عبد الله الداودي يشعل منصة سلا ويعيد الاعتبار للفن الشعبي المغربي

0
77

280 ألف متفرج يهتفون باسم عندليب الأغنية الشعبية في ليلة استثنائية من ليالي موازين

في واحدة من أكثر ليالي مهرجان موازين إيقاعات العالم جماهيرية واحتفاءً، وقّع الفنان المغربي عبد الله الداودي على عرض استثنائي أمام جمهور فاق 280 ألف متفرج، غصّت بهم ساحة منصة سلا، في مشهد يُعيد للفن الشعبي المغربي اعتباره كرافعة فنية وثقافية لا تقل قيمة عن باقي الأنماط الموسيقية.

الداودي، الذي بات يُلقب بعندليب الأغنية الشعبية، لم يكتفِ بتقديم حفلة ناجحة فنيًا، بل صنع لحظة جماعية نادرة، تماهى فيها الآلاف مع صوته، ورددوا معه عن ظهر قلب أغانيه الشهيرة، من “باغي ننساها” إلى “مولاي عبد الله”، مرورًا بـ”مازال صابر على هبالها” و”ياك جاني تلفون”، في تجسيد واضح لما يمكن أن تفعله الأغنية الشعبية حين تخرج من أعماق الناس وتعود إليهم بنبض جديد.

عرض متكامل وهوية بصرية موحدة

ما ميّز الحفل أيضًا لم يكن فقط التفاعل الجماهيري الكاسح، بل الصورة البصرية الراقية التي حرص عليها الداودي رفقة طاقمه الفني والتقني. حيث ظهر فريق العمل، من موسيقيين إلى إداريين، بلباس مغربي تقليدي موحّد، في مبادرة تعكس احترامًا للهوية الثقافية المغربية وإصرارًا على تقديم الفن الشعبي بشكل يليق بجمهور موازين، وهي التفاتة لقيت استحسان الجمهور والمراقبين، ورفعت سقف التوقعات بشأن مهنية الفرق الشعبية المغربية.

لماذا اختير الداودي لإحياء إحدى أبرز سهرات موازين؟

اختيار عبد الله الداودي لإحياء الحفل ما قبل الأخير من المهرجان لم يكن محض صدفة، بل هو اعتراف بمكانته كأحد أبرز الفنانين الشعبيين في المغرب، وكتتويج لمسيرة فنية امتدت لسنوات، استطاع خلالها أن يرسّخ اسمه في قلوب الجماهير، ويجعل من كل إطلالة له حدثًا بحد ذاته. وقد أكدت مصادر من إدارة المهرجان أن اسم الداودي ظل حاضرًا بقوة ضمن قائمة الفنانين المرشحين لتأطير سهرات جماهيرية، لما يتمتع به من كاريزما فنية، وحضور ميداني واسع في الأحياء والمدن المغربية.

جمهور بالأرقام.. ورسائل ثقافية ضمنية

280 ألف متفرج ليسوا فقط رقمًا قياسيًا يُحسب للفنان، بل هو مؤشر على تعطش جمهور موازين لفنان يُشبههم في اللغة والإيقاع والمضمون. وسط جدل الفن المُعولم والاستعراض الغربي، يُعيد الداودي التوازن بتقديمه لفن مغربي أصيل، معاصر في التوزيع، شعبي في النكهة، لكنه متجذر في القيم الموسيقية المغربية الأصيلة.

كما يُطرح سؤال ضمني هنا: هل حان الوقت لإعادة الاعتبار للفن الشعبي داخل المؤسسات الرسمية، وتخصيص منصات أكبر لهذا اللون الذي لا يخبو بريقه رغم تغير الأذواق؟ يبدو أن جواب الجمهور في منصة سلا كان واضحًا.

خاتمة: من موازين إلى ذاكرة الجماهير

ليلة عبد الله الداودي في موازين 2025 لن تمر مرور الكرام. هي ليست فقط حفلة ناجحة، بل شهادة حية على أن الفن الشعبي، حين يُقدَّم باحترام، ويُصاغ بجودة، يمكنه أن يلمس القلوب، ويصنع الإجماع، بل ويحطّم الأرقام القياسية.
فعبد الله الداودي لم يصعد فقط إلى منصة موازين… بل صعد إلى ذاكرة شعبية متجددة، تنتظر فقط من يُخاطبها بلغتها الأصيلة.