عبد الله بووانو يهاجم وزير العدل: تقييد جمعيات مكافحة الفساد ‘تجاوز للمؤسسات والدستور

0
64

في جلسة حامية الوطيس بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، شن عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، هجومًا لاذعًا على وزير العدل عبد اللطيف وهبي، متهمًا إياه بتجاوز المؤسسات الدستورية والتعدي على حقوق الجمعيات الناشطة في مكافحة الفساد. جاءت هذه الانتقادات في سياق مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي أثار جدلاً واسعًا حول تقييد دور الجمعيات في الدفاع عن المال العام. فهل يُعتبر هذا المشروع محاولة لتقييد الحريات أم خطوة نحو تنظيم أكثر صرامة لمكافحة الفساد؟

المادة 3: انتهاك للدستور أم تنظيم للعمل الجمعوي؟

أثارت المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية جدلاً كبيرًا، حيث اعتبرها بووانو “اعتداءً على الدستور”. وأشار إلى أن الدستور المغربي ينص على دور الجمعيات في إطار الديمقراطية التشاركية، مما يمنحها الحق في المشاركة في إعداد وتقييم القرارات المتعلقة بالمال العام. وتساءل بووانو: “هل يُعقل أن نمنع جمعيات نزيهة من الدفاع عن المال العام بسبب وجود بعض الجمعيات غير الشريفة؟”

وزير العدل يتجاوز المؤسسات؟

انتقد بووانو تصريحات وزير العدل التي أعلن فيها عدم تجاوبه مع أي تعديلات على المادة 3، معتبرًا أن هذا الموقف “صعب وفيه تجاوز للمؤسسات والبرلمان”. وأكد أن التشريع من اختصاص البرلمان بموجب الدستور، مما يضع علامات استفهام حول مدى شرعية محاولات الوزير فرض رؤيته دون مراعاة للعمل البرلماني.

الحصانة البرلمانية: بين حرية التعبير والتجاوزات

تطرق بووانو أيضًا إلى موضوع الحصانة البرلمانية في مشروع القانون، مؤكدًا أن حرية التعبير والرأي محسومة دستوريًا ولا يجوز تجاوزها. وأشار إلى أن الحصانة الإجرائية هي ما يجب التركيز عليه، مستذكرًا الاعتداء الذي تعرض له برلماني من العدالة والتنمية عام 2012. وتساءل: “هل يُعقل أن نحد من حصانة البرلمانيين في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى حماية لتمثيل مصالح ناخبيهم؟”

مكافحة الفساد: تركيز على الجماعات الترابية وإغفال المؤسسات الكبرى

أعرب بووانو عن استغرابه من تركيز الجهود على مكافحة الفساد في الجماعات الترابية فقط، متجاهلاً المؤسسات والمقاولات العمومية التي تتعامل مع ميزانيات أكبر بكثير. وأشار إلى أن ميزانية الجماعات لا تمثل سوى 1% من ميزانية الدولة، مما يطرح تساؤلات حول أولويات مكافحة الفساد. وتساءل: “لماذا نركز على الجماعات بينما الفساد قد يكون أكثر انتشارًا في مؤسسات أخرى؟”

تفعيل توصيات الهيئات الرقابية

دعا بووانو إلى تفعيل توصيات الهيئات الرقابية مثل المفتشية العامة لوزارة الداخلية والمجالس الجهوية للحسابات، مؤكدًا على ضرورة منح هذه الهيئات استقلالية تامة في عملها. كما طالب بمنح النيابة العامة صلاحيات كاملة لتقييم جدية الشكايات المتعلقة بالفساد، بدلًا من تضمين مقتضيات تحد من ذلك في مشروع القانون.

تساؤلات مفتوحة:

  1. هل يُعتبر مشروع قانون المسطرة الجنائية محاولة لتقييد دور الجمعيات في مكافحة الفساد، أم أنه خطوة نحو تنظيم أكثر فعالية؟

  2. كيف يمكن تحقيق التوازن بين حماية المال العام وضمان استقلالية الجمعيات الناشطة في هذا المجال؟

  3. ما هي الآثار المحتملة لهذا المشروع على الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية؟

خاتمة:

الهجوم الذي شنه عبد الله بووانو على وزير العدل يسلط الضوء على التوترات القائمة بين السلطات التشريعية والتنفيذية في المغرب. بينما يؤكد بووانو على ضرورة احترام الدستور وحقوق الجمعيات، يبقى السؤال الأكبر: هل ستؤدي هذه الانتقادات إلى مراجعة المشروع أم أن الحكومة ستتمسك بموقفها؟ في النهاية، يبقى تحقيق التوازن بين مكافحة الفساد وحماية الحريات العامة التحدي الأكبر الذي يواجه صناع القرار في المغرب.