابه “حنينا إلى الحقبة الاستعمارية”.​​​​​​​

ومع قرار تشديد فرنسا قيودها على منح تأشيرات للمغاربة، ظهر التوتر العلني بين البلدين وتعزز بعدم تبادل الزيارات الدبلوماسية حيث كانت آخر زيارة لوزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في ديسمبر/ كانون الأول لعام 2022.

ويشير موقع “فيزا شنغن إنفو” المختص في معلومات تأشيرات أوروبا إلى أن الدول الأوروبية رفضت خلال عام 2021 وحده نحو 157 ألف طلب للحصول على تأشيرات من مغاربة بنسبة 27.6 في المئة من إجمالي الطلبات.

وأفاد بأن المغرب يأتي في المرتبة الخامسة بين أكثر الدول طلبا لتأشيرات أوروبا، لكنه سجل أعلى معدل رفض بينها، فيما تتراوح نسبة الرفض لمواطني البلدان الأربعة بين 2.7 و16.9 بالمئة.

ويرى حقوقي مغربي أن أوروبا تتخذ التأشيرات كورقة ضغط للحصول على امتيازات سياسية واقتصادية، ضمن صراع القوى العالمية لا سيما بين فرنسا من جهة، الأكثر رفضا لطلبات المغاربة، والصين من جهة أخرى.

وقال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أكبر جمعية حقوقية غير حكومية في البلاد) إن “مسألة التأشيرات كانت متوقعة منذ بداية صعود اليمين في مجموعة من الدول الأوروبية (بينها إيطاليا والسويد وبولندا)”.

وأوضح أن “الحرب ضد التأشيرات للمغاربة لإرضاء الأوروبيين كانت واضحة وتصاعدت الظاهرة بشكل كبير في الآونة الأخيرة”، مضيفا أن “مسألة التأشيرات تدخل في ميزان سياسات الأحزاب الأوروبية من جهة، فضلا عن فقدان أوروبا لكثير من مواقعها على الصعيد الدولي ومحاولتها أن تبين أنها قوة كبيرة ما زالت مرغوبة من مجموعة أفراد من جهة ثانية”.
وانتقد غالي عدم حصول عدد كبير من المواطنين المغاربة على تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي وذلك رغم تحقيقهم لشروطها ما يدل على أن “القضية سياسية”.

وتشمل الأسباب الدافعة في قضية منع التأشيرات، وفق غالي، أن “أوروبا بدأت تطرح هذه القضية بالنظر إلى المنافسة الاقتصادية الكبيرة التي باتت تتعرض لها وتتخذ القضية كورقة ضغط على عدد من الدول كالمغرب”.

ومن المشروعات التي تهتم بها أوروبا التنافس على من يظفر بمشروع القطار الفائق السرعة ما بين أكادير (وسط المغرب) والدار البيضاء (شمال)، بين الصين وفرنسا.

وأضاف أن “باريس تعلم مدى ارتباط المغاربة بفرنسا وتحاول الضغط على المغرب، من خلال هذا الملف”، مشيرا إلى أن منظومة التعليم بالمغرب فرنكفونية (ناطقة بالفرنسية) ويرتبط مصير عدد كبير من الطلاب بفرنسا لإكمال دراستهم العليا، لذلك تحاول فرنسا استغلال التأشيرات للضغط على العائلات لتحقيق مصالح اقتصادية.

ووفق إحصائية أصدرها موقع “فيزا شنغن” في 21 فبراير/شباط الجاري أنفق المغاربة 3 ملايين يورو (نحو 3 ملايين و185 ألف دولار) في عام 2021 على طلبات تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي من دون أن يحصلوا عليها.

وعن الرد المتوقع من المغرب تجاه التصرف الأوربي، قال غالي إن “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطالب الحكومة المعاملة بالمثل تجاه فرنسا وهو ما يترجم سيادة الدولة”.

وأضاف أن “الجمعية توصلت لنحو 800 شكاية لمواطنين رفضت ألمانيا وبولونيا طلبهم، بينهم 60 مغربيا نجحوا في الحصول على عمل في شركات هناك وبعضهم قدم استقالته في المغرب لكن الحصول على مواعيد مغلق”.

وأعلنت فرنسا في 28 سبتمبر/أيلول الماضي تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس، لرفض دولهم إصدار تصاريح قنصلية لازمة لاستعادة مهاجرين فرنسيين.

ووصف وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الموقف الفرنسي الذي أضعف العلاقات بين الرباط وباريس بأنه “غير مبرر”، موضحا أنه جاء بسبب مسألة الهجرة وتسهيل المملكة عودة مغاربة مقيمين في فرنسا (بشكل غير قانوني) إلى بلادهم.

وفي 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي رحب بوريطة بالقرار الفرنسي القاضي بالعودة إلى منح تأشيرات الدخول للمغاربة، إلا أن وتيرة رفض الطلبات بقيت على حالها خلال الشهور الماضية.

وأشارت مصادر دبلوماسية في وقت سابق إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يرتكب خطأ بمجازفته بتوتير الأجواء مع المغرب أحد أهم الشركاء الاقتصاديين والشريك الإستراتيجي في مكافحة الهجرة والإرهاب، محذرين من ذهابه أبعد في التقارب مع الجزائر على حساب الشريك المغربي بسبب حاجة بلاده لبديل للغاز الروسي.