عزلة غير مسبوقة ..مواقف إسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة”من مقترح الحكم الذاتي” أضعفت أطروحة جبهة البوليساريو

0
275

جبهة البوليساريو تعيش حالة من الإرباك منذ إعلان الحكومة الاسبانية دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، حيث اقر كبير الانفصاليين بأن الجبهة لم تكن تتوقع مثل هذا القرار.

ذكرت مجلة “جون أفريك”، إن مواقف إسبانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، من مقترح الحكم الذاتي الذي يتبناه المغرب للصحراء تحت سيادته، مع تراجع دعم الدول المسائدة لجبهة الانفصاليين البوليساريو أضعف أطروحة الجبهة، مشيرا إلى قرب وضع تسوية لنزاع المفتعل حول قضية الوحدة الترابية للمغرب.

وأضافت المجلة، أنه بعدما كانت 84 دولة تعترف بالبوليساريو، في عام 1991، لا يوجد اليوم سوى 31 دولة تعترف بذلك الكيان الوهمي. ولكن بعيدًا عن الاعتراف الرسمي أو غير الرسمي بالجبهة، فإن الموقف المعروض حيال المفاوضات هو المهم، مشيرة أنه في الدبلوماسية، كل كلمة لها أهميتها.

في ذات السياق، حدد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة يوم 20 أبريل /نيسان الجاري، موعدا مناقشة ملف قضية الصحراء المغربية، وهي المرة الأولى التي يتطرق فيها إلى هذا الموضوع منذ حصد مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الذي تقدمت به الرباط في 2007 لدعم علني من ألمانيا وإسبانيا، وسيكون أعضاء المجلس على موعد مع الاستماع لإفادة الروسي أليكساندر غيفانكو، الممثل الخاص للأمين العام للمنظمة الأممية في المنطقة ورئيس بعثة المينورسو.

وسبق للمغرب، على لسان وزير الخارجية، ناصر بوريطة، أن دعا الدول الأوروبية إلى دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء، باعتباره الحل الوحيد الذي تدعمه الولايات المتحدة وفرنسا والدول العربية والإفريقية، ومؤخرا إسبانيا وألمانيا.

وكانت البوليساريو تراهن على ما تبقى من غطاء توفره بعض الدول إما تحت عنوان الحياد أو دعم ما يسمى حركا التحرر، لكن مع توالي الاعترافات الإقليمية والدولية بمغربية الصحراء، باتت الجبهة تشعر بأن بساط ‘شرعية’ زائفة يسحب من تحت أقدامها شيئا فشيء وأن هامش المناورة يضيق أكثر فأكثر.  

الجزائر تشترط الحصول على “توضيحات” حول الصحراء المغربية لإعادة سفيرها إلى إسبانيا.. بلاني “الأمر ليس مسألة غضب مؤقت للجزائر” سيزول مع مرور الوقت”

وقد ندد كبير الانفصاليين بـ”التحول الجذري” في موقف إسبانيا بعد الدعم الذي قدمته مدريد لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء وهو أمر بدد كل رهانات الجبهة الانفصالية وسلط الضوء على محدودية خياراتها إزاء مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة.

وقال إبراهيم غالي في المقابلة مع يومية ‘ال موندو’ الاسبانية إنه من “الواضح أنه تحول جذري لم نتوقعه من دولة هي السلطة القائمة على الإدارة بحكم القانون”، أي وفقا للقانون على عكس الأمر الواقع”، في الصحراء المغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة.

وأضاف غالي الذي لم يكن قد تحدث علنا بعد بشأن تغيّر موقف الحكومة الإسبانية “أشعر أنني كأي صحراوي يواجه هذا القرار الخطر للغاية”، فاسبانيا “تركتنا لمصيرنا في 1975 وبعد 47 عاما تفعل الشيء نفسه”.

وتابع “لطالما دافعت إسبانيا عن حل في إطار الأمم المتحدة على أساس قرارات” الأمم المتحدة، “ما يعني الدفاع عن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي لإكمال عملية نزع الاستعمار. ولهذا السبب لا نفهم تحول الحكومة الإسبانية الجذري”.

ولطالما أبدت مدريد حيادها قبل أن تعلن في 18 مارس/اذار الماضي دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية التي تعتبرها حاليا “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع”.

وسمحت البادرة هذه التي كانت الرباط تنتظرها بوضع حد لأزمة دبلوماسية كبرى مع مدريد مستمرة منذ عام تقريبا والتي نجمت عن استقبال إبراهيم غالي في إسبانيا في أبريل/نيسان من العام الماضي للعلاج من كوفيد.

وأكدت الحكومة الإسبانية التي تعرضت لانتقادات من أطراف مختلفة في إسبانيا، وأيضا من الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة بوليساريو، أنها لم تغير موقفها ولكنها اتخذت فقط “خطوة إضافية” من أجل المساهمة في حل النزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو منذ رحيل الإستان عام 1975.

وكشف صحيفة “الأحداث” المغربية أن إبراهيم غالي الذي لم يخف شعوره بخيبة أمل من الموقف الإسباني، تهرب خلال المقابلة مع الصحيفة الاسبانية من الردّ على أسئلة تتعلق بالتهم التي تلاحقه ومنها اتهامات بالاغتصاب والتعذيب وجرائم الحرب التي ارتكبها والتي أدت به إلى العدالة الإسبانية.

وكان من المتوقع أن تلقي السلطات الاسبانية القبض على غالي حين زار مدريد سرّا بوثائق دبلوماسية جزائرية مزورة لمحاكمته أو التحقيق معه في تلك الاتهامات لكن ترتيبات غامضة سمحت له بالمغادرة حيث أقلته طائرة جزائرية، بينما يحقق القضاء الاسباني حاليا في كيفية دخوله وخروجه ويتعقب حلقة الوصل التي سهلت له إجراءات الدخول والمغادرة.  

وامتنع غالي في المقابلة عن الرد على ثلاثة أسئلة تعلقت بما هو منسوب إليه من اتهامات ذات طابع جنائي وأيضا بشأن هجمات مفترضة نفذتها ميليشيا البوليساريو على المصالح الإسبانية كما كان الحال مع البحارة الإسبان الذين قتلوا في سبعينات القرن الماضي.

وسئل غالي ما إذا كانت الجبهة الانفصالية التي يقودها ستتعرض للمصالح الاسبانية على غرار ما فعلت في سبعينات القرن الماضي كرد على التحول في الموقف الاسباني، لكنه امتنع عن الإجابة تاركا الباب مواربا لكل السيناريوهات.

والطبيعة الإجرامية لجبهة البوليساريو تحتمل كل ردود الفعل فهي لم تتوان عن انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته مع المغرب برعاية أممية في تسعينات القرن الماضي كما أنها تواصل قمع معارضيه في مخيم تندوف خاصة منهم المؤيدين لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.